طرطوس/ أ ـ ن
نتيجة عدم التصرف السليم وعدم احسان التدبر والتنظيم، أضاع معظم أهالي ريف طرطوس بحبوحة العام الماضي من الزيت والزيتون وبيعه بأرخص الأثمان وبأسعار متباينة، وكان هناك هجمة كبيرة من تجار من حلب وإدلب متعاونين مع سماسرة صغار يأخذون نسبة قليلة من كل كمية زيت يحصلون عليها عبر الالتفاف والدوران والإغراءات بالأسعار، واستفاق الأهالي على الكابوس هذه السنة، حيث إن الموسم لم يكن بالشكل السابق غنيا ووفير، ومع بداية موسم الزيتون في ريف طرطوس، بدأت ملامح الفوضى والتخبط في إنتاج زيت الزيتون، فبعد إطلاق الوعود الحكومية العديدة فيما يتعلق بدعم المنتجين، من أجل طرح عبوات الزيت بأسعار تناسب المستهلك المحلي، تشهد معاصر الزيتون في ريف طرطوس حالة من الفوضى فيما يتعلق بالتسعير وتكاليف الإنتاج.
السيد أبو جابر قال: إن أسعار زيت الزيتون تضاعفت عدة مرات خلال الأشهر الست الأخيرة فقط، حيث كانت عبوة زيت الزيتون تباع في شهر آذار الماضي بسعر 300 ألف ليرة سورية، أم اليوم فقد سجلت الأسواق سعرا بلغ نحو مليون ومئتي ألف ليرة للعبوة، والحكومة السورية بدورها حاولت مرارا التهرب من مسؤولية ضبط أسعار الزيت في الأسواق وتم تجميع الزيت وشراؤه بأسعار مختلفة ، إضافة الى أن القرارات المتعلقة بالسماح بتصدير الزيت، ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعاره، فضلا عن انهيار العملة المحلية الذي انعكس على جميع السلع والخدمات.
السيد أبو ملهم صاحب معصرة زيتون أخبرنا: أن أجور عصر الزيتون هذا العام ارتفعت وبنسبة تجاوزت 200 بالمئة قياسا بأجور العام الماضي، إذ إن أجرة عصر كيلو الزيتون العام الماضي كانت 200 ليرة أما اليوم فأصبحت 600 ليرة وأحيانا تصل لـ 650 ليرة، رغم انه تم اقتراح آلية جديدة لتحديد تسعيرة موحدة لعصر الزيتون، لكن تم ملاحظة وجود خلل وفوضى بأجور عصر الزيتون في كل معصرة، وسبب الخلل هو ارتفاع أجور النقل وواقع المحروقات الحالي.
السيدة المهندسة الزراعية أنمار أكدت على عدم التزام أصحاب المعاصر بالأجور المحددة في طرطوس، وذلك رغم حصولهم على المازوت بالسعر المدعوم باعتبارها منشأة صناعية تصنع منتجات زراعية، مضيفة أن عدد المعاصر افي محافظة طرطوس حوالي 300 معصرة.
لكن السيد أبو هاني صاحب معصرة حديثة وكبيرة أكد لنا: عدم حصولهم على كميات كافية من المحروقات لتشغيل منشآتهم، الأمر الذي أجبرهم على رفع الأجور، وعدم حصولهم على دفعة أو دفعتين من المحروقات المدعومة، وبالتالي هذه الكميات لا تكفي لتشغيل المعصرة سوى لأيام قليلة.
السيد أبو عدي مهندس زراعي أوضح لنا: منذ أشهر والأسواق تعاني من مشكلة كبيرة فيما يتعلق بزيت الزيتون، الذي تحول ومنذ سنوات إلى مكون رئيسي في وجبات العائلات، نتيجة عدم قدرة معظم الأهالي على تحمل تكاليف اللحوم بأنواعها، ولكن يبدو أن ارتفاع أسعار زيت الزيتون سيجعله ينضم إلى قائمة اللحوم، وأضاف قائلا :أن فتح باب التصدير أمام المادة هو المسبب الرئيسي في ارتفاع أسعارها، رغم ان البعض يقول أن التصدير سمح للمنتجين تجنب الخسارة، وذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب الدعم الحكومي عن المزارعين خلال فترة الزراعة وتحويل الزيتون إلى زيت، أن أسعار زيت الزيتون ستواصل ارتفاعها طالما باب التصدير مفتوح إلى السوق الخارجية، مؤكدا أن بعض المزارعين ما زالوا يحتفظون ببعض كميات الزيت ويبيعون العبوة للتجار بمبلغ يصل إلى مليون ومئتي ألف ليرة سورية.
اضافت المهندسة المدنية السيدة نورشان قائلة: طالما باب التصدير مفتوح سترتفع الأسعار، ولو كان الأمر مقتصرا على الاستهلاك المحلي كان سيصل سعر التنكة إلى 500 ألف، نظرا لارتفاع سعر الزيت قياسا بغلاء الزيت النباتي وبقية المواد الغذائية التي ارتفع سعرها، ان التصدير كان في السابق سببا لارتفاع العديد من السلع الغذائية، حيث تسبب قرار السماح بتصدير البصل والبطاطا خلال الأشهر الماضية، في حرمان المواطنين من استهلاك هذه المواد، والآن تحاول الحكومة التهرب من مسؤوليتها تجاه دعم المزارعين في عملية الإنتاج، عبر السماح لهم بتصدير محاصيلهم وبالتالي ارتفاع أسعارها على المستهلك المحلي.