لكل السوريين

لبنان وقواعد اللعبة الجديدة

حسن مصطفى

لم يعد بمقدور أحد التغافل عما يجري على الساحة اللبنانية من تغيير في قواعد اللعبة التي يقودها الغرب المنافق مع أدواته الإقليمية، فالمعلوم أن انفجار بيروت الذي هز قلبها سيكون بداية لتأريخ لبناني جديد، فلبنان ما قبل الانفجار يختلف عن لبنان ما بعده.

الملفت للانتباه حجم الاندفاع الدولي والإقليمي لتقديم المساعدة للشعب اللبناني (اللهم لا حسد)، في حين كان الدعم للسوريين الذين تعرضوا لأصعب الظروف وأقساها يأتي بالقطارة، وحسب مبدأ قوت لا تموت.

إلا أن الوقائع تشير إلى تغير في قواعد اللعبة التي يلعبها اللاعبون المحليون والإقليميون والدوليون على الأرض اللبنانية، والتي تتم بإتقان شديد وبحرفية عالية.

والأدل على ذلك مسرحية المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الشهيد رفيق الحريري، والتي استمرت لخمسة عشر سنة، وأنفق في سبيل انطلاقها ووصولها إلى قرار حكمها السياسي بامتياز قرابة الخمسة عشر مليار دولار، حيث ظهر الغرب المنافق والمراوغ مكشوفاً من خلال تعمده تجاهل الجهات الرسمية التي تقف وراء المتهمين الرئيسيين، وإثبات التهمة بصراحة ضد أحد الأشخاص الأعضاء في حزب الله.

وفي هذا استخفاف بعقول الناس والمتابعين للشأن اللبناني، وخاصة المختصين بالشؤون القانونية، حيث لا يخفى على أي منهم ملاحظة عدم الإشارة إلى القاعدة القانونية التي تقضي بمسؤولية المتبوع عن عمل التابع، فالمتهم الرئيسي العضو في حزب الله لم يكن يجرؤ على الإقدام على فعلته لولا التخطيط والإسناد والتوجيه من لدن قيادة الحزب، وبالتالي فإن الاتهام كان يجب توجيهه بشكل رسمي وصريح، وليس مجرد الإشارة إلى عضوية المتهم الرئيسي في الحزب.

وهذا الشكل غير المسبوق يشير إلى الطبيعة السياسية للقرار الاتهامي وإلى المغزى البعيد لهذا القرار، إذ يدل على أن القرار يتضمن بشقه السياسي رسائل سياسية للأطراف اللبنانية، ومن يقف خلفها للالتزام بالتعليمات، وسلوك المسار المرسوم لهم للخروج من دائرة التأثير، والقرار اللبناني بطريقة تحفظ ماء الوجه لهم، وإلا فإنهم سيواجهون عواقب وخيمة لا تحمد عقباها.

وهذا الأمر يبدو أنه قد تلقته الأطراف اللبنانية ومن يقف خلفها من دول الجوار الإقليمي، وستعمل بمقتضاه بالتأكيد لأنها تدرك حقيقة الحجم الحقيقي لها، والدور المنوط بها في معادلات المنطقة الإقليمية، والهامش المتاح المسموح لها التحرك من خلاله، دون السماح بتجاوزه بعد أن تلقوا الإنذارات المناسبة، وقد أعذر من أنذر.