لكل السوريين

بين محاولات الإعادة القسرية.. وتقليص التمويل المخصص لدعمهم معاناة اللاجئين السوريين مستمرة

دعا المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة السورية والجهات الدولية المانحة لبذل الجهود التي تضمن عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم التي فروا منها بسبب الحرب.

وأكد فيليبو غراندي على ضرورة عودة اللاجئين السوريين بشكل طوعي، وأشار إلى أن ذلك سيتحقق عندما يشعرون بالأمان في سوريا، وعندما تتوافر لهم سبل العيش الكريم فيها.

وقال إن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وخاصة الحرب في قطاع غزة، أظهر ما يمكن أن يحدث إذا بقيت مشكلة اللاجئين دون حل.

وفي حديثه على هامش مؤتمر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، أوضح غراندي أن الاتحاد يسعى لمساعدة اللاجئين السوريين، وبإمكانه تمويل عمل منظمات إغاثية داخل سوريا مثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلّا أنه لا يستطيع أن يوجّه الدول الغربية بالطريقة التي ينبغي أن تتعامل بها مع السلطات السورية لتوفير سبل العيش الكريم لهم في حال عودتهم.

ومن ناحية أخرى، تخشى منظمات حقوقية دولية من تعرّض اللاجئين السوريين لانتهاكات جسيمة عند عودتهم إلى ديارهم قبل أن تتوافر لهم سبل العيش الكريم.

ووثقت المنظمات انتهاكات وتجاوزات ارتكبت بحق اللاجئين العائدين في جميع أنحاء البلاد، ومنها الاحتجاز التعسفي والتعذيب وسوء المعاملة والإخفاء القسري والاختطاف.

واعتبرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسل “أن الظروف العامة في سوريا لا تسمح بعودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين السوريين إلى وطنهم”.

مصاعب التمويل والعودة الطوعية

يتقلص التمويل المخصص لدعم اللاجئين السوريين مع قيام عدة هيئات بخفض مساعداتها، مثل برنامج الأغذية العالمي، الذي يشير إلى أن استضافة بعض الدول اللاجئين تشكّل عبئاً متزايداً عليها، ولا سيما لبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية اصلاً.

وعلى هامش مؤتمر المانحين الذي عقد في بروكسل، شدّد وزير الخارجية الأردني على أن المجتمع الدولي تخلّى عن اللاجئين السوريين مع تضاؤل التمويل اللازم لدعمهم في الدول المضيفة.

وأضاف الوزير الأردني أن بلاده تبذل كل ما في وسعها لتأمين أكثر من مليون لاجئ سوري، ولكنها لم تحصل على مساعدات تمكّنها من الاستمرار في ذلك، وما لم يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، ستتناقص الخدمات المقدمة للاجئين السوريين الذين تستضيفهم وستتزايد معاناتهم.

وأكد على أن أزمة اللاجئين لن تحل إلّا بعودتهم إلى بلادهم، مشيراً إلى أهمية التركيز على تهيئة الظروف الملائمة لعودتهم طوعاً.

وتعهد الاتحاد الأوروبي بأكثر من ملياري دولار لدعم اللاجئين في المنطقة، وقال متحدث باسم الاتحاد خلال المؤتمر إن عودة اللاجئين إلى سوريا غير ممكنة لأن ظروف العودة الطوعية والآمنة ليست مهيأة.

ومن جانبه، أكد مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد جوزيب بوريل ضرورة مضاعفة الجهود لإيجاد حل سياسي للصراع يدعم تطلعات الشعب السوري لمستقبل سلمي وديمقراطي، دون الاكتفاء بمنح الأموال فحسب.

اللاجئون بين نارين

يجد اللاجئون السوريون أنفسهم بين مطرقة المشاعر المناهضة لهم في بعض الدول التي تستضيفهم وعمليات إعادتهم القسرية، وسندان المخاطر التي تنتظرهم في بلادهم إذا عادوا قبل توافر شروط العودة الآمنة والكريمة.

وفي هذا السياق، قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك “يثير وضع هؤلاء العائدين تساؤلات جدية حول التزام الدول بالإجراءات القانونية الواجبة وعدم الإعادة القسرية”، في إشارة إلى منع إعادة أي شخص إلى بلده إذا كان يواجه احتمال التعرّض للتعذيب أو للمعاملة غير الإنسانية.

وأكد تورك أن أي عودة إلى سوريا يجب أن تكون طوعية بعد “توفير شروط العودة الآمنة والكريمة والمستدامة”.

وأقر بصعوبة تحقيق ذلك، حيث أسفرت الأحداث التي اندلعت فيها منذ عام 2011، عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص، وجعلت أكثر من 90% من سكانها تحت خط الفقر، حسب أرقام الأمم المتحدة.

وجاء في تقرير لمكتب حقوق الانسان “بينما يواجه السوريون بمجملهم مثل هذه الانتهاكات والتجاوزات لحقوق الإنسان، يبدو أن العائدين معرضون لهذه المخاطر أكثر من غيرهم”.

وأشار التقرير إلى أنه رغم ذلك “يقرر الكثير من السوريين الذين فروا من بلادهم العودة إليها بسبب الصعوبات الاقتصادية والمشاعر المناهضة التي يواجهونها في الدول التي انتقلوا إليها”.