لكل السوريين

منذ قبل البداية.. الجولان في أذهانهم

لطفي توفيق

لم يكن ضم الجولان عام 1981 ارتجالياً..

جاء القرار لتحقيق حلم.. زرعت بذوره في كتابات الصهاينة الأوائل..

في عام 1918، ورد في كتابات دافيد بن غوريون أن الدولة العبرية لا بد لها من أن تضم قضاء القنيطرة.

وفي مؤتمر سان ريمو عام 1920 قال وايزمن إن احتلال فلسطين دون السيطرة على الجولان

“يحرم الوطن اليهودي بعض أجود حقول الاستيطان التي يعتمد عليها المشروع بأسره إلى حد كبير”.

ومنذ سقوط الجولان في قبضتها عام 1967..

حاولت إسرائيل محو أي أثر يدل على هويته.. وهجّرت معظم سكانه..

وأزالت معظم قراه ومدنه عن وجه الأرض..

ومنذ ذلك.. بدأت بالتمهيد لضم الجولان..

مستغلة حالة إحباط مجتمعاتنا بعد هزيمة حزيران المهينة..

وبنت مشروعها على وهم.. أن سكانه ليسوا بحالة تمكنهم من معارضة أية خطوة تقوم بها إسرائيل لضم الجولان..

وأنهم سيخضعون.. لأن لا حول لهم.. ولا  قوة.

وبدأت خطوات الضم تظهر على طاولة الحكومات الإسرائيلية تباعاً…

عام 1976.. اقترح إيغال ألون مشروعاً ينص على أن تحتفظ إسرائيل بمنطقة استراتيجية في هضبة الجولان..

لمنع السوريين من التعرّض لمصادر المياه..

ومنع حدوث أي هجوم سوري مفاجئ على الجليل..

واقترح حزب مبام مشروع قرار ينص على أن تمر الحدود مع سورية فوق هضبة الجولان.. ويعتبر ما تبقى من الهضبة منطقة منزوعة السلاح.

وعام 1979.. قدم الكنيست الإسرائيلي عريضة للحكومة تطالبها باعتبار الجولان جزءاً لا يتجزأ من إسرائيل.

وفي عام 1981.. صدر ما بات يعرف باسم “قانون ضم الجولان”..

وأعتبر الجولان بموجبه “أرضاً إسرائيلية تخضع للقانون الإسرائيلي”.

وبعد قرارها.. سرعان ما أدركت إسرائيل وهمها..

حيث صنع الذين “لا حول لهم.. ولا قوة” ملحمة صمود.. قلّ نظيرها.

وحولوا نظراتهم الوادعة.. وقبضات أياديهم الصلبة..

إلى سلاح فاتك بوجه من تطاول على شموخهم..

وحاول انتزاع جذورهم من الأرض التي عشقوها..

مرت عقود أربعة على قرار الضم..

وما زال الذين “لا حول لهم.. ولا قوة”..

يتجذّرون بأرضهم كأشجار الجولان..

أو يموتون فوقها..

وقوفاً.. كالأشجار.