لكل السوريين

كورونا يُظهر عورات النظام الرأسمالي، والأنظمة الشمولية

لطفي توفيق

من المعروف.. نظرياً.. أن مفهوم الأمن القومي لأي دولة هو قدرة حكوماتها على تحقيق حالة من الاستقرار لتنفيذ تنمية متوازنة في جميع المجالات، وتأمين حماية لهذه التنمية من خلال القدرة على مواجهة أي تهديد داخلي أو خارجي لحالة الاستقرار.

وهذا يعني بشكل بديهي أن الجيوش.. وجدت لمواجهة أي تهديد خارجي..

وأن قوى الأمن الداخلي.. وجدت لمواجهة أي تهديد داخلي قد يعيق عملية التنمية..

ولكنها تحولت في كنف الأنظمة الشمولية إلى حامية لهذه الأنظمة.. فتضخمت أعدادها.. وصلاحياتها.. وصار إحصاء الأنفاس مبرر وجودها..

فاختلط مفهوم الأمن القومي مع أمن السلطات.. وأصحاب النفوذ في هذه الأنظمة.. وصار مجرد التفكير بالتمييز بينهما جريمة تواجه بكل هذه القوى على اختلاف فروعها ومسمياتها.

ولعله من المثير للسخرية أن تتحدث دولة ما.. عن الأمن القومي اعتماداً على الجيوش وقوى الأمن الداخلي.. دون التفات يذكر للأمن الغذائي.. والدوائي أو الصحي..

فكيف لدولة تعتمد على الآخرين في تأمين المواد الغذائية والدوائية لشعبها أن تكون آمنة وهي تضع قرارها.. ومصير شعبها.. في يد من يملك الغذاء والدواء من هؤلاء الآخرين..

والأمن الغذائي لا يتحقق إلّا بقدرة الدولة على إنتاج وتوفير كافة المواد الغذائية.. لكافة مواطنيها.. بأسعار مناسبة للجميع.. بما يحقق الاكتفاء الذاتي الكامل، أو النسبي الذي يعتمد على التعاون والتكامل مع دول صديقة أخرى.

والأمن الدوائي لا يتحقق إلّا بقدرة الدولة على إنتاج وتأمين الأدوية الأساسية التي يحتاج إليها المجتمع بجميع شرائحه، وتوفير المواد الأولية اللازمة لصناعة دوائية محلية متطورة وقادرة على مواجهة الأزمات مهما كان نوعها.

فعليق الغارة لا ينفع.. كما حدث في مواجهة وباء كورونا الذي أظهر عورات التضامن العالمي على الطريقة الرأسمالية.

فهذه واشنطن تعجز.. بكل جبروتها العسكري.. عن مواجهة فيروس مجهري.. وتقرصن شحنات طبية كانت مباعة لفرنسا وألمانيا..

وهذه إيطاليا تبشر بانهيار الاتحاد الأوروبي الذي لم يقف معها في محنتها..

والأمثلة كثيرة..

فهل نحن على أبواب نظام اقتصادي جديد.. بلا عورات.. أو بحدودها الدنيا.