لكل السوريين

أم الغيث غيثينا.. إرث الأجداد للأبناء

فصل الشتاء، هو الفصل الذي يبعث الخير والطمأنينة في نفوس الناس، التي تتأمل دخول سنة جديدة مليئة بالحياة، ترتقبها أعيُن البشر، مستبشرة بهطول أمطار وفيرة، تنبت الزرع، وتؤمن الكلأ.

ويعتمد أغلب السكان على الزراعة، وتربية المواشي في تأمين معيشتهم، وتوفير مستلزماتها، زروع تنتج القمح والغلال، ومراعي تنبت غذاء للمواشي يعظم المردود، وتستمر حياة الحيوان.

وما إن يحل فصل الشتاء في أواخر شهر أيلول، تتطلع الأنظار إلى السماء راجية هطول الأمطار، ولكن إذا ما دخلت أشهر الكوانين (كانون الأول، والثاني) ، وانحسر المطر ، فإن ذلك يبعث الخوف والقلق في النفوس، ولابد في هذه الحالة من ممارسة طقوس الدعوة لهطول الأمطار.

ومن تلك الطقوس ” أم الغيث” التي تقابلها في الوقت الحالي صلاة الاستسقاء والتي تأتي بطلب من مديرية الأوقاف في وقت محدد، حسب ما تنصه الديانة الاسلامية.

وتأخذ أم الغيث طريقتين للقيام بها، الأولى وهي أن تقوم النساء بإلباس صبي أو بنت دون سن البلوغ ملاءة بيضاء تسدل على الوجه حتى الكعبين.

والثانية بصنع دمية خشبية على شكل صليب توضع علية الملاءة.

وفي كلتا الحالتين تجوب أم الغيث التي يرافقها الأطفال والنساء شوارع القرية أو الحي مرددين أهازيج خاصة بهذا الطقس:

أم الغيث غيثينا

بلي بشيت راعينا

راعينا حسن أقرع

النا سنتين ما نزرع

أم الغيث غيثينا بلي بشيت راعينا

وتطرق النساء والصبايا أبواب المنازل لجمع كمية من الحبوب والسمن والهكط مرددين:

تعطينا بالحفنة جوى القاع مندفنة

وتعطينا بالغربال يصبح ولدها خيّال

وتؤخذ هذه الكمية من الحبوب وتوضع في قدر تشعل تحته النار إلى أن ينضج ما بداخله وتسمى (السليجة) توزع على كل من يحضرها، ويمر بها، لتبعث التسامح والتضرع في القلوب، راجين بذلك أن يهطل المطر.

وهناك الكثير من الاعتقادات توارثتها شعوبنا في فترة من الزمن، بسبب كترة الشعوب والحضارات التي عرفها وادي الفرات، والتي مضت مخلفة آثارها ومعتقداتها في نفوس الناس تتوارثها جيلا بعد جيل.

تقرير/ صالح الاسماعيل