لكل السوريين

“داعش خراسان”.. يرتكب مجزرة في مطار كابل ويربك جهود الإجلاء

تقرير/ لطفي توفيق  

طلبت الولايات المتحدة الأميركية من مواطنيها المتواجدين عند بوابات المطار مغادرتها فوراً، وجددت السفارة الأميركية في العاصمة الأفغانية كابل طلبها من المواطنين الأميركيين عدم التوجه إلى المطار بعد الهجوم المزدوج الذي استهدفه، حيث لا تزال عمليات إجلاء آلاف الأشخاص تواجه تهديدات جدّية، وتسود فوضى عارمة خارج المطار، بينما تتحدث الأنباء عن تعرض أشخاص يسعون إلى المغادرة للضرب من قبل مسلّحي طالبان.

وكان هجوم مطار كابل الدموي الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية قد أودى بحياة 169 أفغانياً و13 من أفراد القوات الأميركية، ليصبح الأكثر دموية بين استهدافات الجيش الأميركي في أفغانستان منذ 2011.

واستمرت عمليات إجلاء آلاف الأشخاص التي تواجه “تهديدات محددة وذات مصداقية” وفق ما أكدت واشنطن.

وكانت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى قد حذرت من تهديد “هجوم إرهابي” خطر في منطقة المطار، مع اقتراب الموعد النهائي لانسحاب القوات الأميركية من أفغانستان نهاية الشهر الماضي.

وتوعد قائد القيادة المركزية الأميركية تنظيم الدولة الإسلامية بالرد على هذا الهجوم، وأكد على جاهزية قوات بلاده، واستعدادها لمواجهة أي هجمات أخرى لتنظيم الدولة الإسلامية.

رد أميركي

رداً على الهجوم، قام الجيش الأميركي بتنفيذ غارة على هدف لتنظيم داعش في أفغانستان، وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان لها إن القوات الأميركية “نفذت عملية مكافحة إرهاب عبر الأجواء ضد أحد مخططي داعش خراسان في إقليم ننغهار الأفغاني.”

وأوضحت أن الاستهداف تم عبر طائرة بدون طيار، وأن المؤشرات الأولية تشير إلى “مقتل الشخص المستهدف”.

وأكدت القيادة المركزية أن المعلومات المتوفرة لديها تشير إلى عدم سقوط أي ضحايا مدنيين في الضربة.

وتعهد الرئيس الأميركي، جو بايدن، بملاحقة منفّذي الهجوم الانتحاري، مؤكّداً من جهة ثانية على تمسكه بإنجاز الانسحاب العسكري من أفغانستان في موعده، وبمواصلة عمليات الإجلاء إلى ذلك الحين.

وفي خطاب ألقاه في البيت الأبيض وصف جنود بلاده الذين قتلوا في الهجوم الانتحاري بأنهم “أبطال”، قال بايدن “لأولئك الذين نفّذوا هذا الهجوم، وكذلك لأي شخص يتمنّى الضرر لأميركا، اعلموا هذا: لن نسامح. لن ننسى. سنطاردكم ونجعلكم تدفعون الثمن”.

تنديد دولي

نددت منظمات دولية عديدة، ودول كثيرة حول العالم، بالهجوم الانتحاري على مطار كابل، وأعلنت تضامنها من أجل “مكافحة ظاهرة الإرهاب والعنف والتطرّف بكافة أشكالها وصورها”.

وجدّدت التأكيد على “رفض العنف والإرهاب مهما كانت الدوافع والأسباب”.

واتفقت معظم هذه الدول على أن ما جرى في مطار كابل “عمل إرهابي آثم يتنافى مع كافة القيم والمبادئ الأخلاقية والإنسانية”، واعربت عن “تطلّعها لعودة الأمن والاستقرار والسلام إلى أفغانستان”.

وأكدت على أن “الإرهاب ما يزال خطراً يستدعي استمرار التعاون الدولي لمواجهته”.

كما ندّدت حركة طالبان بالهجوم، مؤكدة أن “التفجير وقع في منطقة تتولّى مسؤولية الأمن فيها القوات الأميركية”.

في إشارة اعتبرها المراقبون تهرباً من مسؤوليتها في التصدي لتنظيم “داعش خراسان”.

خاصة أن الولايات المتحدة كانت قد زودت طالبان بمعلومات استخباراتية مسبقة حول الهجوم، ولكنها لم تحرك ساكناً، مما ترك انطباعاً بأنها لا ترغب في أن ينظر إليها على أنها متوافقة مع الولايات المتحدة خوفاً من الانشقاقات في صفوفها.

بينما شكك مراقبون بقدرة الحركة على الوقوف بوجه التنظيم الذي يتمتع بهيكل قيادة لا مركزي يجعل من الصعب على طالبان مواجهته.

داعش خراسان

برز التنظيم على مسرح الأحداث في أفغانستان بعد تبنيه الهجوم المزدوج على مطار كابل، وتشير التقارير إلى أن “الدولة الإسلامية في ولاية خراسان” أو “داعش خراسان”، هو فرع من تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان.

وظهر في المنطقة لأول مرة عام 2015، وشن هجمات متكررة بعد أقل من عام على استيلاء تنظيم داعش الأم، على رقعة واسعة من الأراضي في العراق وسوريا، وإعلانه الخلافة التي انهارت فيما بعد.

وتلقى “داعش خراسان”، الدعم من القيادة الأساسية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا منذ تأسيسه، حسب تقرير صدر عام 2018 عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.

ومع فقدان تنظيم الدولة الإسلامية لمعظم أراضيه في العراق وسوريا، “تحول الاهتمام بشكل متزايد إلى أفغانستان كقاعدة لخلافته العالمية”، بحسب دائرة الاستخبارات الأمنية الكندية.

وتقول الأمم المتحدة إن التنظيم يعتمد على خلايا منتشرة في جميع أنحاء البلاد تعمل بشكل مستقل، ولكنها تشترك في نفس الأيديولوجيا.

وإنه لايزال قادراً على تجنيد المسلحين من العناصر الأكثر تطرفا في طالبان، ومن المسلحين الذين يشعرون بالتهميش.

يذكر أن عمليات إجلاء المدنيين من العاصمة الأفغانية قد تسارعت بعد أحداث المطار، وتعهد قادة أوروبيون بمواصلة هذه العمليات.

لكن الشكل الذي ستتخذه هذه العمليات مازال يلفه الغموض، نظراً للوضع الأمني المتوتر، والأضرار التي لحقت ببوابة الدخول الرئيسية للمطار، واحتمالات تكرار العمليات الإرهابية في أي وقت.