لكل السوريين

بعد قرار خفض إنتاج النفط.. واشنطن تتهم السعودية بدعم بوتين.. والرياض تؤكد أن القرار ليس سياسياً

تعرضت المملكة العربية السعودية لانتقادات أميركية حادة بسبب قرار خفض إنتاج النفط الذي اتخذه تحالف “أوبك بلاس”.

ونظرت إدارة الرئيس بايدن إلى تلك الخطوة على أنها دعم للرئيس الروسي في غزو أوكرانيا، وتراجع من السعودية إزاء الولايات المتحدة بعد أسابيع من زيارة بايدن إلى المملكة.

واتهمت واشنطن التحالف بالانحياز لموسكو التي تجني أرباحاً من ارتفاع أسعار النفط، وتعتمد على مبيعات المحروقات لتمويل حربها في أوكرانيا.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن القرار سيزيد إيرادات روسيا، وسيقوض فعالية العقوبات المفروضة على موسكو بسبب حربها على أوكرانيا.

ونفت السعودية هذه الاتهامات، ودافع مسؤولون سعوديون عن قرار خفض إنتاج النفط من خلال الإصرار على أنه قرار اقتصادي وليس سياسياً، وأكدوا أن الولايات المتحدة بالنسبة لهم تعد شريكاً أمنياً أساسياً.

وأعرب وزير الدفاع السعودي عن استغرابه لاتهام المملكة بالوقوف مع روسيا، وقالت وزارة الخارجية السعودية إن الرياض لا تقبل الإملاءات، وترفض مساعي تحوير أهدافها لحماية الاقتصاد العالمي من تقلبات أسعار النفط.

قرار مهني

أكد تحالف أوبك بلاس أن قرار خفض حصص إنتاج النفط قرار مهني يهدف إلى دعم أسعار النفط الخام التي كانت تتراجع، وليس له أي هدف أو بعد سياسي.

وأيدت وزارات الطاقة في دول عديدة تابعة لمنظمة “أوبك” القرار، وذكرت شركة تسويق النفط العراقية إن قرارات “أوبك بلاس” تستند إلى قراءات ومؤشرات اقتصادية، وتتخذ بأسلوب مهني موضوعي وبالإجماع.

ورحب الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، بالقرار وأكد تمسك بلاده  بالحفاظ على التوازن في أسواق النفط بما يعود بالنفع على المستهلكين والمنتجين على حد سواء.

من جهتها، أشارت سلطنة عمان إلى أن قرارات أوبك بلس، بنيت على اعتبارات “اقتصادية بحتة” وعلى حقائق العرض والطلب في السوق.

وأكد وزير النفط البحرين أن قرار الخفض جاء بالتوافق والإجماع بين جميع الدول الأعضاء.

لا نوجه رسالة لأحد

بعد التوتر الذي تسبب فيه بين السعودية والولايات المتحدة، أكد الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط أن قرار تحالف أوبك بلاس بخفض حصص إنتاج النفط لا يتضمن “أي رسائل لأحد”.

وقال إن الاتفاق مبني على أسس ودراسات وبيانات فنية بحتة ليس فيها أي رسائل سياسية.

وأوضح أن العالم مقبل على مرحلة ركود اقتصادي، وهذا له انعكاس مباشر على الطلب على النفط كما يحدث في الصين وهي أحد أكبر المستوردين للنفط.

وأضاف أن القرار “لا يستهدف الوصول الى سعر معين، فبالعكس شاهدنا أن الأسعار انخفضت بعد اجتماعنا لأن المنظمة لا تتحكم في الأسعار، وإنما هناك جهات أخرى تتحكم في أسعار كل السلع ومن ضمنها النفط، وهي البورصات في لندن ونيويورك”.

وأشار إلى أن تزايد المخاوف الاقتصادية وتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي أديا إلى مزيد من الاضطراب في التوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط.

خيارات الرد الأميركي

يواجه الرئيس الأميركي دعوات متزايدة من المشرعين الأميركيين الذين يحثون على اتخاذ رد قوي، وإرسال رسالة قوية إلى السعودية.

ويطالب أعضاء في مجلس الشيوخ بالتجميد الفوري لجميع جوانب تعاون الولايات المتحدة مع السعودية، ووقف مبيعات الأسلحة الأميركية إلى المملكة بشكل مؤقت.

وتحويل شحنة الصواريخ الموجهة للسعودية إلى كييف، ونقل أنظمة الدفاع الجوي الأميركية “باتريوت” في المملكة العربية السعودية إلى أوكرانيا.

في حين يحذر محللون من أن سلوك هذا الطريق قد يؤدي إلى تعريض علاقات واشنطن مع الرياض للخطر، وهي علاقات لا يمكن التخلي عنها.

ويعتبرون أن واشنطن يمكن أن تظهر استياءها من خلال تأخير مبيعات الأسلحة أو الإمدادات، وخفض التمثيل الرسمي في الإعدادات الأمنية، ولكن لا يمكن للولايات المتحدة أن تقطع التعاون مع السعودية في مجال مكافحة الإرهاب، ولا يمكنها أن تشيح بنظرها عن إيران.

خيار اقتصادي

قال مسؤولون أميركيون إن إدارة الرئيس الأميركي تدرس خيار منع الشركات الأميركية من توسيع علاقاتها التجارية مع السعودية.

وأشاروا إلى أن هذه الخطوة، في حال تنفيذها، ستشكل رداً على قرار أوبك بلاس، دون تقويض أهداف الولايات المتحدة في المنطقة، ولاسيما “توحيد إسرائيل وجيرانها العرب ضد إيران”.

وأن سحب الاستثمارات التجارية الأميركية من المملكة يمكن أن يؤثر على السعودية، دون التأثير بشكل مباشر على أمن الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

لكن خبراء أميركيين استبعدوا هذا الخيار، وأشاروا إلى أن إدارة  بايدن لا تستطيع أن تفرض على الشركات الأميركية عدم توسيع أعمالها في السعودية ما لم تفرض عقوبات عليها، وهو أمر عير مطروح من حيث المبدأ.

وذكروا أن الشركات الأميركية تعمل في السعودية بموجب التزامات تعاقدية، ولا يمكن وقف أنشطتها بقرارات من هذا النوع.

وأضافوا: “أن يطلب البيت الأبيض من الشركات الحد من نشاطها، وترد هي بوقف أعمالها وحزم أمتعتها وتعود إلى الوطن، أمر غير ممكن”.