لكل السوريين

ارتفاع أسعار الخضروات الصيفية يزيد من معاناة ذوي الدخل المحدود في حلب

حلب/ خالد الحسين

تشهد أسواق مدينة حلب خلال الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا حادًا في أسعار الخضروات الصيفية، ما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، وسط أزمات اقتصادية خانقة تعيشها البلاد منذ سنوات. ويُعد هذا الارتفاع مصدر قلق يومي للعديد من الأسر، خصوصًا أن الخضروات تُعد من المواد الأساسية على موائد السوريين.

وبحسب ما رصده مراسلنا، فقد سجل سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم نحو 5000 ليرة سورية، في حين بلغ سعر البطاطا 4000 ليرة، وتجاوز سعر الكيلو من الخيار والباذنجان 3000 ليرة. هذا التصاعد المستمر في الأسعار جعل شراء الخضروات الأساسية عبئاً كبيراً على الأسر، التي باتت تكتفي بكميات محدودة لا تكفي لأكثر من يوم أو يومين.

يقول أحمد، موظف حكومي من سكان حي الحمدانية: “من غير المنطقي أن نشتري كيلو الطماطم بـ5000 ليرة، ورواتبنا لا تكفي لتغطية أبسط متطلبات الحياة. كنا نشتري خضروات تكفينا لأسبوع، أما الآن فنشتري ما يكفينا ليومين فقط”.

من جهتها، أوضحت أم يوسف، ربة منزل من حي الهلك، أنها اضطرت إلى تقليل عدد الوجبات التي تعتمد على الخضروات بسبب ارتفاع أسعارها، وأضافت: “كنا نشتري خضروات يومياً، لكن الآن نلجأ إلى الاستغناء عن بعضها. لم نعد قادرين على تحمّل هذه التكاليف”.

أما محمد، نازح من ريف حلب الشمالي ويقيم في مأوى مؤقت، فأكد أن تأمين الاحتياجات الأساسية بات صعباً جداً، قائلاً: “نحن نعتمد على المساعدات، ومع هذه الأسعار أصبحت الحياة شبه مستحيلة. لا أستطيع تأمين الخضروات لأطفالي، وأغلبنا بلا عمل دائم”.

أسباب متعددة وراء الأزمة

يعزو كثير من المراقبين والمزارعين أسباب هذا الارتفاع إلى عدد من العوامل المتشابكة، على رأسها التغيرات المناخية التي أثّرت سلباً على الإنتاج الزراعي في ريف حلب والمناطق المجاورة، حيث تعرضت المحاصيل الصيفية لموجات صقيع وجفاف ونقص مياه الري، ما أدى إلى انخفاض في الكميات المنتجة.

كما ساهمت أزمة المحروقات وارتفاع تكاليف النقل والشحن في زيادة الأسعار، إذ يواجه التجار صعوبات في إيصال المنتجات من المناطق الزراعية إلى المدينة. أضف إلى ذلك، تراجع الإنتاج المحلي نتيجة نقص الأسمدة والمواد الزراعية، ما أدى إلى تأخير في مواسم الحصاد وخلق فجوة بين العرض والطلب.

اتهامات بالتقصير وغياب حلول حقيقية

في ظل هذا الواقع، يحمّل العديد من المواطنين الحكومة مسؤولية تفاقم الأزمة بسبب غياب التدخل الفعّال. وقال الخبير الاقتصادي عبد الله خير الدين في تصريح لمراسلنا: “الحكومة لم تقم بإجراءات جدية لمعالجة الأزمة. المطلوب دعم مباشر للفلاحين، وتحسين سلاسل التوريد، وليس الاكتفاء بوعود إعلامية لا تطبق على الأرض”.

من جانبه، قال التاجر محمود سحسول: “تكاليف الإنتاج والنقل مرتفعة جدًا، والحكومة لم تقدم أي تسهيلات. من الطبيعي أن ترتفع الأسعار طالما لا يوجد دعم حقيقي”.

ورغم الانتقادات، أعلنت الحكومة عن افتتاح أسواق لبيع الخضروات بأسعار مدعومة في بعض الأحياء، إلا أن هذه المبادرات بقيت محدودة التأثير بسبب محدودية الكميات وعدم تغطيتها لمجمل سكان المدينة، لا سيما الأحياء البعيدة عن مراكز التوزيع.

ويرى خبراء أن مواجهة أزمة ارتفاع أسعار الخضروات تتطلب إصلاحاً شاملاً في السياسات الزراعية، من خلال دعم المزارعين بالأسمدة والوقود، وتوفير مياه الري، إلى جانب تحسين شبكات النقل والتخزين لتقليل الفاقد خلال التوزيع.

وإلى أن تُتخذ إجراءات ملموسة، تبقى الأسر الحلبية تعيش ضغوطاً يومية في سبيل تأمين الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، في ظل تراجع القدرة الشرائية واتساع رقعة الفقر.