لكل السوريين

قلعة شميميس.. أحجارها تختزن حكايات المجد والأفول

حماة/ حكمت أسود 

اقتصر دورها في العهد الروماني على مراقبة الطرق والمناطق المحيطة لبعدها عن حدود النزاع مع الفرس، وتؤكد المصادر التاريخية أن بناتها الأوائل أمراء “شمسيفرام” حكام حمص الهلنستيون أواخر القرن الثاني قبل الميلاد.

إنها قلعة “شميميس” الواقعة على بعد 25 كم شرقي مدينة حماة السورية، ومسافة 5 كيلومترات عن مدينة السلمية باتجاه الشمال الشرقي، القلعة التي لها شكل بيضوي وتتربع على قمَّة جبل ارتفاعه 140 م، تختزن تاريخا عظيما، عاصرت معه مجد وأفول حضارات عدة، لكنها دوما لم تكن تتوقف عن العودة لتزدهي بثوب النفوذ والدور الكبيرين مع كل محطة وفترة لاحقة في تاريخ المنطقة.

فهي تقبع في قلب سورها الدائري، محاطة بخندق محفور في كتلة من الحمم البركانية، إذ تم بناؤها على موقع مخروطي لبركان خامد يعرف باسم مرتفعات العلا، وهو يرتفع وسط السهول الواسعة التي تحيط بمدينة السلمية، ويمكن للقادم إلى تلك المدينة من حمص، أن يشاهد أبراج القلعة من أعلى الجبل، وهي تشرف على مساحات واسعة باتجاه الغرب وصولا إلى وديان نهر العاصي.

تم استعمال هذا الموقع الاستراتيجي المحصن منذ العصور الغابرة، ويعني اسمها “شميميس” الشمس الصغيرة، وقد يشير إلى إله الشمس الروماني أبولو أو نظيره العربي حدد.

كانت المنطقة هامة على الدوام من الناحية الجغرافية بسبب خصوبة أرضها ووفرة مياهها، بالإضافة إلى كونها محطة للاستراحة على طرق التجارة المختلفة.

كما اعتُمد النمط “الإهليلجي” في بناء أسوارها ويميزها معمار متقن يحتكم إلى رؤى خطط دفاعية وعسكرية استراتيجية مما جعلها تلعب دوراً حيوياً في نجاح الفرس بالسيطرة على بلاد الشام، فدفع ذلك مؤرخي العرب أن يجمعوا على أنَّ من يملك هذه القلعة يسيطر على أواسط بادية الشام وبلاد الشام عموما، ومن هذا المنطلق نشأ الصراع بين الأمراء الأيوبيين حولها، وبذا انتقلت ملكيتها بين العديد من هؤلاء المتنافسين، وبقيت شميميس تحت السيطرة الأيوبية، وقد جدد بناءها محمد بن شيركوه لكن نقمة تيمورلنك عليه طالتها فتحولت دماراً بعد عصر ذهبي.

وقد رممها السلطان المملوكي بيبرس خلال السنوات التالية، وبقيت تحت السيطرة المملوكية حتى الفترة العثمانية، لكن القلعة تعرَّضت للإهمال والتدهور إثر ذلك، جراء بعدها عن مركز المدينة، إلى أن غدت “شميميس” مع هذه الحال أطلالاً بحتة.

لم ينشر سوى القليل عن قلعة شميميس، وهي تحتاج إلى المزيد من الدراسات، وقد أعطاها موقعها المتربع على قمة المرتفع لقب “سيف السهوب، وهو لقب معبر عن قوتها العسكرية وأناقتها.