لكل السوريين

الحل السوري لا يكون إلا بين السوريون.. والعقدة مرهونة بالقرار ٢٢٤٥

حاوره/مجد محمد

أنهت الثورة السورية عامها الثالث عشر وستدخل بعامها الرابع عشر من دون وجود أي حل سياسي يذكر، ثورة بدأت بالتظاهر السلمي الذي عم البلاد، ضد الحكومة السورية المركزية، حيث فاجأ السوريون العالم بثورتهم، فحطم السوريون قيود الاضطهاد مطالبين بالحرية والكرامة، لقد بدأت الثورة السورية كصرخة من أجل الكرامة واستعادة الاستقلال الذاتي مع آمال كبيرة في التغيير، ثورة نادت بأهداف سامية تتمثل في الديمقراطية، وسيادة القانون، والتوزيع العادل للثروة، والمشاركة السياسية، والحكم الفعال غير التمييزي، وأدى ذلك إلى اندلاع أكثر الصراعات دموية في القرن الحادي والعشرين، فقد قتل أكثر من  نصف مليون مدني، وتشرد نصف السكان قسراً من منازلهم، ودمرت البنية التحتية في البلاد، لقد كان تطور الثورة السورية من انتفاضة سلمية إلى صراع مسلح نتيجة لرد فعل السلطة الحاكمة وتدخل القوى الأجنبية لحماية الوضع الإقليمي الراهن أو تغييره، وإن نزعة السلطة الحاكمة لإبقاء قبضتها مسلطة على البلاد دفعتها إلى السعي لإحداث الدمار والفوضى وإثارة الخوف خارج حدود سوريا، غير أن المدنيين الأبرياء والعزل هم من دفع الثمن الباهظ لهذا الصراع،  ومع الذكرى السنوية الثالثة عشر تحول النضال من أجل الحرية إلى وضع أمني وإقليمي ودولي غاية في التعقيد، راحت مضاعفاته تتردد في جميع أنحاء المنطقة، وأثرت في جيران سوريا، وصولاً إلى شواطئ أوروبا

وعن هذا الموضوع، وفي هذه الذكرى، عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ جوان عته، العضو في حزب التحرر الديمقراطي، ودار الحوار التالي:

*أستاذ جوان مرحباً بك بداية، بخصوص توصيف الثورة السورية، هل هي ثورة إسلامية؟ أم ثورة في مواجهة الطائفية؟ أم ثورة حرية؟ أم ثورة خبز؟ أم ثورة ضد الاستبداد؟

أهلاً وسهلاً بك، الثورة السورية هي ثورة حرية، خرج بها الشعب إلى الشارع وردد الهتافات التي تطالب بالحرية، والحرية هي أول المطالب للثورة وحتى قبل مطلب (إسقاط النظام)، فجوهر الثورة السورية هو مطلب الحرية، الهتافات كانت تعلوا من كل حدب وصوب من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها مطالبة بالحرية ولا شيء سوى الحرية، ولكن مع آلة العنف والدمار والقتل التي واجهت المظاهرات السلمية تحولت المطالب وتطورت إلى مطالبات بإسقاط الحكومة، لا يمكننا نكران أن الثورة تحولت عن مسارها الحقيقي، فتم تحويلها إلى ثورة إسلامية في بعض المناطق من قبل بعض الفصائل وهو تشويه توصيف الثورة بالتطرف والإرهاب، وتارة يتم دعشنة الثورة السورية، وتارة أخرى نتيجة الفوضى والحماس تصبغها الملامح الطائفية، ولكن جميع هذه الأمور ليست هي الصفة الأساسية وإنما محاولات لتشويه الثورة، فالتوصيف الأساسي للثورة السورية هي إنها ثورة حرية وغايتها القضاء على الاستبداد في أشكاله كافة ولا شيء غير ذلك.

*أطلقت الإدارة الذاتية في ١٨ نيسان العام الماضي مبادرة حملت اسم “الحل السلمي للثورة السورية”، مبدية جاهزيتها للحوار، لكن الحكومة لم تصدر أي موقف حيال المبادرة.. هل من جديد؟

بالرغم من ضغوطات الاحتلال التركي لحرمان الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من مسارات جنيف، وآستانة، وسوتشي لحل الأزمة السورية، إلا أن الإدارة الذاتية تعد رقما صعباً يصعب حل الأزمة السورية بدون أخذه بالحسبان، ودوماً ما تقدم الإدارة الذاتية يدها للمصافحة والجلوس على طاولة الحوار بين جميع أطياف السوريين مؤكدة أن الحل في سوريا لا يكون إلا بين السوريون أنفسهم دون تدخلات خارجية، ولكن دائماً ما توجه لها اتهامات بالانفصالية وغيرها من الأمور، رغم أنها دوماً ما تؤكد على “وحدة الأراضي السورية ” كإطار لحل الأزمة، ولكن كما نعلم جميعنا، الحكومة السورية لم تصدر أي موقف حيال هذه المبادرة لأنه أيضاً كما نعلم جميعنا إن الحكومة السورية لا تملك من أمرها شيئا فهي تفعل ما تمليه عليها إيران وروسيا، فهذه الدول الخارجية من مصلحتها إطالة أمد الأزمة السورية لتثبيت وجودها في المنطقة ونهب خيراتها، والمبادرة حتى الآن قائمة وكذلك يليها مبادرات أخرى، لأن الإدارة الذاتية تؤمن بضرورة وأهمية الحوار بين السوريين أنفسهم لحل وإنهاء الأزمة.

*من المعلوم أن الدول الداعمة للصراع في سوريا هي من تزيد من أمد الأزمة، فهل من الممكن وضع حد لهذه الدول؟

هذه الدول عاثت خراباً في المنطقة جميعها، سواء إيران أو روسيا أو تركيا أو حتى أمريكا، جميعها تسعى لإطالة أمد الأزمة، فجميعها لها مخططات استعمارية وتسعى لتثبيت وجودها في المنطقة على المدى البعيد ونهب ثرواتها، مسألة خروجها حالياً صعبة التحقيق فكل دولة تعطي لنفسها مبررات لوجودها فمثلاً إيران وروسيا مبرراتها أنها جاءت بطلب من الحكومة السورية، والولايات المتحدة الأمريكية مبررها محاربة داعش الذي خطره لايزال حتى يومنا الحالي، وتركيا بحجة حماية الشعب ومنطقة آمنة لحدودها وحجج ومبررات وهمية من هذا القبيل، ومسألة خروجها من تلقاء ذاتها هذا شيء مستحيل، إلا إذا اتفق السوريين فيما بينهم وتم الجلوس على طاولة حوار سوري_ سوري وتم الاتفاق على صيغة معينة لإنهاء الأزمة وإعادة إحياء المنطقة فهنا سنتمكن من إخراج جميع الدول الخارجية، لأننا سنتمكن من تفنيد جميع حججها ومبرراتها الواهية بوجودها على الجغرافية السورية.

*في كل حديث عن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، أو أي ظهور لوجه من وجوه الحل، تضرب كل من إيران وروسيا عرض الحائط دفتر الديون، والتي بلغت مؤخراً ٧٠٠ مليار دولار، هل هذه أرقام حقيقية، أم أنها مزيفة والأسد عاجز عن تكذيبها؟

نعم ما تتحدث عنه تم الكشف عليه من قبل وثائق مسربة قام بتسريبها مجموعة معارضة إيرانية من خلال اختراق موقع الرئاسة الإيرانية، ولم يتم ذكر مبلغ ٧٠٠ مليار دولار على وجه الخصوص، وإنما مبلغ يتجاوز ٥٠٠ مليار دولار، إيران وسوريا لم يعلقوا على موضوع الوثائق المسربة، لم ينفوه ولم يؤكدوه، واعتبروا الكشف عن هذا الموضوع وكأنه لم يكن، لكن المتابعين للتلفزيون والإعلام الإيراني يعلمون أن هذا صحيح، وهو موضوع يطرح بشكل دوري على وسائل الإعلام الإيرانية حتى قبل الكشف عن هذه الوثيقة التي وصفت بالسرية، ويؤسفني القول إنه من خلال الدراسات تبين إنها أرقام حقيقية والحكومة عاجزة عن تكذيبها لأنها حقيقية، وسيتم تسديدها من خلال تقديم استثمارات لإيران في سوريا تتعلق بالفوسفات والنفط والزراعة وحتى تربية المواشي وامتيازات على ميناء اللاذقية، ومن خلال هذه الاستثمارات ستحصل إيران على ديونها على مدار عدة سنوات قد تتراوح لمدة عشرين عاماً آخر، وبهذا تعتمد إيران مبدأ “الأرض مقابل الديون” وبالتالي فهي تسارع لمحاولة إطالة أمد الأزمة السورية وضرب جميع محاولات الحل السوري عرض الحائط، في محاولة منها للاستفراد بالأرض السورية وإنهاء استثماراتها وبقاء قواتها في المنطقة.

*تحدثت تقارير عن وجود ما لا يقل عن ٣٥ ألف مقاتل ينتمي أغلبهم إلى العراق ولبنان وأفغانستان وإيران يقاتلون إلى جانب الأسد، في حال وجود حل لسورية، ما مصير هذه القوات؟

نعم، هؤلاء جميعهم ينتمون إلى الطائفة الشيعية، إستنفرهم نظام الملالي الإيراني للقتال في سوريا إلى جانب الأسد، تنوعت أسباب قدومهم بين أسباب معلنة ومبطنة، من قتال أهل الطائفة السنية وحماية المراقد الشيعية المقدسة وكذلك لتشكيل الهلال الشيعي وغيرها من الأسباب، في حال وجود حل للأزمة السورية سيكون عبر طاولة حوار سوري _سوري أي بين السوريين أنفسهم، وحينها سيتم إخراج جميع القوى الخارجية ومن ضمنها هؤلاء المقاتلين، المشكلة في تجمع السوريين لحل أزمتهم عبر طاولة الحوار، وجميع ما يعقب ذلك ليس مشكلة.

*ختاماً، تثار الكثير من التكهنات ما إذا كان القرار ٢٢٤٥ قابلاً للتطبيق في المستقبل أم لا، وهل تعتبرونه حل حقيقي للأزمة؟

الحل في سوريا لن يكون إلا بتطبيق هذا القرار الأممي، والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا دوماً ما تؤكد على ضرورة الحل في سوريا عبر تطبيق القرار ٢٢٤٥، وكذلك المعارضة السورية الممثلة بالائتلاف، تؤكد جاهزيتها للشروع الفوري بتفاوض يفضي إلى حل وفق نفس القرار، لكن المشكلة في حكومة دمشق التي تعتمد على الدعم الإيراني والروسي للتحايل والمناورة على القرار ٢٢٤٥، فيجب على الأمم المتحدة أن تكون أكثر جدية في الضغط على الحكومة السورية للبدء بتطبيق القرار.