لكل السوريين

كيف تستورد السوق السوداء بضاعتها.. الدوران ضمن حلقة فارغة يسيطر على الأسواق المحلية

حلب/ خالد الحسين

بعد مضي أعوام على الأزمة السورية التي انهكت السوريين وجعلتهم يبحثون عن بدائل أخرى كالهجرة وغيرها وتداعيات معيشية واقتصادية دفعت البعض لبيع بيته أو سيارته أو أغلى ما يملك حتى يسد رمقه كل هذه الأسباب والنتائج تضعنا أمام مفهوم حتمي وهو بأن البلد غير صالح للسكن ووفقاً لأبحاث ودراسات أجراها اقتصاديون فإن الحكومة هي المسؤول الأول عن هذا التضخم الاقتصادي الحاصل.

و يرتبط مفهوم السوق السوداء للسلع في سوريا غالبًا بحزمة اتهامات توجه لتجار الأزمة أو حتى أي تاجر عادي، لكن خبراء الاقتصاد يؤكدون أن وجود تجار الأزمة وتعدد التسعيرات للسلعة الواحدة، واحتكار بعض السلع أو انقطاعها، كلها أمور مرتبطة بالأساس بإجراءات حكومية “معيوبة ومشوهة”.

وهنا يشرح أحد الباحثين في المجال الاقتصادي، أن استمرار منظومة الدعم بشكلها الحالي وآلياتها التقليدية، مع وجود سعرين لكل مادة مدعومة، سعر حر وسعر مدعوم، أدى إلى خلق منظومة فساد متكاملة وسوق سوداء للمواد المدعومة، الأمر الذي ترتبت عليه زيادة متدرجة سنوياً في فاتورة الدعم.

ويؤكد أن الحكومة بحاجة ماسة إلى إعادة النظر بآلية الدعم من جهة، ودعم الإنتاج من جهة أخرى، وتخفيف فاتورة حوامل الطاقة، من خلال دعم الطاقات المتجددة، فلا صناعة أو زراعة بدون طاقة كهربائية، مما سيؤدي لتخفيف العبء الكبير على الموازنة العامة للدولة، وعلى سعر الصرف، مع ضرورة الإسراع في تأسيس شبكة الحماية الاجتماعية مع بيانات حقيقية بعيداً عن المحسوبيات والفساد.

واعتبر أن استمرار الحكومة باعتماد سياسة رفع الأسعار، وخاصة للمحروقات بشكل دوري، هو دوران في حلقة مفرغة، سيؤدي إلى مزيد من التكاليف، أي مزيد من التضخم، وتدني دخل السوريين، ومزيد من فقدان التنافسية للمنتجات السورية في الأسواق الخارجية.

كل ذلك يخلق صعوبات في التصدير الذي يعتبر أحد مصادر القطع الأجنبي، علمًا أن تحسين الوضع المعيشي للمواطنين يتطلب دعم الإنتاج الحقيقي، وفتح المجال أمام المنافسة الحقيقية والشريفة ومنع الاحتكار، وتطبيق شعار “دعه يعمل دعه يمر”، وتصحيح الخلل في السياستين المالية والنقدية، بحسبه.

ومع تجدد حديث الدعم، ذكّر ” بقرار استبعاد آلاف الأسر والأفراد والمهن من الدعم مع بداية 2022، بذريعة أنها لا تستحق الدعم، والذي كشف أخطاء واسعة في قاعدة البيانات، مما عزز المخاوف من أية خطوة حكومية في هذا الملف، طالما لا ثقة بطرق التنفيذ والنتائج، فما يحدث اليوم ليس سوى تخلٍ وإن كان تدريجياً وغير معلن، عن سياسة الدعم تحت عناوين مختلفة، كتقليصه وإيصاله إلى مستحقيه وغير ذلك.

ورأى أن رفع أسعار السلع والخدمات المدعومة بنسب كبيرة تهدد معيشة السواد الأعظم من الأسر، مع استمرار توسع الفجوة المتشكلة بين مدخول غالبية المواطنين ومستويات الأسعار، فلو كانت هناك نية حكومية لمعالجة موضوعية لآليات إيصال الدعم والاستهداف، لكانت قد عملت أولاً على ردم تلك الفجوة ومنع توسعها.

ثم أشار إلى غياب الشفافية والإفصاح الحكومي عن كل ما يتعلق بالدعم لجهة التكاليف الحقيقية وغير المزيفة للدعم، وأوجه الفساد والهدر والجهات المسؤولة عنها، والاعتراف بالأخطاء السابقة التي عملت على استبعاد آلاف الأسر بذريعة الملكية، لا الدخل الحقيقي لها.

وهنا يؤكد البعض أن منظومة الدعم لا تحتاج إلى إصلاح فقط كما يرى “، بل تحتاج إلى استبدال بالكامل وإلى تبني عقلية جديدة في إدارة الاقتصاد والأسواق.