لكل السوريين

اتحاد محامين الجزيرة: “الوحدة العربية الكردية أزعجت العدالة والتنمية، وتقارب دمشق وأنقرة دليل ضعف وإفلاس”

حاوره/ مجد محمد

اعتبر، عضو اتحاد المحامين في إقليم الجزيرة، عيسى لوقو، أن الهجمات التركية الأخيرة التي استهدفت مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، تهدف إلى إعادة هيمنة الاحتلال العثماني البائد في سوريا، لافتا إلى أن الوحدة العربية الكردية هي من أفزعت حكومة العدالة والتنمية، مشددا على أن المقاومة الشعبية التي يقوم بها أهالي مناطق شمال شرقي سوريا بجميع مكوناتها ستكون ذات نتائج عظيمة، وستؤدي إلى فشل المساعي العثمانية في احتلال مناطق أخرى في سوريا.

تتوالى تصريحات رأس النظام التركي أردوغان في كل مدة حول القيام بعملية عسكرية تستهدف شمال وشرق سوريا، فبعد احتلاله مدن رأس العين وتل أبيض قبل أكثر من سنتين قام بالتصعيد على مناطق أخرى، وما أن تنفض المنطقة اتربة الإرهاب، وتتنفس الصعداء، تعاود من جديد القوى الظلامية لتهديد مناطقنا، وآخرها حول إعلان أمريكا لرعاياها بعدم السفر لمناطق شمال وشرق سوريا، لأنه ستكون هناك عملية عسكرية تركيا.

وقبل يومين، شنت دولة الاحتلال التركي هجمات عدوانية عنيفة، استهدفت مناطق واسعة في شمال شرقي سوريا، وأدت تلك الهجمات إلى استشهاد عدد من المدنيين والعسكريين.

وامتدت الهجمات الاحتلالية التي شنتها دولة الاحتلال التركي من ديريك في أقصى شمال شرقي سوريا إلى تل رفعت بريف حلب الشمالي.

وجاءت الهجمات التركية بعيد تصريحات أمريكية، حذرت خلالها رعاياها من تجنب السفر إلى شمال شرقي سوريا وشمال العراق في الفترة الحالية، ما فهم بأنه ضوء أخضر أمريكي لعملية احتلالية تركية في سوريا.

ولمناقشة هذا الموضوع، والأطماع التركية أجرت صحيفتنا حوارا مطولا مع الاستاذ المحامي عيسى لوقو عضو اتحاد المحامين في إقليم الجزيرة، وجاء نص الحوار كما يلي:

ـ بداية مرحبا بك استاذ عيسى، لن نتحدث عما فعله الاحتلال التركي في مناطقنا، كونه هذا الأمر أصبح واضحا لدى الجميع، ولكن برأيك لماذا هذا العداء كله؟

السبب بسيط وواضح جدا، إنه أردوغان طالما أفزعته أمال أكراد سوريا وتوحدهم مع العرب وأبناء المكونات الأخرى وحصولهم على حكم ذاتي، فيغرون نظرائهم في جنوب تركيا، للمطالبة بخطوة مماثلة.

بالإضافة إلى أن تركيا تسعى لعدة أهداف، وهي إعادة أمجاد الدولة العثمانية، وإحياء الميثاق الملّي، وضرب النجاح الذي حققه الشعب في شمال وشرق سوريا.

ـ بشأن تصريحات السفارة الأمريكية في أربيل حول تنبيه رعاياها من السفر إلى شمال سوريا لوجود عملية عسكرية تركية محتملة، ما مدى خطورة هذا الموضوع؟

الأمر لا يعدو عن حرب إعلامية، أمريكا وإن كانت حليف المنطقة، ولكنها حليف غير جدير فلا يمكننا نكران أن أردوغان حول الطفل المدلل لها، وأردوغان مقبل على انتخابات، لقيامه بعملية عسكرية هذا مستحيل، ولكن ممكن أن تكون عمليته العسكرية عبر استهداف طائراته المسيرة للمنطقة، وللأسف هذا يحصل في منطقتنا كل يوم تقريبا، ضمن صمت مطبق من العالم أجمعه.

في الحقيقة، خطورة هذا الموضوع لا يقتصر على مناطق شمال شرقي سوريا فحسب، وإنما على سوريا بشكل عام، فبالنهاية شمال شرق سوريا هي جزء لا يتجزأ من سوريا، وأي استهداف لأي منطقة سورية يعتبر تعدي على سوريا والسوريين بشكل عام، ويعتبر احتلال تركيا لأراضي سورية.

وما مدى خطورة تقارب تركيا مع الحكومة السورية؟

تقارب الاحتلال التركي مع الحكومة السورية هو دليل ضعفه وإفلاسه، وهذا التقارب هدفه الأساسي هو سد الطريق أمام أي حل أو تحول سياسي في المنطقة وحوار سوري_سوري، وإفشال تجربة الإدارة الذاتية وعدم تعميم تجربتها في جميع الأراضي السورية، وإعادة اللاجئين من تركيا ولو بالقوة، فإن تحققت هذه الأهداف لا يمكننا نكران خطورة الأمر.

والنظام السوري، أليس واعيا لمخططات التركية؟

النظام السوري وقواته مجرد أداة بيد روسيا وإيران، فهم لا يملكون من أمرهم شيئا، وللأسف هو إلى الآن في غيبوبة تامة، فآن الأوان لينهض من غيبوبته، ويحاول لملمة الشتات السوري، ومد يده لمحاولة حل الأزمة في سوريا عبر حوار وطني سوري_سوري.

 من خلال مد يد أصابع الاتهام لتفجير اسطنبول إلى قواتنا في سوريا، ما المقصود من ذلك؟

تركيا تود أن تلقى وبشكل متعمد مسؤولية الانفجار إلى قواتنا، لتشرع بذلك هجماتها على شعوب المنطقة، وتهيئ الأرضية لهجمات جديدة على مناطقنا، وان هذا الترويج هو لعبة مفبركة من الاستخبارات التركية، للحصول على رأي عام عالمي لشرعنة حالة احتلال جديدة لمنطقتنا، وإن محاولاتها هذه ليست جديدة فتركيا لها سوابق في هذا الموضوع.

هي تريد كسب تأييد دولي لعمليتها العدوانية التي تستهدف من خلالها استهداف مناطق أخرى في سوريا، أما بالنسبة لتوقيت هذه العملية، فقد جاء في وقت انشغل فيه العالم بالحرب الروسية الأوكرانية من جانب وببطولة كأس العالم من جانب آخر، لكي يتسنى لها ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات بحق السوريين الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم شكلوا إدارة يديرون بها أنفسهم، وهذا ما أزعج حكومة العدالة والتنمية.

وحيال هذا كله، ماذا بخصوص الرأي العام العالمي؟

الرأي العام العالمي لا يمكن الاعتماد عليه، فسابقا تركيا ارتكبت مجازر ممنهجة وجرائم حرب، واستخدام أسلحة محرمة دوليا، والرأي العالمي توقف على القلق والشجب والاستنكار، حاليا الأمر لا يقف على منطقتنا في شمال وشرق سوريا، فالقوى العالمية تشهد إعادة تموضع، فممكن أن نشهد في الفترة المقبلة نظام عالمي جديد.

للأسف، الرأي العالمي في الوقت الحالي لا يهمه سوى إدلاء بيانات منددة، أو في بعض الأحيان يشعر بالقلق، وهذا الموقف لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يمكن كبح جماح تركيا إلا بوجود موقف حازم، وأخص بالذكر الحكومة السورية التي لابد أن يكون لها موقف صلب في هذا الجانب.

هل نحن في المنطقة، نعتبر في خطر؟

نعم بالتأكيد، مادام هناك احتلال فنحن في خطر، ومادام هناك قصف مستمر للقرى الأهلة بالسكان فنحن في خطر، مادام هناك مسيرات تستهدفنا فنحن في خطر، فالخطر لا يهدد الإدارة الذاتية ومنطقتنا فقط، بل العالم أجمع، فتركيا أصبحت بهمجيتها خطرا على كافة دول الجوار، وعلى العالم أجمع التحرك لكبح جماحها.

هل من الممكن العيش في سلام مع تركيا؟

بشكل عام نريد حل خلافنا معها بالحوار، فقواتنا أكدوا مرارا وتكرارا إنهم ليسوا طرف في الحرب بين تركيا وحزب العمال الكردستاني، ومستعدون للقاء معهم، ومد يد الصفح وفتح علاقات بشرط إنهاء الاحتلال، ولكن تركيا حاليا، أو حزب العدالة والتنمية الحاكم حاليا، هو حزب مقيت هدفه بث السموم في كافة دول الجوار.

نهاية، كلمة أخيرة تحب أن تضيفها؟

ختاما اقول إنه نحن في الإدارة الذاتية نمتلك مشروعا واضحا وهو مشروع اخوة الشعوب من أجل مستقبل ديمقراطي في سوريا ومن أجل الحوار السوري_السوري، ومن أجل إنجاحه بات المجتمع الدولي يدرك أنه من الضروري إشراك كافة الأطراف في مشاريع الحل، من المعارضة الوطنية ومناطق الإدارة الذاتية وغيرهم.

على كل من يحب سوريا أن يضع كل السبل الممكنة لحل أزمة السوريين المستمرة منذ أعوام، وأن يسير أي خطوات تهدف لوقف التهديدات الاحتلالية من قبل تركيا على وجه التحديد في السوريين بكافة مكوناتهم.