لكل السوريين

قارئة الفنجــان

لطفي توفيق

قالت والخوف بعينيها، وهي تتأمل فنجانه غير المقلوب..

ووجهه المرعوب:

مرت عليك يا ولدي.. سنوات معقولة.. ونتائجها مقبولة..

خفت فيها الغلال.. وكثر القيل، والقال..

وشح ما في جيبك من مال..

وتراجعت في بيتك.. وفي حيِّك.. وفي بلدك الأحوال..

ولكنها مرت دون كوارث.. أو أهوال..

يعني.. ماشي الحال.

– هممممم.. وبعد يا خالة.

– وبعد.. وبعد.. آ.. نعم.. وبعد..

وبعد.. ستمر عليك سنوات.. ألعن من السنوات التي مرّت…

– ألعن؟!!!.

– نعم.. ألعن.. سنة تأكل اللحم.. وثانية تُذيب الشحم..

وثالثة تنخر العظم.. والعظام المنخورة الـ….

– كل هذا سيحدث لي يا خالة!!.

– نعم سيحدث.. أنا لا أقول شيئاً من عندي!!.. كله في فنجانك.

– حسناً.. حسناً.. تابعي أرجوك.

– ماذا كنا نقول؟.

– كنا نقول .. ألعن.

– نعم نعم.. ألعن.. سيُحرق فيها الزرع.. ويجف الضرع..

ويكثر البطش اللطش.. والشلع والمنع..

ويتزايد الهبش والبلع…

– الـ.. البلع؟!!

– اسكت!.. نعم البلع.. أنا أقول ما أرى في فنجانك.

– طيب.. طيب.. تابعي.. تابعي أرجوك.

– ماذا كنا نقول؟.

– كنا نقول .. الهبش والبلع.

– نعم نعم.. البلع.. وتتعرَّض أبواب وشبابيك بيوتكم للكسر والخلع..

ولكن.. لا تقلق…

نعم لا تقلق.. فسيدخل اللصوص إلى بيوتكم.. ويصولون ويجولون..

وعن أي شيء ينقبون ويبحثون..

ومن كثرة بحثهم بلا فائدة.. يتعبون..

فيتأثرون على ما وصلت إليه أحوالكم.. ويحزنون..

ومن بعض ما في جيوبهم يُخرجون.. ويضعون

ويَخرجون مثلما دَخَلون…

– دَخَلون ؟!!

– هل تكف عن الثرثرة.. أم أسكت أنا؟!

– لا..لا.. سأكف.. سأسكت.. تابعي من فضلك.

– ماذا كنا نقول؟

– كنا نقول.. دَخَلون.

– نعم نعم.. دَخَلون .. وبعدها سيأتي الفرج….

– الفرج؟!! الحمد لله.. الحمد لله.. كيف يا خالة.. كيف؟.

– ستكون قد تعوّدت على هذه الحال.. وطاب لك العيش على هذا المنوال..

فأبعد الله عنّا وعنك حسد الحاسدين.. ومكر الماكرين..

وأدام علينا وعليك هدوء البال..

ومتّعنا ومتّعك بحُسن المآل.