لكل السوريين

حول خطاب الكراهية..3

انعام إبراهيم نيّوف

يحوي خطاب الكراهية، ضمناً أو علناً، شوفينية استعلائية لمكوّن اجتماعي على غيره وقد يتجاوز خطابُ الكراهية البلد الواحد ليتوجّه إلى شعوبٍ وفئات وشرائح خارجه.

وإذ ليس لخطاب الكراهية قانون معيّن، فإن انتشاره يتزامن عادة مع التحركات الكبرى للشعوب، مثل ما حدث ويحدث منذ تسع سنوات في منطقة الشرق الأوسط. فقد ازدهر خطاب مريضٌ يصنّف الناس والشرائح والطوائف والأعراق خارج حقوق الإنسان، وخارج البعد الإنساني والأخلاق والأخوّة الإنسانيّة، بل وخارج العقل والدين أيضا.

ولأنّ آثار خطاب الكراهية لا يمكن حصرها في مكان أو مجموعة من البشر، فلا بدّ أن تسعى مؤسسات التربية والتعليم، والإعلام الرسمي والأهلي، والمؤسسات الأخرى المعنية من العمل على مقاومة خطابات التصنيف والإدانة والاحتقار لأفراد وجماعات على أساس الدين والعرق والإقليم والطائفة والجنس واللون وغيرها مما من ممارسات تمييزية ….

لكن سيبقى موضوع الفصل بين خطاب الكراهية وحرية التعبير عن الرأي من أكثر الموضوعات إثارة للجدل، والفصل بين حرية التعبير المشروعة والتي لا يجوز تقييدها أو حتى منعها وحرية التعبير التي يترتب عليها انتهاك لحقوق الآخرين.

يُعتبر خطاب الكراهية المحور الرئيس الذي يتفرع عنه التحريض على العنف أو العداء أو التمييز العنصري، ولا بد من وجود منهجية واضحة لتحليل المحتوى والظروف المحيطة بخطاب الكراهية، حتى يمكننا الوقوف على مدى تخطيه لحدود التعبير المشروع، إلّا أنه لا يوجد قانون دولي موّحد بشأن التصدي لصور التحريض على العداء أو الكراهية، والتحريض على العنف، والتحريض على التمييز العنصري. لكن تتنوع الآراء فهناك من ينادي بضرورة تجريم صور التحريض وفقا لإطار جنائي يتخلله عقوبات سالبة للحرية، وهناك من يرى أنَّ صور التحريض تشكل استثناءات على حرية التعبير لكنهم يعتقدون بأن شكل التصدي  يجب أن يختلف لكل صورة على حِدا، فالتحريض على العنف يجب أن يتم تجريمه جنائياً  وذلك للتحريض على التمييز الذي يترتب عليه عنف مباشر، أما التحريض على التمييز الذي لا يترتب عليه عنف والتحريض على العداء أو الكراهية يجب أن يتم التعامل معه وفقا لآليات مختلفة بعيدا عن الطريق الجنائي، منها  حق التعويض المدني لضحية التحريض، واللجوء لطريق التأديب الإداري بالنسبة للعاملين في الوظائف الحكومية والخاصة. بالإضافة إلى ضرورة قيام الدولة بدور توعوي لتأثير خطابات التحريض على الحق في المساواة.

أيضا، توجد فئة ترى أن الحظر والتجريم يجب أن ينصب فقط على التحريض على العنف، مع اعتبار التحريض على العداء أو الكراهية والتحريض على التمييز ضمن إطار التعبير المشروع الذي لا يجوز تقييده. أمّا بالنسبة للمادة 20 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية فإنَّ خطاب الكراهية ليس فعل مستقل عن فعل التحريض بصوره المتنوعة، بل هو الإطار العام الذي يشمل الصور المتعددة للتحريض، وهو ما يعني أن كل تحريض على العنف أو العداوة والكراهية أو التمييز هو خطاب كراهية شريطة أن يكون هذا الخطاب قد جاء مبنيا على أحد أسس التمييز العنصري.

هناك حاجة ماسة إلى الخطاب البديل من أجل موازنة الخطاب الحالي الذي يعتمد على الافتراضات الخاطئة فكريا والصور النمطية والأحكام المسبقة والتوجس من الآخر والتي تزيد من مخاطر التطرف والكراهية والعنف. كل هذا، قد يشكل عقبة أمام إقامة حوار بناء وقبول واحترام الآخر.

الترفع عن الصور النمطية، والعنصرية، والتمييز ليست بالمهمة السهلة حيث يتم تعزيزها عبر الثقافة الشعبية وفي الخطاب العام. من الصعب جدا أن تكون متوازنة لأنها تقوم على ارتباطات وهمية تبسط تمثيلنا للعالم. بعبارة أخرى، يمكن اعتبار قوالب الصور النمطية والعنصرية والتمييز هي عبارة عن اختصارات فكرية.

لكي تكون فعّالة، يجب أن يستند الخطاب البديل إلى الحقائق والمعرفة والأدلة الواضحة. الهدف النهائي هو إقناع الناس التخلي عن الاختصارات الفكرية المذكورة أعلاه وبناء آرائهم على ارتباطات قوية ومثبتة ناتجة عن الفهم العميق لمجريات الأمور والسياق.

ثمة طرق عديدة لمناهضة خطاب الكراهية ومنعه. ومن بينها:

  • رفع مستوى الوعي من خلال إجراء دورات تدريبية محلية وتثقيف الأصدقاء وأفراد العائلة بشأن مخاطر التمييز والتعصب.
  • الإبلاغ عن منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر الشائعات أو المعلومات الخاطئة.
  • إغراق فضاء وسائط التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية بالرسائل الإيجابية الداعية إلى السلام والتسامح.
  • دعم الأفراد أو الجماعات التي يستهدفها خطاب الكراهية وتشجيع صانعي السياسات على اتخاذ إجراءات ضد اللغة أو السياسات التمييزية
  • تشكيل لجان للإنذار والاستجابة المبكرين على الصعيدين الوطني والمحلي لرصد خطاب الكراهية وأشكال التحريض على العنف الأخرى.
  • ضرورة صياغة قانونٌ لخطاب الكراهية، بعد أن تغوَّلت مؤسسات دعويّةٌ ودعاة معروفون على حقّ الوطن بسلام مجتمعيّ، يتيح للجميع البناء والتقدّم.