لكل السوريين

الخير… الشر، وابن آدم

مفهوم الخير، والشر ثنائية في الواقع البشري، ويرى العلماء أنه من هذين الثنائي ينشأ الحق والباطل، والثواب، والعقاب.

وفي مثل هذه الحالة العقل، والنفس يعملان سوية في فهم حركة الإنسان، ومن جهة أخرى إن أكثر التغيرات التي تطرأ في الشخصية الإنسانية عادةً تحدث في العشرين سنة الأولى من حياة الإنسان.

ففيها يتغلب الإنسان على كافة الإحباطات الخارجية منها، والباطنية، وكافة ألوان القصور الشخصي وصولاً إلى الانفراج، والتكيف، والتوافق الشامل  إلى جانب اكتساب ما هو ضروري من عادات، وإمكانات، ومهارات، والأهم المعرفة.. أسئلة تطرح نفسها تلقائياً أحدها يقول:

من المتأصل في الإنسان الخير أم الشر، أم أنَّ الإنسان صاحب طبيعة غير مرتبطة، أي أنها محايدة تمتلك البواعث، والدوافع؟

لكن الإنسان بحاجة إلى الهادي، والدليل فكانت هناك كتب فالخير، والشر كما أسلفنا سابقاً ثنائية طبيعية، ومن هذه النقطة أيضاً يتعامل الإنسان مع ذاته، والآخرين تناغماً مع هذه الحقيقة.. وكلما حاول الإنسان تجاهلها، أو مغادرتها النفس لا تسكت بل عاقبته نفسه بالحيرة والشك، والوسوسة لأن النفس البشرية لها حق لا تسكت عنه بل تطلبه، وتناله.

بالتالي ليس هناك من خير مطلق، ولا شر محض لذا نسأل كيف يوازن الإنسان حياته، وهو إن كان على الخير فليس معصوماً عن الشر، وإن كان على الشر ففيه من الخير ظاهراً كان أم باطناً؟

الاختيار الأفضل، والأنفع للإنسان ليس في أن يطلب الكمال لأن ذلك من المستحيل لكن كما قال أحد العلماء أن يعلم خير الخيرين، وشر الشرين بما نسميه في كلامنا الفصيح التغليب والترجيح فالعالم خليط، ومزيج، والدنيا أيضاً دار امتزاج فبالتالي الحركة مشتركة، والوجود منسجم لذلك تفهم هذا الواقع، وهذا المعنى من قبل الإنسان فإنه يجد لحياته طعماً، ومذاقاً وتتيسر أمامه آفاق العمل، وتكون له الموجودات مطواعة، حيث أنَّ الإنسان يعمل بالتطابق مع قوانينها، وطبيعتها.

بعكس من يصم أذنيه، ويغمض عينية فيكون بذلك قد هدر طاقته، وبدد جهوده عناداً ليس إلا، وقد خسر خسارة كبيرة، وغالباً مما نحسبه شراً هو في الواقع ليس كذلك لكن بالمفهوم الضيق للخير بسبب قصر المعلومات، أو ضيق الأفق، وفهمنا للخير وفق الأعراف، والعادات الضيقة حيث نجد ذلك هو الذي يقلص مساحة الخير فنكون بذلك قد حسبنا كثيراً من الأشياء شراً.

لكن في واقع الأمر هي ليست كذلك فقط لأنها خارج نطاق الخير، وبذلك مثل هذه العقلية التي تنشأ بهذه الطريقة سوف تلجأ إلى التحريم، والممانعة، والعيش في أزمة مع المعرفة ومع الذات، والآخرين.

وانسجاماً مع العالم المتحضر ليس من المستحسن أن نقلل من مساحاتنا الخضراء بل إنَّ مصلحتنا تتطلب أن نفرح بكل إضافة صحيحة، وأن ندعمها في النهاية نرغب، ونأمل بتحريك الفهم المدرك، وتغيير الرؤى حول وجودنا الإنساني، وصراعه المستمر مع الخير، والشر كي لا تذهب الحياة سدىً، وتمضي الأعمار دون أن تتوقف الأعمال الشريرة، ونأمل بحياة راقية في مدينتنا “الرقة” حياة يسودها الخير، والأمل، والمودة بين مكونات شعبنا الأصيل.

محمد عزو.