لكل السوريين

المرأة ودورها في بناء المجتمع

عبد الرحمن العيسى

من المؤكد أن المرأة نصف المجتمع وتلد النصف الآخر.. وبهذه الحقيقة الدامغة تمثل المرأة المجتمع كله لا نصفه، وهي ليست فقط الأم ولا الأخت ولا البنت ولا الزوجة إلى آخر القائمة من المصطلحات الفضفاضة التي يستخدمها البعض كمسكنات عند اللزوم.. أو لتبرير أي انتهاكات ترتكب بحقها.. لكنها أساس المجتمع بأكمله.

بل إن بعض النساء بمائة رجل كما يقال نظيرما يقدمن من تضحيات وأعمال جليلة في سبيل بناء المجتمع الصغير “الأسرة”.. والمجتمع الكبير.. فعلى عاتق المرأة تقع مسؤوليات جسام.. وتقف مع الرجل على قدم المساواة في كثير من مجالات الحياة.. في ميادين الدراسة والعمل.. ولا تختلف عنه إلا في بعض الأدوار التي تحتمها طبيعة التركيب البيولوجي.. وبعض الأدوار التي يختص فيها كل منهما.

ورغم أهمية المرأة ومكانتها العظيمة وأدوارها الجليلة في المجتمع إلا أنها وقعت في فخ الثقافة الذكورية المتطرفة.. وتحت مقصلتها الحادة.. والتي صيغت لتكون المرأة تحت السيطرة التامة للرجل.. ثقافة تستند على العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية وكأنها دساتير خالدة وجد فيها الذكر المتسلط لا (الرجل) بغيته.. وما يتيح له السطوة بكل جبروته على المرأة ليفصل لها بمزاجه ووفق ما يهواه ما تلبسه وتأكله وتشربه، وطريقة مشيتها.. وتفكيرها.. وبالتالي تغييبها تماما لتكون غير قادرة على المساهمة في بناء مجتمعها.. والدفاع عن حقوقها المسلوبة أو المهدورة.

وليكون صوتها خافتا أو غير مسموع البتة.. ولتعيش حياتها وفق التناقض الصارخ الذي طغى على فعاليات المجتمع ليتيح لها المجال للركوب مع السائق دون الرضا بأي بديل آخر.. والذهاب بالأبناء للمدارس والمستشفيات.. واللهاث طوال الليل والنهار للقيام بجل الأدوار.

ولا يمانع شريحة منهم أن تقوم المرأة بالصرف من جيبها.. وشراء احتياجات المنزل لتوفر ل (سي السيد) الراحة التامة والهدوء.. لكن حين تطالب بحقوقها المشروعة ينقلب سي السيد الآنف ذكره إلى ذكر متسلط تحمر عيناه.. وتنتفخ أوداجه لينكر عليها كل ما تطالب به متذرعاً بسلاح القوامة والتي لا يملك من مقوماتها شيئا.

وحتى المرأة التي حاولت الفكاك من تلك القبضة الحديدية لم تسلم من الاتهام والتشكيك في نزاهتها وعفتها.. وربما وصفت بألفاظ موغلة إلى حد القسوة.. وبعيدة عن أسلوب التعامل بين البشر.

وعند طرح أي قضية تخص المرأة.. أو الدفاع عن حقوقها أو دورها ومكانتها في المجتمع لا تجد ردة فعل مرضية ومقبولة وبحجم الطرح من قبل من يعنيهن الأمر “النساء” إما لكونهن قد أصبن بالإحباط واليأس مع تقادم الزمان.. أو أنهن قد رضين بالواقع وتحولن بفعل الزمن وتأصل الثقافة إلى مدافعات عن واقعهن المعاش وكأنهن سيخرجن من الدين حين يطالبن بحقوقهن.

رغم أن منهن المفكرات والمثقفات والأكاديميات والكاتبات. وفي المقابل ستجد أن من يتصدى لهذه الطروحات ثلة من الرجال ترى أنها صاحبة الحق في إلجام أفواه من تسول له نفسه المساس بالمرأة وقضاياها، إذ يعتبرون أنفسهم المفوضين بالدفاع عنها وليس للمرأة أي حق في المطالبة بحقوقها والدفاع عن قضاياها أو حتى المشاركة في صناعة القرارات التي تخصها.. أو المطالبة بالمناصب القيادية.

لن نقول إن المرأة كل المجتمع حينها سنكون مفرطين في التفاؤل.. لكن نرضى ولو بالمعقول أن تكون المرأة نصف المجتمع.. ولتأخذ كل فرصها في كل مناحي الحياة.. فالتنمية ستبقى مشلولة دون هذا النصف الهام.. وتأصيل نظرة اجتماعية جديدة للمرأة تؤكد على أنها شريك أساسي للرجل.. وبتفعيل دورها قد نجد حلولا لكثير من قضايانا المعلقة.. قبل أن تكون الأمور خارج النطاق.