اللاذقية/ سلاف العلي
في ظل الفوضى التي اجتاحت الأسواق نتيجة لارتفاع الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، اضطر العديد من أصحاب المحال التجارية إلى إغلاق أبوابهم مؤقتاً في السوق المسقوف، في حين استمر بعضهم في البيع وفق الأسعار القديمة، وبعضهم الآخر فتح محاله لكن مع زيادة أسعار السلع تبعاً للقيمة الجمركية المضافة.
أزمة فوضى الأسعار، دفعت بعض التجار إلى تخزين البضائع وفتح محالهم مجدداً عندما تستقر الأسعار عند مستوى أعلى، بهدف تحقيق أرباح أكبر، فالأوضاع الاقتصادية الهشة بالنسبة لشريحة واسعة من الناس، تجعل مسألة غلاء الأسعار بمثابة كارثة تزيد أعبائهم.
قرار حكومة تحرير الشام برفع الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة، خلق حالة من الاستياء والفوضى في الأسواق، وتراوحت نسبة الزيادة بين 300% و600%، ما أدى إلى ارتفاع هائل في أسعار المواد والسلع الأساسية، وما زاد الأمر سوءاً رفع الأسعار بشكل عشوائي، وهذا خلق تباينا كبيرا في الأسعار بين محل تجاري وآخر، وازداد بؤس المعاناة مع زيادة الأسعار التي طالت السلع الأساسية من دون أي رقابة على التجار، وسط استغلال بعض منهم للوضع الحالي بهدف تحقيق أرباح كبيرة على حساب معاناة الناس.
وتذرعت هيئة تحرير الشام بأن رفع التعرفة الجمركية ضرورية بالنسبة لحكومة تصريف الأعمال التي تسلمت البلد بلا مقدرات ولا موارد، وهي مضطرة إلى دفع الرواتب وتوحيد الأسعار.
في واقعة ملفتة تسلط الضوء على آثار الفساد في صناعة المنتجات الاستهلاكية، تعرضت عدة طالبات لحالات تخرش في الصدر وضيق في التنفس نتيجة لاستنشاق عطر ملوث، الحادثة أثارت جدلا واسعا حول سلامة تركيبات العطور المنتشرة في الأسواق، خاصة العطور الرخيصة أو تلك التي تصنع محلياً بطرق غير آمنة، ان الأعراض ناتجة عن استنشاق مركبات كيميائية مهيجة للقصبات الهوائية والرئتين، موجودة في العطر، والعطر يحتوي على مواد كيميائية غير آمنة، مثل الكحول الصناعي والمذيبات الرديئة التي تُستخدم لتقليل تكاليف الإنتاج. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر بعض المصانع المحلية غير المرخصة إلى معايير الجودة والسلامة، مما يسمح بدخول منتجات ملوثة أو خطيرة إلى الأسواق.
هكذا حوادث انتشرت مع انتشار المنتجات المزورة، والتي تباع في جميع الأحوال، حيث تعمل معامل غير مرخصة على تزوير كل أنواع البضائع التجميلية من عطور وكريمات للجسم والشعر وحتى مزيلات العرق وملطفات الجو وما إلى ذلك، وقد زاد البيع على صفحات انستغرام أو مجموعات الفيس بوك والواتساب من زيادة تفشي المواد والمنتجات المزورة والتي يروج لها على أنها ماركات عالمية أصلية ولكنها مهربة لذلك هي رخيصة، وفي الحقيقة هي مقلدة ومعبأة محليا، وسط غياب لأي من مظاهر الرقابة الحقيقية، وخضوع جميع أنواع التجارات لبازار الفساد والرشاوي، وغياب أي نوع من أنواع الرقابة مع وجود عصابات تزوير وتصنيع خارج إطار القانون، وخصوصاً في مناطق سيطرة النظام.
أن التزوير بات متقنا لدرجة كبيرة، فالشكل يزداد تشابها مع المنتجات الأصلية كل يوم، حتى اللاصقات الليزرية تم تزويرها، لخداع المستهلك الذي لا يملك خبرة كبيرة بتمييز البضاعة المقلدة، إضافة إلى إغرائه بالسعر المنخفض غالباً مقارنة بالسعر الأصلي، ويعد تزوير العطور أسهل من تزوير منتجات التجميل، لأن أي شخص قادر على تركيب عطر من خلال خلط الزيت العطري مع الكحول والقليل من المثبت وصبغة لونية، وتنتشر بسطات بيع العطور على الطرقات في اللاذقية وعلى طرق الريف، وهي جميعها غير موثوقة، أو لا تحمل كثيراً من زيت العطر على عكس العطور الأصلية، وأن الفساد في صناعة العطور لا يقتصر فقط على استخدام مواد رديئة، بل يشمل أيضا بيع منتجات مقلدة تحمل أسماء ماركات عالمية بأسعار مرتفعة، والتلاعب بالمكونات عبر إضافة مواد كيميائية غير معتمدة وغير مختبرة.
لا يمكن أن تكون الدولة من دون جمارك وموارد، كما أن الجمارك تسن عادة كي تحمي المنتج المحلي، والحديث عن الرفع الهائل في أسعار المواد الأساسية مبالغ فيه، بالإضافة إلى الاحتكار وتلاعب التجار في الأسعار، كل ذلك خلق فوضى.