لكل السوريين

تأجيل أم تفريغ للجنوب.. نزيف الهجرة يحرم درعا من شبابها

درعا/ محمد الصالح 

يجازف العديد من أبناء محافظة درعا بحياتهم خلال هجرتهم من سوريا بدوافع مختلفة بين شخص مطلوب للخدمة العسكرية، وآخر يخشى على نفسه من الاعتقال أو الاغتيال، ويشترك معظمهم بدافع رئيسي وهو الوضع المعيشي المزري الذي بلغته البلاد عموماً، ومحافظة درعا بشكل خاص.

ويهاجر شباب المحافظة باتجاه لبنان أو تركيا أو ليبيا، ثم يخوض بعضهم رحلة بحريه محفوفة بالمخاطر، وينفقون خلالها أموالاً طائلة، للهروب من الوضع الأمني والمعيشي الذي يتفاقم في مناطقهم، بشكل مستمر، ويشعرهم باليأس من البقاء فيها، بسبب انسداد الأفق أمام طموحاتهم وأحلامهم.

وتشهد المحافظة تجمع مئات الشباب على أبواب شعب التجنيد للحصول على إذن سفر، وذلك بعد قرار إعطاء إذن السفر بشكل خاص لأبناء محافظتي درعا والقنيطرة، المطلوبين للخدمة العسكرية، والذين حصلوا سابقاً على تأجيل لمدة عام.

ويقوم غالبيتهم بدفع مبالغ طائلة كرشاوي لتسريع عملية منحهم هذا الإذن.

طرق التهريب

خلال تهريبهم للشباب، يسلك المهربون أحد طريقين، يتجه الأول إلى لبنان برعاية قيادات من حزب الله اللبناني، ويتم تهريب الشباب، عبر المعابر الخاصة بالحزب على الحدود السورية اللبنانية، مقابل دفع مبالغ تتراوح بين 500 و 1500 دولار على الشخص الواحد.

ثم يتابع الشباب طريقهم باتجاه دول أخرى، فالحياة في لبنان لم تعد هدفاً بعدما غرق هو الآخر بأزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ويتجه الطريق الآخر إلى المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة في الشمال السوري، عبر حواجز عسكرية، مقابل دفع مبالغ تتراوح بين 1300 – 1700 دولار أمريكي على الشخص الواحد.

وهذا الطريق محفوف بالمخاطر، حيث سقط فيه العديد من القتلى، واعتقل العشرات من الشبان. ويغادر الذين تمكنوا من الوصول إلى الشمال السوري باتجاه تركيا، بطريق أشد خطورة، وأكثر تكلفة، حيث يتم دفع آلاف الدولارات أيضاً.

ثم يغادر الواصلون إلى تركيا عن طريق البحر باتجاه أوروبا.

تأجيل.. أم تفريغ للجنوب

حصل العديد من شباب محافظة درعا على تأجيل عن الخدمة العسكرية الإلزامية لمدة عام، وفقاً للقرار الصادر في نيسان الماضي، كخطوة أولى للتسويات التي تمت، ولترسيخ المصالحة في الجنوب السوري، حسب مسؤولي السلطة.

وفي البداية لم يتم منح المؤجلين إذن سفر بناء على هذا التأجيل.

ثم تمت الموافقة مؤخراً على منحهم إذن السفر.

واعتبر مراقبون قرار تأجيل أبناء درعا والقنيطرة عن الخدمة العسكرية، ومنحهم الإذن لمغادرة البلاد، بأنه محاولة لتفريغ المنطقة من شبابها، حيث من المؤكد أنهم بعد السماح لهم بالسفر، سيغادرون فوراً هرباً من الوضع الأمني، ومن الأوضاع المعيشية المزرية في المحافظة.

يشار إلى أن مئات الشبان غادروا درعا منذ منتصف العام 2018 بعد تطبيق اتفاقية التسوية والمصالحة، بين السلطة في سوريا، والفصائل المحلية، برعاية روسية.