لكل السوريين

ما بين الحروب والصراعات المسلحة والقتل والعنف الجنسي؛ تضيع حقوق الأطفال الأبرياء

حاوره/ مجد محمد

يصادف الرابع من حزيران/يونيو من كل عام، اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، والذي أعلنته الجمعية العامة للأمم المتحدة في آب/أغسطس ١٩٨٢ في دورتها الاستثنائية الطارئة السابعة بشأن القضية الفلسطينية، وتم إقرار هذا اليوم في أعقاب القلق الذي ساد الأمم المتحدة في أعقاب التقارير التي كشفت عن عدد مروع من الضحايا الأطفال الفلسطينيين واللبنانيين الأبرياء، الذين سقطوا في أعمال العدوان التي ارتكبتها إسرائيل خلال اجتياح لبنان.

ولأن الأطفال يشكلون الفئة الأكثر تضرراً في حالات الحروب والصراعات المسلحة، فيما يشكل تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب والقتل والعنف الجنسي، والاختطاف والهجمات على المدارس والمستشفيات والحرمان من وصول المساعدات الإنسانية، أكثر الانتهاكات شيوعاً، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الحقوقي ربيب العفين، والإداري في منظمة قوس قزح لرعاية الطفولة، ودار الحوار التالي:

*أستاذ ربيب مرحبا بك بداية، اليوم العالمي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء، لمحة بسيطة حول الغرض من هذا اليوم؟

أهلاً وسهلاً بك، حول الغرض من إقرار هذا اليوم، فهو الاعتراف بمعاناة الأطفال من ضحايا سوء المعاملة البدنية والعقلية والنفسية في جميع أنحاء العالم، ويؤكد هذا اليوم التزام الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها، بحماية حقوق الأطفال، بموجب اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني/ نوفمبر ١٩٨٩، وتتناول حقوق الأطفال ومسؤوليات الحكومات تجاههم، وتؤكد المنظمة الدولية للأمم المتحدة أن السنوات الأخيرة شهدت ازدياد نسبة الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال في العديد من مناطق الصراع، داعية إلى بذل المزيد من الجهود لحماية ٢٥٠ مليون طفل يعيشون في الدول والمناطق التي تشهد الصراعات، والعمل على تعزيز القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، وكفالة المساءلة عن انتهاكات حقوق الطفل.

*تم تحديد هذا اليوم بسبب ما فعلته إسرائيل أعقاب اجتياح لبنان، والوضع مستمر حتى الآن ما رأيك؟

بالتأكيد، حتى يومنا الحالي تستمر دولة الاحتلال الإسرائيلي بعملية القتل والدمار مستهدفة المدنيين الابرياء في غزة، وآخرها قصف مخيمات النزوح في رفح والتي ذهب ضحيتها غالبيتهم من الأطفال بمناظر مأساوية، متقطعين الأشلاء والرؤوس في مشهد مخزي للعالم بأجمعه الذي يدعي الإنسانية وخصوصاً بعد قرار محكمة العدل الدولية، حيث أن الإحصائيات الأخيرة تشير أنه خلفت الحرب على غزة أكثر من ١١٧ ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، ونحو ١٠ آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، والعدد في تزايد مستمر لأنه تواصل إسرائيل غاراتها على رفح رغم إصدار محكمة العدل الدولية تدابير مؤقتة جديدة تطالبها بأن توقف فوراً هجومها على رفح، وأن تحافظ على فتح معبر رفح لتسهيل إدخال المساعدات لغزة، وأن تقدم تقريراً للمحكمة خلال شهر عن الخطوات التي اتخذتها بهذا الصدد.

*ذكرت لي قبل قليل عن اتفاقية حقوق الطفل، لمحة بسيطة من فضلك؟

في عام ١٩٨٩، وعلى خلفية التغييرات التي كان يشهدها النظام العالمي آنذاك، اجتمع قادة العالم وتعهدوا بالتزام تاريخي لأطفال العالم، وأطلقوا وعداً لجميع الأطفال بأن يحموا حقوقهم ويسعوا لإعمالها، وذلك من خلال إقرار إطار قانوني دولي وهو اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة، وتتضمن هذه الاتفاقية فكرة عظيمة الأهمية، وهي أن الأطفال ليسوا مجرد تابعين يخصون والديهم وتتخذ القرارات بالنيابة عنهم، أو أنهم في طور التدريب ليصبحوا بالغين، وإنما هم كائنات بشرية وأفراد يتمتعون بحقوق خاصة بهم، وتقول الاتفاقية إن مرحلة الطفولة منفصلة عن مرحلة البلوغ، وإنها تستمر حتى سن الثامنة عشرة، وإنها فترة خاصة ومحمية يجب أن يتاح للأطفال خلالها أن ينموا ويتعلموا ويلعبوا ويتطوروا ويزدهروا بكرامة، وقد أصبحت الاتفاقية هي اتفاقية حقوق الإنسان التي تحظى بأكبر عدد من المصادقات في التاريخ، وساعدت على إحداث تحول في حياة الأطفال، لكن يحزنني أن اقول لك إن هذه الاتفاقية قد لا تشمل جميع أطفال العالم بسبب ازدواجية المعايير الإنسانية والغربية خصوصاً، وما رأيناه حدث في أطفال سوريا مؤخراً وفلسطين حالياً هو خير دليل على ذلك.

*بمناسبة هذا اليوم العالمي، ما هو وضع الطفل الفلسطيني؟

يواجه الأطفال في فلسطين، درجات لا توصف من الرعب، فهم لا يأمنون على أنفسهم إذا ناموا في بيوتهم أو لعبوا في الشارع أو ذهبوا لتلقي العلم في المدرسة أو الحصول على الرعاية الطبية في المستشفيات، وهم يواجهون مخاطر القتل والإصابات والاختطاف والعنف الجنسي والهجمات على المرافق التعليمية والصحية إضافة إلى الحرمان من المساعدة الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها، وقد باتوا عالقين بين نيران الأطراف المتحاربة وبمستويات صادمة، ولا أعتقد أن أطفالاً في هذا العالم يعانون كما هم في فلسطين، خصوصاً فى قطاع غزة، والضفة الغربية، ورغم جميع ما ذكرته، إلا أنه الآن الوضع اسوأ

فهم يعانون الآن من القتل الممنهج والقصف العشوائي، رغم وجودهم في مناطق آمنة بحسب زعم الإحلال الإسرائيلي ولكن رغم ذلك القصف والجوع يلاحقهم دون توقف.

*وأطفال سوريا، ماذا بشأنهم؟

الأطفال أول وأكثر من يعاني بعد أكثر من ١٢ عاماً على بدء الأزمة في سوريا، حيث أنه لا يزال ملايين الأطفال يعيشون في خوف وحاجة وعدم يقين، سواء في داخل سوريا أو في دول الجوار، ومن لم يمت نتيجة آلة القتل والدمار منهم يحتاج الآن أكثر من ٦,٥ مليون طفل في سوريا إلى المساعدة، وهو أعلى رقم جرى تسجيله منذ بداية الأزمة السورية المستمرة لأكثر من 11 عام، إن احتياجات الأطفال السوريين داخل سوريا والدول المجاورة آخذة في الازدياد، حيث تكافح العديد من العائلات لتأمين نفقاتها المعيشية، بينما ترتفع أسعار المواد الأساسية ومن ضمنها المواد الغذائية، ناهيك الآن عن مشاكل اخرى من تجنيد الأطفال في القوات المسلحة على اختلافاتها السياسية، وعمالة الأطفال، وتسول الأطفال، ومشاكل كثيرة ومعقدة جداً.

*الأطفال في النزعات المسلحة، ما السبل لحمايتهم؟

الأطفال حقوقهم محفوظة عالمياً، ونص القانون الدولي على ذلك، حيث أكد على إنه يجب على جميع الأطراف المتحاربة أن تفي بالتزاماتها بحماية الأطفال وإنهاء الانتهاكات الجسيمة ضدهم في أوقات الحرب، ويجب على الجهات التي تتمتع بالنفوذ أن تستخدم نفوذها لدعم الأطراف المتحاربة في اتخاذ خطوات لتحقيق ذلك، ووقف الهجمات على الأطفال وعلى الخدمات التي يعتمدون عليها، وإنه  يجب على أطراف النزاعات، إنهاء الهجمات المتعمدة والهجمات العشوائية التي تقتل الأطفال وتصيبهم بجراح، وإنهاء الهجمات على التعليم، بما في ذلك الهجمات والتهديدات ضد الطلاب والمعلمين والمدارس، وكذلك إنهاء استخدام المدارس لغايات عسكرية، وكذلك إنهاء الهجمات على الرعاية الصحية، بما في ذلك الهجمات التي تستهدف العاملين الصحيين والمستشفيات والمرافق الصحية، وإنهاء الهجمات على مرافق المياه والصرف الصحي والعاملين فيها، وأيضاً تجنب استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة نظراً لعشوائية هذه الأسلحة، خصوصاً تأثيرها المؤذي على الأطفال، والوفاء بالالتزامات الدولية بتحقيق عالم خالي من تهديد الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب والمتفجرات اليدوية الصنع، وإنهاء تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل القوات والجماعات المسلحة وإنهاء احتجاز الأطفال الذين يزعم بأنهم مرتبطون بقوات أو جماعات مسلحة، وتسريح الأطفال المرتبطين بقوات أو جماعات مسلحة وإحالتهم إلى خدمات الحماية ودعم إعادة إدماجهم في مجتمعاتهم المحلية بما في ذلك الإعادة الآمنة للأطفال الأجانب إلى بلدانهم الأصلية، حيثما تقتضي مصلحتهم الفضلى ذلك، بالإضافة إلى إنهاء اختطاف الأطفال في النزاعات، ووقف كافة ممارسات العنف الجنسي وغيرها من أشكال العنف الجنساني ضد الأطفال، ووقف الحرمان من المساعدة الإنسانية المنقذة للأرواح للأطفال في أوضاع الطوارئ وإنهاء الهجمات ضد العاملين الإنسانيين.

*ختاماً، كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

إن الأطفال في الأوضاع الإنسانية مستضعفون بصفة خاصة، فأثناء النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية وغيرها من الطوارئ، قد يجبر الأطفال على الفرار من بيوتهم، ويفصل بعضهم عن أسرهم ويتعرضون للاستغلال والإساءات أثناء فرارهم، كما قد يصابون أو يقتلون بالذخائر المتفجرة أثناء النزاعات، أو قد يجندون من قبل القوات المسلحة، ويتصاعد تهديد العنف الجنساني، خصوصاً ضد الفتيات والنساء، لذلك يجب على العالم بأجمعه الالتزام بالقوانين الدولية واتفاقيات حقوق الطفل وتطبيقها بشكل عملي وملموس، وليس مجرد انضمام للاتفاقيات والمصادقة على القوانين بشكل نظري.