خرج الآلاف من مهجّري منطقة عفرين، في مظاهرات حاشدة في حيي الشيخ مقصود والأشرفية بمدينة حلب، للمطالبة بحق العودة الآمنة إلى مدنهم وقراهم التي هجّروا منها قسراً منذ عام 2018 عقب احتلال القوات التركية والفصائل المسلحة التابعة لها المنطقة.
وجاءت التظاهرات بدعوة من فعاليات مدنية ومجتمعية، وسط مشاركة واسعة من أبناء عفرين المهجّرين، الذين رفعوا لافتات تندد باستمرار الانتهاكات في مدينتهم، وتطالب بإنهاء الاحتلال التركي وعودة السكان الأصليين إلى منازلهم بكرامة وأمان. وأكد المتظاهرون أن حق العودة “ليس مطلباً إنسانياً فحسب، بل هو حق مشروع لا يسقط بالتقادم”.
وتزامنت الاحتجاجات مع تصاعد الانتهاكات التي تُرتكب في عفرين من قبل الفصائل التابعة لأنقرة، من اعتقالات تعسفية ونهب للممتلكات وتهجير قسري، بحسب ما أفاد به ناشطون وتقارير حقوقية. ويعيش الآلاف من مهجّري عفرين في ظروف إنسانية صعبة بمناطق النزوح، لا سيما في أحياء مدينة حلب ومخيمات شمال سوريا.
المواطن خليل حمو، أحد المشاركين في التظاهرة، قال في حديث لـ”السوري” إنه اضطر لمغادرة منزله في قرية معبطلي بريف عفرين بعد أن اقتحمته فصائل مسلحة وصادرت ممتلكاته، مشيراً إلى أنه يعيش منذ ذلك الحين في غرفة صغيرة بحي الشيخ مقصود مع أطفاله. وأضاف: “نحلم بالعودة يوماً ما، لكننا نخشى الاعتقال والاضطهاد من تلك الفصائل”.
من جهتها، تحدثت نازلية رشيد، وهي أم لخمسة أطفال، عن معاناتها بعد تهجيرها من منزلها في جنديرس، الذي باتت تسكنه عائلة غريبة، بحسب ما أفادها أحد أقاربها. وقالت: “التهجير اقتلاع من الجذور، ليس مجرد انتقال من مكان إلى آخر. العودة اليوم تعني المخاطرة بحياتنا. نطالب بحل يحفظ كرامتنا ويحمي حقوقنا”.
وتشير تقارير منظمات حقوق الإنسان إلى أن الفصائل المسلحة التابعة لتركيا ارتكبت، منذ سيطرتها على عفرين، مئات الانتهاكات بحق المدنيين، من بينها عمليات تهجير قسري، وسرقة ممتلكات، واعتقال تعسفي وتعذيب، إلى جانب تغييرات ديموغرافية واسعة النطاق.
ويطالب المهجّرون بعودة مدينتهم إلى سيطرة جهة محايدة تضمن أمنهم وسلامتهم، مع انسحاب الفصائل المسلحة. ويؤكد منظمو التظاهرات أن هذه الفعالية هي صرخة في وجه “التجاهل الدولي”، ورسالة بأن عفرين لا تزال حية في قلوب أبنائها، ولن تُنسى رغم مرور السنوات.