لكل السوريين

طوابير من الموظفين والمتقاعدين في الساحل السوري.. صرّافات الحكومة ترهق السوريين

تقرير/ سلاف العلي

يعاني موظفون ومتقاعدون في الساحل السوري من الطوابير والساعات التي يقظونها أمام أجهزة الصاف الآلي لقبض رواتبهم بشكل متكرر، لتتزايد الشكاوى من الازدحام وتعطل الأجهزة والمشاحنات التي قد تنشب بسبب الضغط الكبير.

استمرت أزمة الصرافات في الساحل السوري وتفاقمت، يعود ذلك الى أسباب عديدة ومن أبرزها: قلة عدد الصرافات العاملة، حيث يعاني العديد من الصرافات من أعطال متكررة، وغالبا ما تخرج عن الخدمة أياما أو حتى أسابيعَ دون صيانة سريعة، وكذلك نقص السيولة النقدية، فقد باتت مشكلة نقص الأموال في الصرافات ذريعة إضافية تزيد من المعاناة، حيث يجد المواطنون أنفسهم أمام صرافات فارغة أو لا تتيح سوى سحب مبالغ محدودة، إضافة الى السقف المحدد للسحب، فتحديد سقف يومي للسحب زاد من الضغط على الصرافات، إذ يضطر المواطن إلى العودة أكثر من مرة للحصول على كامل راتبه، علاوة على التأخير في تغذية الصرافات، فالكثير من الصرافات تترك دون تغذية بالأموال لفترات طويلة، مما يزيد من الازدحام عند القليل من الصرافات العاملة. إضافة الى انقطاع الكهرباء وسوء شبكة الاتصالات، حيث تتسبب هذه العوامل في تعطل الكثير من الصرافات، أو توقفها المؤقت أثناء محاولة المواطنين السحب.

تشهد اللاذقية وطرطوس أزمة حادة في الصرافات الآلية التابعة للمصرفين العقاري والتجاري، فقد أصبحت مشاهد الطوابير الطويلة أمام الصرافات مشهدا يوميا يعكس حجم المشكلة التي يعاني منها المواطنون، ولا سيما الموظفون والمتقاعدون الذين يعتمدون على هذه الصرافات، ويضطرون للانتظار لساعات طويلة في ظروف غير مريحة، وأحيانا في طقس شديد البرودة أو الحرارة، وتحول موضوع قبض رواتب الموظفين عبر أجهزة الصراف الآلي إلى معاناة تتكرر كل شهر، حيث يقف المئات منهم ساعات طويلة أمام تلك الآلات علهم يستطيعون الحصول على رواتبهم.

ففي ظل غياب حلول جذرية، تبقى الطوابير الطويلة ومعاناة المواطنين، ولا سيما المتقاعدون، مشهدا مؤلما يتكرر كل شهر، في انتظار إجراءات فعلية تحترم كرامة الناس وتخفف عنهم أعباء الحياة.

فالكثير منهم يعاني من أمراض مزمنة تجعل الوقوف فتراتٍ طويلة خطرا على صحتهم، ومع ذلك لا يجدون بديلا سوى الاستمرار في الطابور أو العودة لاحقا لمحاولة جديدة، مما يعني إرهاقا جسديا ونفسيا إضافيا.

يقول أحد المتقاعدين في أحد الطوابير أمام صراف تجاري معطل في وسط مدينة اللاذقية:

أعاني من امراض بالكبد والكلية وارتفاع ضغط الدم، ومع ذلك يجب أن أقف ساعات للحصول على راتب لا يكفي حتى لشراء أدويتي، وفي كل مرة أعود إلى المنزل دون أن أتمكن من السحب، أشعر أنني بلا كرامة، وكأننا متسولون ننتظر الصدقة.

السيد امين وهو موظف في مؤسسة الاتصالات في طرطوس، قال: عند قبض كل راتب يجب أن أنتظر في الدور ما بين ساعتين الى ثلاث ساعات يوميا، وكل شهر احضر هنا ثلاث او أربع مرات لاستلام الراتب لكن المصرف التجاري لا يسمح بسحب أكثر من 500 ألف في الأسبوع وكل سحبة 200 ألف فقط.

السيدة زينب، وهي متقاعدة قالت: عن صعوبة قبض راتبها البالغ 300 ألف ليرة فقط، لكن راتب المتقاعدين كان يجرى تفعيله بين الـ 15 والـ 20 من كل شهر، أما الآن فإن العاملين والمتقاعدين يتقاضون الراتب خلال نفس الفترة، ما يجعل الناس تصطف بالعشرات أمام أجهزة الصراف الآلي.

أما الموظف خالد بطرطوس فقال: كان هناك ربط بين البنك العقاري والمصارف الخاصة، الأمر الذي كان يخفف من مدة انتظار الموظفين، ومن الأفضل إعادة هذه الخطوة مع ضرورة إجراء صيانة لكل أجهزة الصراف الآلي المعطلة، ولتخفيف الازدحام، أقترح تفعيل دور معتمدي الرواتب ، إضافة إلى إعادة تفعيل الاتفاقية التي كانت سابقا مع المؤسسة العامة للبريد، حيث ستساعدنا كثيرا بفعل الانتشار الكبير لفروع مؤسسة البريد في كافة المناطق والأرياف لتخديم أصحاب هذه المناطق.

السيد محمد، الإداري في المصرف العقاري باللاذقية، اوضح أن سبب الازدحام الموجود على أجهزة الصراف الآلي هو لأن البنك العقاري لا يخدم فقط أصحاب المعاشات القائمين على رأس عملهم والمتقاعدين، وإنما جميع المتعاملين معه، حيث يجرى توزيع السيولة المستلمة من المصرف المركزي يوميا على جميع الفروع وأجهزة الصراف الآلي في المحافظات، ويبين أن سياسة المصرف في تغذية أجهزة الصراف الآلي تقوم على التركيز على أجهزة الصراف الآلي الرئيسية حيث يمكن توفير الكهرباء على مدار الساعة كأجهزة الصراف الآلي في مبنى الإدارة العامة.

يؤدي نقص السيولة وصعوبة السحب إلى ضعف القدرة الشرائية للمواطنين وتأخرهم في سداد التزاماتهم المالية. كما أن الموظفين يضطرون إلى التغيب عن أعمالهم أو التأخر بسبب الوقت الطويل الذي يقضونه أمام الصرافات، مما ينعكس سلباً على الإنتاجية في مختلف القطاعات.

لكن ونحن أمام هذه الأزمة المستمرة، فأزمة الصرافات في طرطوس واللاذقية ليست مجرد مشكلة تقنية أو إدارية، بل تعكس عمق الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي تواجه المواطن يوميا.

لذلك لا بد من اتخاذ إجراءات عاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين، ومن أبرز الحلول الممكنة:

زيادة عدد الصرافات العاملة وصيانتها الدورية لضمان بقائها قيد الخدمة طوال الوقت، والعمل على توفير سيولة نقدية كافية لتجنب نفاد الأموال سريعا من الصرافات، وان يتم رفع سقف السحب اليومي ليتمكن المواطن من الحصول على راتبه كاملا دون الحاجة إلى العودة عدة مرات، ويجب تفعيل حلول بديلة مثل الدفع الإلكتروني، وان يتم زيادة عدد نقاط البيع التي تقبل البطاقات المصرفية لتخفيف الضغط على الصرافات، ويجب توفير مراكز خاصة للمتقاعدين وكبار السن تمكنهم من الحصول على رواتبهم دون الحاجة للوقوف ساعات طويلة، فهنالك حاجة ماسة وضرورية إلى إجراءات تحترم كرامة الناس.