لكل السوريين

كورونا تعري الرأسمالية المتوحشة

لطفي توفيق

هل كان العالم بحاجة إلى ” كورونا ” ليصحو من سباته المديد.. ويكتشف خطورة ثقافة الاستعلاء والاستغلال الذي تمارسه الرأسمالية المتوحشة التي قامت.. أساساً.. على فلسفة البقاء للأقوى لتبرير استغلال ونهب الآخرين.. وسيطرت على قرار الشعوب وثرواتها.

فيروس كورونا أصاب العقل الرأسمالي المتوحش بالدوار لدرجة أفقدته صوابه ومنعته من الوقوف إلى جانب إيطاليا في التصدي للوباء الذي عصف بها مبكراً، إلى أن انتشر هذا الوباء في أوروبا، وصارت كل واحدة من دولها تواجهه داخل حدودها.. وعلى طريقتها.

وحدها الصين التي بدأت بالتعافي من الوباء، سارعت لنجدة إيطاليا بوضع خبراتها وإمكانياتها بتصرف الإيطاليين، وسرعان ما اكتشف الإيطاليون وهم وزيف التضامن الأوروبي وقام الكثير منهم بإنزال علم الاتحاد الأوروبي، واستبدلوه بعلم جمهورية الصين الشعبية.

فيروس كورونا كشف هشاشة الأنظمة الصحية في النظم الرأسمالية وساهم في انهيارها:

الحكومة الإيطالية أعلنت أن الوضع خرج عن السيطرة، وأنها لم تعد قادرة على مواجهته.

إسبانيا أعلنت أن الوباء أكثر خطورة من نظيره في إيطاليا.

رئيس الوزراء البريطاني طلب من شعبه أن “يودعوا أحبابهم”،

الرئيس الفرنسي يعلن أن بلاده في حالة حرب عدو خطير كورونا، ووزير ماليته يصرح بأن بلاده ستتخذ كافة الإجراءات لضمان عدم انهيار الشركات الفرنسية الكبرى، ومنها تأميم تلك الشركات.

دونالد ترامب يلقي باللائمة على الصين لتأخرها في الكشف عن الفيروس، ويطلق عليه اسم “الفيروس الصيني” وهو الذي امتدح قبل أيام جهودها وشفافيتها في التعامل مع الوباء.

ويتناسى أنه قلص ميزانية الإدارات الصحية في بلاده 21% عام 2017، وأغلق مكتب الأوبئة التابع للبيت الأبيض الذي أنشأه باراك أوباما إثر تفشي فيروس الإيبولا لضمان مواجهة أي وباء جديد، وهو ما تسبب بكارثة للنظام الصحي الفيدرالي أعجزته عن مواجهة الوباء الجديد.

والآن.. ما يطرح من خطط لدعم الشركات التي تزعم الإدارة الأمريكية وحكومات أوروبا أنها لإنقاذ العاملين المفصولين من هذه الشركات، هل هي من أجل ذلك فعلاّ.. أم أن تلك المليارات ستذهب إلى خزائن الرأسمالية المتوحشة لتساعدها على الاستمرار.. وزيادة التوحش.

كيف يمكن للشركات عابرة القارات التي تهدف لتحقيق الربح فقط، ولا تقدم خدماتها إلّا لمن يقدر على دفع ثمن هذه الخدمات، أن تسمح لتلك الحكومات بتوفير الرعاية الصحية  لجميع مواطنيها.

أما آن لشعوب العالم أن تخرج من بيت الطاعة.. وتتمرد على هذه الرأسمالية المتوحشة التي تتحكم بالبلاد والعباد..

أم ستبقى كما قال الشاعر:

كالعيس في البيداء يقتلها الظما

والماء فوق ظهورها محمول