في ساعات الصباح الأولى، تتجه عشرات النساء من أرياف الرقة نحو الحقول الزراعية، محملات بهم المعيشة وسعيهن اليومي وراء لقمة العيش …وفي حقول الذرة الصفراء والقطن تعمل هؤلاء النسوة لساعات طويلة تحت شمس الصيف اللاهبة، في مهنة شاقة فرضتها الظروف الاقتصادية على كثيرات منهن.
واقع حالهنَّ تشرحه “أم أحمد ” وهي امرأة تعيل خمسة أولاد قائلة: “نخرج مع الفجر إلى الحقول، نعمل في حقول الذرة الصفراء التي بدأ المزارعين بزراعتها، وكذلك تنظيف خطوط القطن مقابل أجر يومي لا يتجاوز 24 ألف ليرة سوريا. لكن هذا ما يساعدنا في إعالة أولادنا بعد أن أصبح زوجي عاطلاً عن العمل.”
وتضيف: “لا خيار أخر لدينا فأشهر الصيف فرصة للعمل، وتأمين متطلبات أسرنا، ولمواجهة متطلبات الحياة مع قلة فرص العمل المتاحة”.
عمل موسمي… ودخل لا يكفي
يمتد عمل النساء في الحقول خلال المواسم الزراعية، لا سيما في زراعة القطن والذرة الصفراء، وبعض الخضروات (الخيار ـ الجبس ـ الخضروات… وغيرها)، ويشمل مهاماً مختلفة مثل الزراعة، التعشيب، التسميد، الحصاد، والتحميل. ورغم طبيعة العمل المرهقة، يبقى الدخل محدوداً وغير منتظم، ما يجعله مجرد دعم مؤقت للأسرة في ظل الغلاء المستمر.
من جانبها تعمل “عليا الحمد” وهي شابة في العشرينات من عمرها في تعبئة أكياس التبن خلال موسمه الذي يمتد لشهر بعد مرحلة حصاد القمح والشعير، وتعمل مع اثنين من أفراد أسرتها على تعبئة الأكياس مقابل مبلغ (1000) ليرة سورية للكيس الواحد، وتؤكد بأن الأجرة اليومية تحتاج الى جهد كبير للوصول الى مبلغ يومي يساعد أسرتها.
وتؤكد بأنها اضطرت الى ترك مقاعد الدراسة لمساعدة أهلها في العمل اليومي الذي يشكل عماد دخلهم على مدار العام.
وتختم بالقول: “أعرف بأن العمل مرهق ومتعب للغاية ولكن لا خيار أمامنا إذا لم نعمل اليوم لن نأكل غداً”.
عمل النساء الريفيات عماد الاقتصاد العائلي
تشكّل النساء العاملات في الحقول نسبة كبيرة من اليد العاملة الموسمية، وهنّ أساس نجاح الموسم في كثير من المناطق، لكن غياب أي شكل من أشكال التأمين الصحي، وعدم وجود أي ضمانات قانونية أو نقابية، يضاعف من هشاشة أوضاعهن.
تعتبر النساء في أرياف الرقة شريكات أساسيات في تحمل العبء المعيشي في ظل الظروف المعيشية الصعبة، وتفاقم الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار، إضافةً إلى فقدان الكثير من الرجال لأعمالهم بسبب الأزمات المتواصلة وتراكمات السنوات المنصرمة من الأزمة السورية.