بتصرف وإعداد أنعام ابراهيم نيوف
إننا نعتبر يوم السلام العالمي، يوما لتعزيز مفهوم السلام ضمن الدولة الواحدة وبين الدول، وجعله يوما لوقف العنف وإطلاق النار، ولتعزيز المثل العليا للسلام في الأمم والشعوب وفيما بينها، ودعوة جميع الدول للالتزام بوقف الأعمال العدائية، وإلى نشر وعي وثقافة السلام.
وإن شعار ” إنهاء العنصرية، وبناء السلام”، يذكرنا بالطرق العديدة التي تسمم بها العنصرية قلوب الناس وعقولهم وتقوض دعائم السلام الذي نسعى إليه جميعا، فالعنصرية تسلب الناس حقوقهم وكرامتهم. وتؤجج ضروب اللامبالاة وانعدام الثقة. وتبعد الناس بعضهم عن بعض، في وقت ينبغي لنا أن نجتمع فيه، كعائلة بشرية واحدة، لإصلاح عالمنا المتصدع.
يعد السلام من أكثر الأمور التي تسعى الشعوب جميع الأمم والشعوب إلى تحقيقها والوصول إليها، بعد ويلات الحروب التي عانت منها على مر العصور والتي ذهبت الملايين من أرواح البشر ضحايا لها، وان مفهوم السلام أصبح الان، يعني نبذ الصراعات والنزاعات والاضطرابات العنيفة والحروب بين الأمم والشعوب، وحل جميع المشاكل والنزاعات بعيدا عن العنف وبالطرق السلمية كالمناقشات والمحاورات.
إن ما حدث في منطقة الشرق الأوسط، خلال أكثر من اثنتي عشر سنة مضت، شكل تحديا صارخا وقويا لكل دعوات السلم والتنمية ومحاربة الفقر والبطالة والفساد والاستقرار في منطقتنا. فالانتهاكات الأمريكية والإسرائيلية والتركية المختلفة، والواسعة النطاق، في سورية والعراق وفلسطين والجولان السوري والتي تضرب بعرض الحائط القانون الدولي والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، تخلف أثارا خطيرة اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، متجاوزة وبشكل فاضح لكافة الأعراف الدولية والإنسانية ، وهذا ما يدفعنا إلى التوجه إلى الأمم المتحدة ومختلف الهيئات الدولية والحقوقية, والطلب منها, كي تتحمل مسؤولياتها وزيادة دورها المستقل والعادل, وذلك عبر التدخل والضغط على الحكومة التركية وعلى دولة إسرائيل من اجل إعادة الحق إلى أصحابه في فلسطين و لبنان وعفرين وريفها وراس العين والجولان, على أن يتواكب ذلك الدور والتوجه مع الضغط على حكومات المنطقة من أجل إلزامها و التزامها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان, لكننا نؤكد على أن هذه العملية مركبة ومعقدة جدا, لكن جسرها الأساسي يكمن في كيفية تفعيل المجتمعات المدنية في مختلف دول المنطقة, على أساس ثقافة السلام والديمقراطية والمشاركة, ومساعدتها في تفعيل دورها في عملية بناء السلام.
أن السلم هو حق انساني هام جدا، وهو الضمانة الأساسية التي بدونها لا يمكن ممارسة بقية الحقوق بالرغم من أن معاني السلام توسعت وتغيرت، وأصبحت تشمل أكثر من مجرد غياب الحرب، لتشير إلى جميع الممارسات وأنماط السلوك في مراحل ما بعد النزاعات والحروب. وعمليا يتم التأسيس لهذه المعاني في مرحلة ما قبل السلام وأثناء النزاعات، وتعتمد على مجموعة من القيم في جوهرها تكمن ثقافة التسامح. وأصبحت بعض معاني بناء السلام تؤكد على مقاربات في إعادة بناء البنى التحتية الاجتماعية التي مزقتها النزاعات في مراحل ما بعد النزاعات، ومعاني أخرى تؤكد على الأنماط العلائقية، والمصلحة ومعالجة الجروح النفسية، مما يتطلب التعبئة الشاملة ضد الحروب وكل أشكال العنف، والاعتراف بحقوق الإنسان واحترامها، وتشجيع قيم التسامح والتفاهم، وتمكين المرأة من المساهمة في دورها في عملية بناء السلام وتعزيزه وديمومته، وهذا ما يفترض اعلاء الدور العملي للمنظمات غير الحكومية، في مواجهة الآثار المادية والنفسية للعنف المباشر وغير المباشر، والبحث عن حلول لقضايا متجذرة في بناء السلام، بما في ذلك التوازن البيئي ، والحد من النزعة العسكرية ونزع الأسلحة، والتنمية الاقتصادية والبيئية والسياسية المستدامة، والمشاركة في إدارة الموارد، وتبني الوسائل غير العنيفة في إدارة وتحويل وفض النزاعات، والالتزام ببناء ثقافة السلام المعتمدة على التشارك والحوار بين مختلف العناصر والتي تنتمي إلى ثقافات مختلفة، وتأتي بديلا لثقافة العنف لدى جميع الأطراف، ومن الضروري ان تتضافر الجهود من أجل نزع الألغام في مناطق الصراع ، والتي تخلف العديد من الضحايا وخاصة من الأطفال ما بين قتلى ومعطوبين، على ان يتم إلغاء جميع التحفظات على الاتفاقيات الدولية وتفعيل استخدام الإجراءات الدولية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وإضفاء وضعية قانونية على منظمات حقوق الإنسان مما يسمح بمشاركة فعالة وواسعة للمجتمع المدني وهيئاته.