لكل السوريين

“المغطوطة”.. طبقٌ شعبي بِـبراءة اختراع حمصيّة

حمص/ نور الحسين 

إنها حمص، المصنّفة من أغنى مدن العالم حضارةً وتراثاً، فمن المعالم الأثرية إلى القلاع والمتاحف، إلى المهن التراثية واليدوية، انتهاءً بالمأكولات الشهية، يحتار زائر حمص من أين يبدأ، ولعل أجمل البدايات تكون مع وجبة فطور غير اعتيادية يتصدرها طبق “المغطوطة”.

فمن لم يعرف “المغطوطة”؟ الطبقُ الحمصي الشهير، والفطور الخاص بمدينة حمص منذ عشرات السنين، وهي أكلة موسمية، يكثر بيعها في فصل الشتاء، يتم تحضيرها بصب الحليب البارد غير المغلي في صواني كبيرة الحجم، ويترك بحدود ثمان ساعات حتى تظهر طبقة تسمى “الأيما” أي وجه الحليب، ثم يوضع خبز التنور على وجه الصواني حتى يتشرب “الأيما” ويقطع ويضاف إليه السكر أو القطر.

حيث يقصد عشاق “المغطوطة” في ساعات الصباح الباكر آخر محل بقي في مدينة حمص يقدمها للزبائن، وهي أكلة الفطور الحمصية القديمة، التراثية التي تمتاز بلذتها ومذاقها الطيب وتحمل براءة اختراع “حمصية” كما يصفها عشاقها.

ويعد “الجلبجي” أشهر من قدم طبق “المغطوطة” في حمص وصاحب المهنة المتوارثة منذ أكثر من 100 عام، ويقول عبد المتين الحجار (الملقب بالجلبجي) لـ ” صحيفة محلية “: “يتم تحضير المغطوطة بصب الحليب الطازج ونضعه بدون غلي داخل صينية عريضة ونتركه لمدة ثمان ساعات تقريباً بمكان معتدل الحرارة، فتتشكل طبقة من الدسم على وجه الحليب ثم نأتي برغيف من خبز التنور الساخن ونضع وجهه فوق الحليب فتلتصق طبقة الدسم بالخبز ثم نرفعه ونضعه بصحن ونصب فوقه العسل أو السكر ثم تقطع وتؤكل بحسب رغبة الزبون”.

ويضيف إلى أنها تعد وجبة فطور صباحي يبدأ ببيعها عند الساعة الرابعة فجراً من كل يوم حتى الساعة التاسعة صباحاً.

المهنة التي توارثها الحجّار أباً عن جد، فتاريخ عملهم بها يعود لنحو 120 عاماً، لافتاً إلى تقديمهم أنواعاً أخرى من الحلويات يدخل الحليب ومشتقاته في صناعتها مثل المهلبية والرز بحليب والسحلب.

ويشير “الجلبجي” إلى أنه يعرف زبائن من عشرات السنين، اعتادوا زيارة محله، وأصبح على علاقة دائمة معهم إضافة إلى قدوم زبائن من المدن الأخرى خصيصاً لتناول “المغطوطة” الحمصية.

وبالمجمل، تشتهر مدينة حمص بأصناف مختلفة من الحلويات الحمصية مثل الخبزية الحمرا والبيضا والبشمينا وبلاطة جهنم، والتي تميزت بصناعتها منذ مئات السنين وهي مرتبطة بعيد “خميس الحلاوة” أو ما يعرف “بخميس الأموات” الذي يقام يوم الخميس منتصف شهر نيسان من كل عام وهو أحد الخميسات السبع المعروفة في تاريخ المدينة.