دمشق/ مرجانة إسماعيل
يخلق انتشار “البسطات” بشكل كثيف في الشوارع الفرعية لمدينة دمشق، وكذلك الشوارع الرئيسية أسواقاً موازية لتلك الأسواق التقليدية المعروفة في المدينة، يسهم في ذلك توجّه أصحابها نحو حرية العمل والتنقّل، والهروب من عبء مصاريف المحال التجارية من إيجار وخدمات.
وعلى الرغم من الانتقادات الشعبية أحياناً لانتشار هذه الظاهرة وخاصةً في الطرقات الرئيسية حيث الازدحام، والتضييق الحكومي في أحيان كثيرة ومخالفة أصحابها، إلا أنها تبدو اليوم “ملجأً اقتصادياً” للعاطلين عن العمل من جهة، والسكان من ذوي الدخل المحدود من جهة أخرى، لانخفاض أسعار بضائعها مقارنةً بأسعار البضائع الأخرى.
وبعد أيامٍ قليلة من التحرير، وجد أصحاب “البسطات” متّسعاً لإعادة التموضع في أماكن كانت ممنوعةً، في فرصةٍ للاستفادة من تجارة البضائع القادمة حديثاً إلى المدينة، على رأسها البضائع الغذائية التركية المنشأ، والأرخص سعراً مقارنةً بالبضائع المتوفرة في المدينة سابقاً، وفقاً للأهالي.
وباتت “البسطات” خياراً أقل تعاسةً من العمل في المصانع، إذ أن الأجور الزهيدة للعمّال لا يمكن أن تكفي حتى لمنتصف الشهر، مهما “قتّروا” في المصاريف.
وكان كريم يتقاضى حوالي 75 ألف ليرة سورية أسبوعياً في معمل النسيج، وهي أجور لا تكاد تؤمن أدنى المتطلبات اليومية.
بينما افتتح اسماعيل بعد تحرير المدينة بحوالي 20 يوماً، بسطةً لبيع “المواد الغذائية التركية”، التي نشّطت الحركة على “البسطات” خلال الأيام القليلة الماضية نتيجة لانخفاض أسعارها.
ويتسوق جمال البضائع التركية من مدينة سرمدا شمالي إدلب، ويعود بها إلى دمشق، حيث يعتاش اليوم من بسطته، التي لجأ لها بعد توقف عمله في تصنيع البرادات المنزلية في المدينة عقب التحرير.
ويقول عقيل إن “توفّر البضائع التركيّة أضاف أصنافاً مرغوبة في السوق بكثرة وتشهد مبيعاً ممتازاً، فمثلاً يمكن أن تبيع قطعة بسكويت بـ 2500 ليرة سورية، بينما القطعة من البسكويت المحلي سعرها من الـ 3 آلاف ليرة وما فوق”.
ويضيف الرجل، وهو صاحب بسطة لبيع الألبسة المستعملة والألعاب، إن “تكاليف افتتاح المحل التجاري، ما بين استئجار وخدمات، قد تصل إلى 80 مليون ليرة سورية سنوياً، وهو مبلغ خيالي بالنسبة لفئة واسعة من أصحاب البسطات، ونحن لا نقوى على تحمّل هذه النفقات.. لذلك كانت الأرصفة رأس مالنا لتأمين لقمة العيش”.
يشتكي في ذات الوقت من تراجع الطلب والمبيع للألبسة المستعملة والألعاب ولباس الأطفال، التي يعمل فيها، مبيناً أن “الطلب بالوقت الحالي فقط على المواد الغذائية التركيّة”.