حاوره/ مجد محمد
أكد وائل الشيخ ابراهيم، أنه لا يمكن الحديث عن محاربة تنظيم “داعش” دون التطرق إلى الدور المحوري الذي تلعبه قوات سوريا الديمقراطية في هذا المعركة، فقد أثبتت قسد أنها حجر الزاوية في جهود مكافحة الإرهاب في شمال وشرق سوريا، حيث قادت معارك حاسمة ضد التنظيم بالشراكة مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
بين ركام الحروب واطلال المدن المدمرة يواصل تنظيم “داعش” الإرهابي شق طريقه للعودة، مستغلاً حالة الفوضى التي تعصف بسوريا بعد سنوات من النزاع المسلح، ومع تصاعد التحركات الأمريكية في المنطقة وعمليات الإنزال الجوي التي تستهدف قادة التنظيم، يبقى الملف السوري حاضراً بقوة على طاولة صناع القرار في واشنطن وخاصة في ضل عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية مرة أخرى، ما يثير تساؤلات حول مستقبل سوريا في ضل هذا المشهد المعقد.
لم يكن تنظيم “داعش” مجرد ظاهرة عابرة في المشهد السوري، بل كياناً إرهابياً استطاع استثمار الفوضى الناتجة عن سقوط النظام في بعض المناطق ليعيد ترتيب صفوفه، ومع ضعف الهياكل الأمنية في العديد من المحافظات السورية وتفكك سيطرة القوة المركزية وجد التنظيم أرضاً خصبة لنمو خلاياه النائمة وشن هجمات مباغتة تستهدف المدنيين والقوات العسكرية على حد سواء، ورغم إعلان الولايات المتحدة الأمريكية القضاء على تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، إلا أن الواقع الميداني يكشف عن استمرار العمليات العسكرية الأمريكية ضد بقايا التنظيم الإرهابي، فعمليات الإنزال الجوي التي تنفذها القوات الخاصة الأمريكية في مناطق شمال وشرق سوريا تؤكد وجود تهديدات مستمرة تتطلب تدخلاً عسكرياً مباشراً.
وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا السوري حواراً مطولاً مع الأستاذ وائل الشيخ ابراهيم، عضو الحزب السوري الوطني، ودار الحوار التالي:
*إلى أي درجة استغل هذا التنظيم الفوضى السياسية في سوريا؟
بدون شك منذ إعلان الانتصار على تنظيم “داعش” جغرافياً لم تتوقف نشاطات التنظيم في المنطقة، نشاطاتهم في مخيم الهول ومحاولات الفرار من السجون ونشاطاتهم الفردية عبر خلاياهم النائمة كلها تشهد أن لديهم تحركات مستمرة، الآن وبعد سقوط نظام الأسد البائد تبين أنه قبل سقوطه كان هناك تساهل معهم في منطقة ريف دير الزور غربي نهر الفرات أو بما تعرف بمنطقة الشامية، فهذه الجماعات توسعت بشكل أكبر وخاصة الآن عبر بعض التنظيمات المختلفة اسمياً كحراس الدين مثلاً الذين تستهدفهم الولايات المتحدة الأمريكية، وهذه الجماعات يبدو أنها متواجدة في الساحل السوري ودمشق وحماه وادلب أيضاً، إلى جانب بعض القيادات الذين فروا من السجون لجأوا إلى الفصائل التابعة لتركيا بما يسمى “الجيش الوطني”، وبالتالي فإن نشاط “داعش” في هذه المرحلة تحديداً بعد سقوط النظام يبدو أنها تتجهز بشكل مخطط وممنهج لفعل شيء ما.
*كيف يؤثر تضارب المصالح الإقليمية في الساحة السورية على حياة هذا التنظيم؟
سوريا الوضع الداخلي فيها مؤلم جداً، الوضع في سوريا يشبه قيام الحرب العالمية الثالثة حيث تتضارب مصالح كل من أمريكا وإسرائيل وتركيا ولا ننسى أيضاً مصالح روسيا وإيران، تركيا هدفها الاحتلال بحجة أن الإدارة الذاتية تشكل خطراً على أمنها وحدودها، فهنا المصالح ما بين تركيا وأمريكا واسرائيل اختلفت لأن جميعنا رأينا الطريقة التي جاء بها الجولاني لقيادة سوريا ونصب نفسه رئيساً بالأمر الواقع، لأن الفصائل المسلحة في سوريا هي التي فرضت الجولاني رئيساً لمدة أربع سنوات، فالسعودية والخليج يحاولون احتضان الشرع والوضع في سوريا من أجل الحد من المد الشيعي وقطع دابر إيران، وأيضاً لا ننسى الاحتلال الاسرائيلي وتمدده حتى جبل الشيخ وبناء قواعد عسكرية لها فيه، فكل هذه التدخلات تنشط “داعش” مستغلاً حالة الفوضى
*ما أثر التعاون بين قسد والتحالف الدولي على الديناميكيات السياسية في سوريا والمنطقة؟
إن أثر وجود “داعش” وتأثيره على العلاقات بين قسد والتحالف الدولي بقيادة أمريكا معتمد على أهمية أو الثقل الذي يتوجب أن يكون، هناك علاقة بين هذه القوة وجميع القوى الدولية المشكلة للتحالف الدولي لمحاربة داعش، يعني أن الأطراف الدولية المنضوية تحت قوات التحالف الدولي ترى أن الخطر الرئيسي الذي يواجه المنطقة هو مشروع “الدولة الإسلامية” الذي تعمل عليه “داعش” وتهديد هذا التنظيم للأمن العالمي بشكل عام، فعندما تتحدث الولايات المتحدة الأمريكية عن أمنها القومي فيما يتعلق بمسألة “داعش” حينها ندرك إن أمريكا جادة في أن التنظيم يهدد أمنها القومي، فالأطفال الذين كانوا في مخيم الهول باتوا الآن شباباً تتجاوز أعمارهم الثامنة عشر، فنحن الآن بمواجهة جيشاً جديداً من أطفال “داعش” يتألف من ٣٥ الف شخص، وهم بتفكير وعقيدة “داعش” وهذا ما يؤثر على سوريا بشكل خاص والمنطقة والعالم بشكل عام.
*كيف سيغير ترامب برأيك سياساته تجاه سوريا في ظل عودة تنظيم “داعش” الإرهابي مرة أخرى؟
الخطوة التي ليست في صالح المنطقة الآن هي انسحاب القوات الأمريكية من قاعدتهم في حقل كونيكو وبالتالي هذه تعتبر واحدة من نقاط الضعف، فموقف دونالد ترامب حتى الآن غير جدي في المنطقة وهناك تخبط بين تصريحاته وتصريحات البنتاغون، وهذا ما يسمح لتركيا حليفة “داعش” وحاضنته الأم بالتوغل في سوريا في ظل حكومة الجولاني الحالية، فإن لم يكن هناك تعاون أمريكي حقيقي بشكل جدي فالتنظيم سيستغل الفرصة ويستمر بهجماته ويعود للنشاط من جديد.
*من الملفات الشائكة في المرحلة الحالية، هي عناصر “داعش” القاطنين في السجون، ماذا بشأن ذلك؟
في حال حدوث فوضى يخشى أن يفر المعتقلون، مما يشكل تهديداً أمنياً كبيراً ليس لسوريا فحسب، بل لدول الجوار، وتثار المخاوف من أن يتمكن تنظيم “داعش” من استغلال الفوضى وإعادة ترتيب صفوفه وشن هجمات جديدة، كما حدث في سيناريوهات مشابهة في سوريا والعراق سابقاً، عندما حاول تنظيم “داعش” عام ٢٠٢٢ تحرير سجنائه من سجن غويران في الحسكة، فيجب على مناطق شمال وشرق سوريا ألا تتعرض لأي ضغوط أو فوضى لأن السجون فيها تعتبر قنابل موقوتة وقوات سوريا الديمقراطية بجدارتها متحكمة بهذا الوضع حالياً.