لكل السوريين

العمل الإنساني.. محور الخير والسلام ويؤكد على أهمية السلام النفسي والتسامح

حاوره/ مجد محمد

يعتبر العمل الذي يقدمه الإنسان في سبيل مساعدة إنسان آخر، وجلب السعادة له، هو ذاته العمل الخيري، إنها ثقافة العطاء بلا مقابل، واختبار الراحة النفسية الحقيقية عند مساعدة الآخرين، بحيث يمنح الإنسان ما لديه عن طيب خاطر، دون ضغط، أو توقع استرداد ما أعطاه، من أجل تقليل معاناة إنسان آخر، وليس لكسب شهرة، أو لقب فاعل خير بين الناس، حيث أن العمل الإنساني هو محور الخير والسلام ومحور انتشار العدل بين أفراد المجتمع ، وحيث العمل الإنساني يجعل الكل متساوي ويؤدي إلى إزالة الطبقات المجتمعية وبالتالي ينتشر العدل وتسود المحبة بين الآخرين.

وللحديث في هذا الصدد، وعن هذا الموضوع، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ عبد الرحمن المعروف، مدير مكتب الحماية في منظمة IRC ودار الحوار التالي:

*أستاذ عبد الرحمن مرحباً بك بداية، للعمل الإنساني أهمية كبيرة، هلا تحدثنا عنها؟

أهلاً وسهلاً بك، العمل الإنساني أمر مهم جداً للبشرية سواء للفرد أو للمجتمع فهو سلوك يقضي على الكره والعنف ويؤكد على مبادئ السلام النفسي والراحة والتسامح ويؤكد على كل التعاملات الإيجابية بين البشر مما يؤثر إيجابياً على المجتمع، يؤدي العمل الإنساني إلى تكوين شبكات اجتماعية وترتيب الأولويات ومساعدة الفرد على اتخاذ القرار السليم وإنارة الفكر واتساع العقل إلى مفاهيم أكثر إيجابية تجاه الآخرين وتجاه المجتمع، كما أن العمل الإنساني يساعد على اتساع العلم في المجتمع حيث أن الكثير منا يرغب في تحصيل العلم ولكن لا يستطيع، وهنا يتدخل العمل الخيري للمساعدة في تحصيل العلم، كما أنه يقضي على الفقر وعلى المرض ويساعد في تدعيم علاقات الأخوة بين الكثير من البشر، وإن العمل الإنساني يساعد على إنقاذ الإنسان لأخيه الإنسان من الخطر والوقوف بجواره ودعمه بكل الطرق النفسية والمادية، وإنقاذ الحيوان من الخطر، والوقوف بجوار الكائن الضعيف وحب الخير للأخرين، والعديد من المشاعر والسلوكيات الإيجابية بين الإنسان وكل الأرواح التي تتواجد حوله هي إنسانية، وإن الإنسانية لدى الإنسان تتواجد بداخله بالفطرة منذ ولادته، حيث أن الطفل الصغير بريء بطبعه لديه كل معاني الإنسانية ويشعر تجاه المجتمع بالخير دوماً، وإن العمل الإنساني سلوك جميل إنساني يجعل الحياة داخل المجتمع وبين الأفراد أكثر إيجابية وهدوء وراحة وسلام نفسي.

*ما هي مبادئ العمل الإنساني؟

الاستقلال، وهو الشخص الذي يقوم بهذا العمل الإنساني دون أي ضغوط سياسية أو اقتصادية، والدافع الوحيد هو مساعدة الشخص وتخفيفه، والعدل، وهذا المبدأ ينص على أن الناس جميعاً متساوون، ولا يصح حرمان الإنسان من المساعدة التي يحتاجها لأي سبب سواء كان لون البشرة أو الدين، ومبدأ الحياد أي عدم تفضيل شخص واحد بشكل مباشر أو غير مباشر، بينما الحياد البشري يعني عدم إعاقة قدرة أطراف النزاع على المشاركة في العمل الإنساني، لأن ذلك متاح للجميع، وتكمن الإنسانية في معاملة جميع الناس معاملة إنسانية في مختلف المواقف والبيئات، ويعتبر هذا المبدأ من أهم المبادئ في العمل الإنساني.

*ما هي أنواع العمل الإنساني؟

يتنوع العمل الإنساني كثيراً، بما في ذلك الأنشطة التطوعية مدفوعة الأجر، والتي تأخذ شكل التبرعات والصدقات، والزكاة، وكلها تعزز المحبة والمودة بين الناس، وفي الأعمال الإنسانية التي يتخذها بعض الأشخاص طواعية، وخاصة أولئك الذين يعانون من أزمات إنسانية، ويقدمون طواعية إجراءات إنسانية لمساعدة الآخرين، مثل تقديم المساعدة للأشخاص الذين يعيشون في مجتمعات غير بشرية، والعمل التطوعي المؤسسي والخيري، فيحقق هذا العمل المساواة الاجتماعية بين أفراد المجتمع من خلال توفير الاحتياجات الأساسية لجميع قطاعات المجتمع، من خلال نشر الوعي بأهمية هذا العمل والفوائد التي سيعود بها على الأفراد والمجتمع بين الشباب، يتم تنفيذ الأعمال الخيرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

*ما الذي يدفع الأشخاص للقيام بالأعمال الإنسانية؟

على الرغم من وجود الكثير من الوقت والطاقة إلا أن هناك العديد من الدوافع للأفراد لممارسة العمل التطوعي، وتختلف الدوافع من شخص لآخر، إلا أن جميع الدوافع وصلت إلى النهاية وهي أن العمل التطوعي مسؤولية والتزام، وتشمل الدوافع الدينية إرضاء الله تعالى، ويشعر بالراحة وبسبب العمل الخيري الذي يقوم به، لديه دافع نفسي، لذلك فهو يشارك في جزء صغير من سلسلة التبرع والمساعدة، ويعني الدافع الاجتماعي أن الناس يؤثرون على المجتمع والتقدم الاجتماعي ويتركون بصماتهم على تقدم العمل التطوعي، ويقومون بذلك من خلال فعل وليس بطريقة لفظية، وتتشكل دافع القيمة من مجموعة من القيم للفرد الموجود في جسده، والتي تعزز مشاركته في العمل الإنساني وتساعد مجتمعه وفرده.

*العمل التطوعي والإنساني، ليس مقتصراً على الشباب، بل يشمل الأطفال أيضاً، ما رأيك؟

بالتأكيد، إن تشجيع الأطفال على الانخراط في المجتمع وتعلم المهارات الحياتية يبدأ من طرح فكرة العمل الإنساني أمامهم، حيث تعد الأنشطة التطوعية والإنسانية، إحدى الفرص الرائعة التي غالباً ما يتم تجاهلها في بعض المدارس، على الرغم من أهميتها داخل البيئة المدرسية والأسرية، فعلى الرغم من أن العمل التطوعي يركز على مساعدة الآخرين، إلا أن هناك العديد من الفوائد التي يمكن للأطفال الاستفادة منها من خلال المشاركة فيها، وإلى جانب كون العمل التطوعي ذا قيمة وأهمية كبيرة، فإنه يتميز بمجموعة كبيرة من الإيجابيات والفوائد التي تنعكس على الأطفال بشكل عام، ومن فوائد تعليم الأطفال وتشجيعهم على القيام بالأعمال التطوعية والإنسانية، أنه يساعد على تعليم الأطفال أهمية تقدير الأمور من حولهم، ويعزز لدى الأطفال منظوراً جيداً للعالم من حولهم، ويلهم في نفوس الأطفال أهمية العطاء، ويقدم للأطفال فرصة لاكتشاف مهارات حياتية جديدة، ويقوم ببناء المهارات الاجتماعية لديهم، وإن للعمل التطوعي والإنساني فوائد على الصحة البدنية والعقلية للأطفال، ويكتسب الأطفال من خلال العمل التطوعي والإنساني مهارة العمل التعاوني وأهميته.

*هل المشي في مسار التطوع والإنسانية سهل؟

رحلة العمل التطوعي الاجتماعي والإنساني أشبه برحلة العمر، طويلة وشاقة، وقد يتخللها كل أنواع العقبات والأشواك الدامية، لكنها في ذات الوقت رسالة سامية، سلك نهجها كثيرون ممن كرسوا حياتهم في خدمة كل فقير ومحتاج، أحياناً يكون الإنسان بحاجة إلى مال وأحياناً إلى مساعدة وأحياناً إلى كلمة وأحياناً إلى إرشاد وتوعية، وكلها أعمال إنسانية لا يقدرها إلا من زرع في قلبه حب العمل التطوعي بدافع الإنسانية التي نتشارك حدودها على هذا الكوكب.

*ختاماً كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك…

يعد الانخراط في الأعمال الخيرية تجربة إنسانية فريدة، فهي تشعر المتبرع بالتحسن والراحة النفسية، فمساعدة الآخرين يخلق نوعاً من تقدير الذات، وفرصاً للالتقاء بأشخاص جدد يؤمنون بنفس الأسباب التي دعت لعمل الخير، كما يعزز عادة العطاء والكرم عند الأبناء، فيخرج جيل يقدر معنى العطاء، والعمل الإنساني، جيل يتجرد من الأنانية، والرياء، ويدرك أن القليل يساهم بإسعاد أناس يحتاجون فعلاً للمساعدة، في البلدان الفقيرة، والمنكوبة، أو تلك التي ترضخ تحت سطوة الحروب أو المجاعات.