لكل السوريين

الزَّحف العمراني وحشٌ يتمدد

أحمد الإبراهيم

لابد لنا في بداية الحديث بأن نوضح ماهية هذا الوحش الرهيب الذي يهدد أمن وسكينة المساحات الخضراء، والأراضي الزراعية، والذي يدعى الزحف العمراني والذي يتمثل في زيادة انتشار الكتل الاسمنتية على حساب تقلص المساحات الزراعية، وإن هذه المشكلة عامة تعاني منها جميع دول العالم، والسؤال هنا ما دامت مشكلة عامة لماذا نحن نناقش فيها؟

لتعلم أخي القارئ بأن مشكلة الزحف العمراني بأن أكثر الدول المتضررة منها هي الدول النامية، ونحن اليوم في شمال شرق سوريا نعاني منها بشدة بسبب حالة الفوضى بالانتشار العمراني، وغياب التخطيط، والتنظيم كذلك غياب القوانين الرادعة بهذا الجانب، ومن المؤكد بأن هنالك أسباب لهذا الزحف من أهم أسبابه زيادة معدلات النمو السكاني في مناطقنا، والتوسع في شبكات الطرق، والنقل كذلك الجانب السلوكي ولعل جميعنا يعلم بأن معدلات النمو السكاني في مناطقنا هي الأعلى عالميًا هذا يعني لابد من توفير مساحات سكنية جديدة بين الفينة، والأخرى ولكن ما علاقة الجانب السلوكي بالزحف العمراني طبعًا هنالك علاقة وثيقة حيث أن رغبة الإنسان في الابتعاد عن ضوضاء المدينة ورغبته بالهدوء يجعله يبحث عن قطعة أرض زراعية يبني فيها، ويقطن فيها كجانب من جوانب الترفيه.

بعد تعرفنا على أسباب الزحف لابد لنا أن نتعرف على النتائج المترتبة على هذا الزحف العمراني، والتي تتمثل في ضرب الأمن الغذائي بالدرجة الأولى عن طريق تناقص مساحات الأراضي الزراعية الخصبة، وزيادة التعداد السكاني، وبالتالي ظهور العجز في تأمين الغذاء، ومن نتائج هذا الزحف هو الضرر البيئي الذي يترافق مع تقلص المساحات الخضراء، وانتشار التصحر إلى جانب انجراف التربة وكذلك غياب الموطن الطبيعي للحيوانات البرية، وهذا يعتبر من أكثر التدخلات السلبية للبشرية حيث تنعكس النتائج عليه، وعلى البيئة بشكل مباشر ومن الملحوظ في مناطق شمال شرق سوريا لهذه اللحظة غياب تدخل الإدارات للحد من هذه الظاهرة التي أصبحت تغزو أهم، وأخصب الأراضي الزراعية في مناطقنا.

فهنالك أراضي واسعة تقع ضمن مشاريع زراعية ضخمة شبه دمرت بالكامل بسبب التوسع وكذلك القضاء على الغابات ولكن هل من حلول لهذه الأزمة طبعًا هنالك حلول عديدة ومن أهم جوانب هذه الحلول الرقي بالوعي المجتمعي ليدرك مخاطر أفعاله ويكون هو الحل بحد ذاته، وكذلك يقع على الإدارات التخطيط لزيادة مساحات الأراضي الزراعية، ومنع التوسع العمراني على الأراضي الخصبة، وأن يكون توجه التوسع العمراني في الأراضي المستبعدة والغير قابلة للزراعة.

واعتماد التوسع الشاقولي بدلًا من التوسع الأفقي للمدن بالتالي نحافظ على استمراريتنا خلال الأيام القادمة ونكون قد حافظنا على حقوق أطفالنا في المستقبل دون تشوه بيئي، أو عجز في تأمين الغذاء هذه مسؤولية يتحملها كلٌّ من المجتمع والمؤسسات على حدٍّ سواء.