لكل السوريين

في ظرف عامان.. الإدارة الذاتية تُشرِّع نفسها نموذجا حقيقيا للخروج بسوريا إلى بر الأمان

على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها إلا أن الإدارة الذاتية تسعى بكافة إمكاناتها للارتقاء نحو الأفضل، ويتضح للمتابع للشأن السوري أن سبب المشكلات والعوائق التي تعترض عملها يعود للتدخلات الخارجية الساعية لإجهاض المشروع الديمقراطي المتبع منذ لحظة التأسيس.

استطاعت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا خلال عامين من تأسيسها على وضع القوانين الكفيلة بإدارة المجتمع وتنظيمه من كافة النواحي، إلى جانب تقديم الخدمات للمواطنين، ولكن مقابل عملها المستمر، فإن هناك صعوبات جمّة تصادفها.

والصعوبات الأساسية التي واجهت الإدارة الذاتية وما زالت تواجهها، بحسب الرئيسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية بيريفان خالد، هي أن المنطقة كانت مدَمّرة، وعانت من ويلات الحرب التي استمرت أكثر من 9 سنوات من وجود داعش وهجمات تركيا، وبهذا باتت البنية التحتية مدمرة في جميع القطاعات، إضافة إلى محاولات أطراف متعددة خلق الفتن بين مكونات المنطقة لإفشال الإدارة، مثلما حدث مؤخرًا في ريف دير الزور.

والتحدي الأكبر بحسب بيريفان، كان الهاجس الأمني وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وقالت في هذا السياق: “انتهينا من داعش جغرافيًّا، ولكن ما تزال المنطقة تعاني من تبعاته ومن فكره”.

والتحدي الآخر الذي تواجهه الإدارة الذاتية هو تأمين احتياجات النازحين، إذ استقبلت مناطق الإدارة الذاتية عشرات الآلاف من النازحين من مختلف المناطق السورية، ومع العدوان التركي واحتلاله لمناطق في شمال وشرق سوريا “عفرين، رأس العين وتل أبيض”، نزح مئات المدنيين من هذه المناطق.

وفي هذا السياق، شيّدت الإدارة أكثر من 15 مخيمًا في جغرافية المنطقة، وتقول بيريفان خالد “عقب الاحتلال واجهت الإدارة كارثة إنسانية من نزوح آلاف المدنيين وتوجههم إلى المخيمات، حاولنا تقديم ما يمكننا من مساعدات، لكننا على يقين بأن ما نقدمه لا يفي بالغرض، وللأسف واجهنا هذه الكارثة وحيدين أمام صمت المجتمع الدولي، واعتمدنا على مقدراتنا الذاتية، مع دعم خجول من بعض المنظمات”.

ومن جانبه قال الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية عبد حامد المهباش: “فيما يتعلق بملف النازحين فهو ملف معقد، فهناك العديد من المخيمات، وأكبر تجمع للنازحين موجود في مخيم الهول ويبلغ 65 ألف نازح، منهم سوريون وعراقيون وأسر داعش”.

ومن الصعوبات الأخرى التي تواجهها الإدارة بحسب المهباش، وباء كورونا المنتشر في العالم وفي مناطق الإدارة الذاتية كون البنية الصحية للمنطقة هشة نتيجة الحروب التي تعرضت لها المنطقة.

ورغم القضاء على داعش جغرافيًّا، يؤكد المهباش أن المنطقة ما تزال تتعرض للهجمات ولكن هذه المرة من قبل الاحتلال التركي، مثلما حصل في تشرين الأول 2019 وتسبّبه بتهجير أكثر من 300 ألف مدني من مناطقهم.

بالإضافة إلى قطع الاحتلال التركي المياه عن منطقة الحسكة، وفي هذا السياق يقول المهباش: “الإدارة أمام تحدٍ كبير لإعادة إرواء مدينة الحسكة بالمياه”، مؤكدًا أنهم يعملون بكل طاقتهم لإيصال المياه إلى المدينة عبر مشاريع استراتيجية يعملون على تنفيذها الآن.

وترى بيريفان خالد أن من الصعوبات الأكثر تعقيدًا هو عدم الوصول إلى حل سياسي في سوريا عامة وفي مناطق شمال وشرق سوريا خاصة، وسط تأكيدها على سعيهم إلى تحقيق أهداف الإدارة الذاتية ودفعها لتكون نموذجًا لحل أزمات المنطقة ككل.

وفي هذا السياق، سعت الإدارة الذاتية مرارًا للوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، بحيث تنال كافة المكونات حقوقها المشروعة، وخاصة عبر المفاوضات والمحادثات مع الحكومة السورية ومع منصات المعارضة.

وأكد المهباش من على هامش إلقاء الإدارة لبيان بمناسبة الذكرى السنوية الثانية لتأسيس الإدارة الذاتية، أن الإدارة سترتقي إلى مستوىً أفضل من تقديم الخدمات وتهيئة جو معيشي وسياسي واقتصادي وأمني مناسب بدعم وتعاون الشعب معها.

ورغم جميع الصعوبات التي تواجهها الإدارة الذاتية داخليًّا والهجمات التي تتعرض لها من الخارج، إلا أنها استطاعت مقارنة مع مناطق سيطرة الحكومة السورية ومناطق سيطرة المجموعات المرتزقة التابعة لتركيا، أن تحافظ على الأمن والاستقرار وتوفر الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وأن تدير شؤون المنطقة بطريقة ديمقراطية، وهذا ما يجعل شعوب المنطقة ترى فيها النموذج الأفضل للإدارة.