تشهد محافظة درعا ارتفاعاً ملحوظاً في حالات زواج القاصرات، ومع أن هذه الظاهرة ليست جديدة في المحافظة، إلّا أنها تفاقمت في السنوات الأخيرة، وانتشرت على نطاق واسع بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية التي يعاني منها معظم السكان، حيث أصبحت الفتيات تغادر مقاعد الدراسة نتيجة الزواج المبكر، ويتم تحميلهن أعباء تفوق طاقاتهن، فضلاً عن الأضرار الصحية والنفسية والعنف الذي يتعرض له معظمهن بصور مختلفة.
وفي استطلاع أجرته صفحة درعا 24 الإخبارية المحلية، أكد معظم من تم استطلاع رأيهم على تزايد انتشار هذه الظاهرة في محافظة درعا، وأفاد معظمهم بأنها في تزايد ملحوظ، وذكروا أن العديد من الأسباب تظافرت وتسببت بزيادة حالات الزواج المبكر، كالفقر وارتفاع تكاليف التعليم والبطالة والأوضاع المعيشية السيئة، التي يعاني منها الأهالي، إضافة الى الأوضاع الأمنية المعقدة ودوافع الخوف على الفتيات من الضياع، نتيجة انتشار المخدرات بين أوساط الشباب، وحالات الخطف والإهمال والفلتان الأمني الذي تشهده المنطقة.
عواقب خطيرة
رغم أن ظاهرة زواج القاصرات مشكلة كبيرة تعاني منها المحافظة، لا تلقى هذه الظاهرة الخطيرة الاهتمام المطلوب من قبل الجهات المعنية سواء كانت حكومية أو مجتمعية، وتواجه بمزيد من اللامبالاة أمام العديد من الأزمات الأخرى، رغم من أنها لا تقل أهمية وخطورة عن أي أزمة أخرى تشهدها المنطقة، لما يترتب عليها من نتائج سلبية عديدة ستظهر آثارها بوضوح على المدى البعيد.
وتساهم مجموعة من العوامل في تفاقمها، كالفقر والعادات والتقاليد المجتمعية السائدة وسوء الأوضاع الاقتصادية والأمنية وارتفاع معدلات البطالة، وغياب دور منظمات المجتمع المدني في التصدي لهذه الظاهرة في بيئة انهكتها الحروب والنزاعات الدائرة، فأصبحت بيئة خصبة لاتساع رقعتها وتزايد خطورتها.
ويبقى العامل الاقتصادي أكبر دافع للأهل لتزويج بناتهم، حيث تعيش أسر كثيرة تحت خط الفقر، والزواج يخفف عدد افراد الأسرة ويقلل الأعباء المادية عليهم، ولذلك لا يكترثون كثيراً بالمخاطر النفسية والصحية التي ستعاني منها بناتهم، وانعكاساتها السلبية على أطفالهم لاحقاً.
وغالباً ما تتعرض القاصرات بعد الزواج إلى العنف المنزلي، بسبب عدم اكتمال مراحل النضج والتعليم لديهن، وعدم قدرتهن على مواجهة مصاعب الحياة، لأن الفتاة بهذا العمر لم تتعرض لأي مشكلة حقيقية كونها لا زالت تحت رعاية والديها وحمايتهم، وبعد الزواج المبكر تجد نفسها بمواجهة مباشرة مع المصاعب والمشاكل، ومجبرة على اتخاذ قرارات لا تكون صائبة غالباً لأنها غير مؤهلة لاتخاذها ولا تمتلك الخبرة أو الثقافة الكافية للتعامل مع تلك المصاعب.
وتعاني نساء سوريات كثر من تفشي ظاهرة زواج القاصرات، التي باتت السياط الذي يستخدمه الكثير من الرجال تجاه فتيات لم يتعدن سن الطفولة.
ووسط هذه المعاناة، تواصل الكثير من الفتيات تحدي هذه الظواهر، التي باتت الشغل الشاغل لكثير من أرباب الأسر، الذي يكون همه الوحيد، تزويج الفتاة، بغض النظر عن السن القانوني أو الزوج وفارق السن بينه وبين طفلته.