لكل السوريين

ارتفاع أسعار الخضراوات يفاقم الأزمة المعيشية في ظل انهيار اقتصادي مستمر

دمشق/ مرجانة إسماعيل

تشهد الأسواق السورية، وخاصة في العاصمة دمشق، موجات غلاء متتابعة منذ مطلع العام الحالي، في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها المواطن السوري بشكل يومي. وتأتي هذه الموجات وسط ازدياد في نسب البطالة، وتراجع في الخدمات العامة، وانهيار مستمر في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، ما انعكس بوضوح على أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها الخضراوات والفواكه.

ووفقاً لأحدث تقارير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن نحو 80% من السكان في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بينما تخطت نسبة الفقر 90%، في مؤشرات تعكس عمق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات، والتي تزداد حدتها مع مرور الوقت دون حلول جذرية تلوح في الأفق.

في هذا السياق، شهدت أسعار الخضراوات والفواكه في سوق الهال بدمشق ارتفاعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية، ما أثار استياء المواطنين وأدى إلى زيادة كبيرة في الأعباء المعيشية. ورغم ذلك، يرى بعض التجار أن الأسعار ما تزال “معتدلة” نسبياً، باستثناء بعض الأصناف مثل “الجانرك”، الذي تجاوز سعر الكيلو غرام منه 70 ألف ليرة سورية، ويختلف السعر بحسب حجم الحبة وجودتها.

وارتفعت أسعار البندورة بشكل خاص خلال الأيام القليلة الماضية، مع توقعات باستمرار هذا الارتفاع خلال الشهر القادم. ويرجع التجار السبب إلى توقف الاستيراد من مصر والأردن لانتهاء الموسم الزراعي فيهما، ما جعل السوق المحلية تعتمد كلياً على الإنتاج المحلي الذي لا يلبي الحاجة المتزايدة.

أما على صعيد حركة التبادل التجاري عبر معبر نصيب – جابر الحدودي مع دول الخليج العربي، فقد وصفها التجار بأنها متواضعة في الوقت الراهن، حيث لا يتجاوز عدد البرادات المصدّرة يومياً إلى الخليج من 2 إلى 3 فقط، وهو رقم يعكس تراجعاً كبيراً مقارنة بالفترات السابقة التي شهدت نشاطاً أكبر. وأرجع التجار هذا التراجع إلى انتهاء موسم الحمضيات والفواكه الممتازة التي كانت تمثل النسبة الأكبر من الصادرات السورية، في انتظار بدء موسم الفواكه الصيفية.

هذا التراجع في التصدير لا ينعكس فقط على الأسعار المحلية، بل يؤثر أيضاً على توفر القطع الأجنبي، الذي يُعد أحد أهم موارد دعم التجارة والاقتصاد في البلاد، ما يزيد من صعوبة الحفاظ على استقرار الأسواق والأسعار.

وتستمر أسعار الخضراوات والفواكه بالارتفاع بشكل مطرد، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأعباء المعيشية على المواطنين، الذين باتوا يعانون من صعوبة تأمين احتياجاتهم الغذائية اليومية. وترجع أسباب هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها انخفاض الإنتاج المحلي نتيجة الظروف المناخية، وارتفاع تكاليف النقل والتخزين، والانخفاض الحاد في قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، وهو ما أثر سلباً على القدرة الشرائية لدى معظم المواطنين.

وفي ظل هذا الوضع المتردي، يتهم مواطنون بعض التجار باستغلال الظروف الاقتصادية ورفع الأسعار دون مبرر واضح، مما يزيد من حالة الاستياء والغضب الشعبي تجاه الغلاء المستمر، ويدفع الكثيرين للمطالبة بإجراءات عاجلة وحاسمة من الجهات المعنية.

ويطالب المواطنون الجهات الرقابية المختصة بـضبط الأسواق، ومراقبة الأسعار، ومحاسبة المخالفين، بالإضافة إلى توفير المواد الأساسية بأسعار تتناسب مع دخل المواطن السوري الذي تآكل بفعل التضخم والانهيار الاقتصادي المستمر، وذلك في محاولة لتخفيف معاناة الناس والحد من آثار الأزمة الخانقة التي تمس كل جوانب الحياة اليومية.