لكل السوريين

شتان بين هذا.. وذاك

لطفي توفيق

جميل أن يطالب المطالبون..

بمواجهة المنابر التي “تحرّض على الإرهاب”..

والمواقع التي تستضيفها.

والأجمل أن تتحول هذه المواجهة..

إلى حراك شعبي واسع.

وأن يتم التمييز بين التحريض على الإرهاب..

وبين مطالبة أصحاب الحقوق بحقوقهم..

وأن يتبنى الحراك الشعبي هذا التمييز بدقة متناهية.

فلا أمل في حدوث ذلك..

عن طريق المؤسسات الرسمية في منطقتنا..

ولا فائدة ترجى منها لو حدثت.

ونحن لن ندافع “بالطبع” عن المنابر والمواقع التي تروّج للقتل على الهوية المذهبية أو الدينية أو العرقية.

ولن نتصالح مع الإرهاب مهما كانت مسمياته.. ومبرراته.. وسبل تسويقه وتمريره.

ولن تبتسم بوجه الإرهابيين.. مهما كانت لغتهم.. وألوان عيونهم..

وأماكن تصديرهم أو استيرادهم..

لكننا نطالب بالتمييز والتفريق بين التحريض على الإرهاب..

وبين مطالبة أصحاب الحقوق بحقوقهم..

فشتان بين من يقتل.. ويفجّر.. ويفخّخ…

ليحجز لنفسه مكاناً إلى جوار حوريات الجنة..

أو ليحتفظ لنفسه بمُلك لا يملكه..

وبين من  يقاتل.. للحصول على حقوقه.. أو استرداها

إذا لم يتم التمييز الدقيق.. والتفريق الحاسم..

بين الإرهاب..

وبين حق الشعوب بالدفاع عن حقوقها..

وحقها بالتصدي لجلّاديها بكل السبل..

وإذا لم يتم التمييز الدقيق الحاسم

بين ثقافة الكراهية.. والموت.. والاستبداد..

وبين ثقافة المحبة.. والحق بالحياة.. والحرية.

سينتشر الإرهاب الفكري في العالم..

كما تنتشر الخلايا السرطانية في الجسد.

فقد ترد في مقابلة ما.. أو نشرة أخبار في فضائية ما..

أو زاوية في صحيفة ما..

عبارة أو عبارات.. تطالب بحق شعب ما.. في الحياة..

وربما بحقه في العودة إلى وطنه..

أو الوقوف بوجه جلاديه..

و.. التهمة جاهزة.. “تحريض على الإرهاب”.

وقد تقف قصيدة ما.. في وجه الاضطهاد، والفساد. والـ…

و.. التهمة معلّبة.. وجاهزة.. “تحريض على الإرهاب”.

وإذا لم تتحول مكافحة الإرهاب إلى حراك فكري.. وشعبي عارم.

لن يتمكن أحد من الوقوف بوجه حكومات الظل العابرة للقارات.

وقد تتمكّن هذه الحكومات من إقامة إمبراطوريتها..

على حساب ما يتبقّى من خلق الله الآخرين.

وتحويل هؤلاء الآخرين.. إلى رعايا من الدرجة الألف..

في إمبراطورية المال

زرقاء العيون..

وتلمودية الهوى.