مربو النحل في سوريا ضحية تردي الإنتاج والحرائق والأمراض

تقرير/ سلاف العلي
تواجه تربية النحل في اللاذقية وريفها صعوبات كبيرة مع مرور سنوات الأزمة، ما دفع العديد من مربي النحل للعزوف والابتعاد عن هذا القطاع والتوجه إلى قطاعات ذات مردود مادي أفضل.
لقد أصيب قطاع تربية النحل وإنتاج العسل بأضرار كبيرة نتيجة الحالة المعيشية الراهنة وآثار الحرائق الكبيرة التي اجتاحت ريف المحافظة وسببت الاذيات لهذه الثروة الاقتصادية وإنتاجيتها و مردود المربين و أيضا على العدد الكبير من الأسر التي تشكل تربية النحل مصدر عيش لها، يضاف إلى ذلك، أن سبب التردي الإنتاج وتسويقه ترافق مع ارتفاع أسعار العسل إلى الحد الذي لم يعد المستهلك قادرا على شرائه إلا في حالات الضرورة الطبية الاستشفائية، إذ يأتي عسل الحمضيات في المرتبة الأولى بين أصناف العسل يليه الزعتر والعجرم والشوكيات التي تنتشر في المناطق الجبلية، و تتوفر في محافظة اللاذقية الظروف الملائمة لنجاح تربية النحل ولا سيما لناحية تنوع الغطاء النباتي وانتشار النباتات الرحيقية في مختلف المناطق وهو ما يتيح الفرصة أمام المربين لإنتاج العسل بكميات جيدة وتحقيق عوائد مادية جيدة، يشار أن عدد خلايا النحل في المحافظة وريفها مائة ألف خلية موزعة على المناطق كما يلي: منطقة اللاذقية ٣٥٠٠٠ خمس وثلاثون ألف خلية، جبلة 35000 خمس وثلاثون ألف خلية، الحفة 20000 عشرين ألف خلية، القرداحة ١٠٠٠٠ عشرة آلاف خلية، و يبلغ عدد المربين في المحافظة 4000 الالاف مرب موزعين على مناطق المحافظة كما يلي اللاذقية: 1500 ألف وخمسمائة مرب في جبلة ١٠٠٠ ألف مرب، الحفة 1000 الف مرب، القرداحة 500 خمسمائة مرب ووصل عدد المربين المتضررين من الحرائق ٨٦٧ و بلغ عدد الخلايا المحروقة ١٦٥٠٣ بنسبة ضرر كعدد مربين ٢٥ % من العدد الكلي للمربين و نسبة ضرر كخلايا محروقة ١٨ % من عدد الخلايا الكلي.
إن قطاع النحل تراجع كثيرا خلال السنوات الأخيرة بسبب الظروف الراهنة وعدم قدرة المربين على نقل نحلهم، يضاف إلى ذلك الظروف الجوية غير المناسبة وبالأخص الجفاف والحرائق التي حدثت، والتي أدت إلى خروج مساحات كبيرة من الأشجار والشجيرات والأعشاب التي كانت تشكل مرعى جيدا للنحل، وأن هذا القطاع الإنتاجي الغذائي الهام تراجع أيضا جراء إهمال تأصيل النحل السوري والجهل سابقا بأهمية سلالة النحل السوري كسلالة متأقلمة مع ظروف منطقتنا و إدخال سلالات من النحل الأجنبي من قبل البعض وخاصة مجهولة المصدر بطريقة غير شرعية أدت إلى حدوث خلط وراثي وانتشار العديد من الأمراض و السلالات الأجنبية المدخلة والهجن الناتجة عنها و الخلط والانعزالات الوراثية التي أصابت السلالات الموجودة فكان لها دور سلبي جدا أدى الى تراجع قطاع النحل هذا القطاع الزراعي المهم الذي يعتبر مصدر دخل لآلاف الأسر الزراعية، لذلك كان من الضروري البحث عن حلول و خطط ومشاريع لإعادة تأهيل هذا القطاع وتقويته لتأمين مصدر دخل دائم لآلاف الأسر الزراعية وخاصة أن أغلبية المزارعين في محافظة اللاذقية وعموم المنطقة الساحلية هم من أصحاب الحيازات الصغيرة التي لا تكفي لسد احتياجات المزارعين اذا ما استثمرت فقط بزراعة الخضار أو الاشجار لذلك تعتبر تربية النحل مشروعا إنتاجيا واقتصادي ناجحا يمكن أن يعزز الأمن الغذائي لهذه الأسر الزراعية الفقيرة.
إن معاناة مربي النحل في اللاذقية وريفها تتلخص بمشكلة عدم وجود تصريف للعسل المنتج بسبب غلاء الأسعار، وضعف القوة الشرائية للمواطنين العاجزين عن شراء أبسط المواد الأساسية، وارتفاع سعر المحروقات، وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل عام من أجور نقل خلال فترات المراعي وارتفاع أسعار الخلايا الخشبية والمواد الأولية والأدوية وحدوث حالات سرقة للخلايا في بعض المناطق، والسيد سامر وهو نحال من ريف اللاذقية، أوضح قائلا: إن المواطن يشتكي ارتفاع أسعار العسل لكنه لا يعرف قيمة التكاليف التي نتكبدها في رحلة الإنتاج الطويلة، من شراء المناحل ونقلها إلى الأراضي الزراعية وارتفاع سعر كيلو السكر الذي نطعمه للنحل في أوقات معينة، وبين أن سعر كيلو العسل يتراوح ما بين 150ألف الى 300 ألف حسب نوعه والزهرة التي تغذت عليها النحلة، إلا أن ضعف الرواتب وتراجع الطلب بشكل كبير دفعنا للبيع بخسارة، وبما يعادل قيمة التكلفة، وبدون أجور النقل وباقي المستلزمات، وهنالك امراض كثيرة تصيب النحل ومنها مرض النوزيما الذي يعالج عن طريق إضافة منقوع النباتات العطرية كالشيح أو الزعتر البري مع التغذية إضافة إلى مرض طفيل الفاروا والذي يكافح بشكل دوري عن طريق إجراء الاختبار لتحديد شدة الإصابة بالشرائح الصينية الفلو فلينات أو شرائح الزيوت العطرية، لكن تكلفة العلاج تضاف إلى التكاليف.
النحال منذر من ريف الحفة قال: مهنة تربية النحل موروثة عن الوالد الذي يعمل بها منذ أكثر من 55 عاماً، وتابع أبناؤه العمل من بعده ليصل عدد الخلايا لديهم إلى 200 خلية نحل تنتج مختلف أصناف العسل من حبة البركة والعسل الجبلي والحمضيات والقبار، إضافة إلى كل منتجات الخلية من العكبر والغذاء الملكي وسم النحل وغبار الطلع، لكن هنالك صعوبات تعترض العمل أبرزها ارتفاع تكاليف نقل الخلايا كل فترة حسب مواسم الزهر على مدار العام، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج، ويتم إنتاج العسل من النوع الجبلي والشوكيات من خلال نقل خلاياه لعدة مناطق بريف اللاذقية، حيث تنتشر أزهار حبة البركة واليانسون والأزهار البرية، وأضاف يشكو منتجو العسل من تفاقم العراقيل التي تسببت في خسارتهم عدداً من قفران النحل ونفوق أسراب منها، مما اضطر البعض منهم إلى ترك هذه المهنة جراء الارتفاع الجنوني لتكاليف الإنتاج وصعوبات التسويق وقلة الدعم الحكومي.