لكل السوريين

من ذاكـــرة التاريخ ملاحـم خـالدة

الملحمة قصيدة قصصية طويلة تدور أحداثها غالباً حول بطولات فائقة لأشخاص غير عاديين، وتتناول حكايات نشأة شعب ما منذ بداية تاريخه، أو قائع ذات دلالة على هوية أمة من الأمم.

وهي مصطلح أطلق للمرة الأولى على ملحمتي الإلياذة والأوديسة، ثم أطلق على أعمال أخرى،

والشعر الملحمي من الأجناس الأدبية القديمة، وقد عرفه اليونانيّون القدماء وكان وسيلتهم في تسجيل الأحداث التاريخية التي مرت عليهم.

وغالباً ما تركز الملحمة على القيم المطلقة كالشجاعة والشرف والمروءة والتضحية من أجل الآخرين والدفاع عنهم ضد الشدائد، وتنتقل من جيل إلى آخر عن طريق المدوّنات المكتوبة على ألواح طينية، أو حسب أساليب الكتابة المتّبعة في كل عصر.

وأبطال الملحمة من البشر الذين يحظون بأهمية تاريخية بالغة، وتتمازج أعمالهم أحياناً، مع أعمال بعض الكائنات الأخرى مثل الآلهة والشياطين والوحوش.

الحرب والرغبات الأنثوية

من إحدى جماليات ملحمة الإلياذة الكثيرة هي ربطها الحرب بالرغبات الأنثوية، إذ تذكر في أكثر من مناسبة دور الأنثى الظاهر والمستتر في علاقتها مع الحرب والمقاتلين، كذكرها البطل الهارب من الحرب الذي يصطدم برغبات ثلاث سيدات، أمه التي تدعوه للصلاة، وهيلين التي ترغب بوقوفه إلى جانبها على الصعيد العاطفي، واندروماك التي ترغب بالزواج والإنجاب.

وتدور الملحمة حول أخيل الذي ابحر لطروادة من بلاد الإغريق لينتقم من باريس الذى قام  بغواية هيلين زوجه الملك منيلاوس ملك إسبرطة وهرب معها الى طروادة, ودور هيلين بقبول هذه الغواية التي تسببت بتجريد الاغريق لحمله ضخمه للثأر ومهاجمة جيش إمبراطور طروادة.

وتعبر هذه الحوادث عن مدى تأثير العاطفة الأنثوية على الحرب، ولما للمرأة من صوت بارز، وهو تفصيل نادرا ما يتداوله الرواة والقاصون.

وتعتبر الإلياذة بغناها وربطها للحرب بالرغبات الأنثوية، واحدة من أهم مكتسبات العطاء الثقافي، واستطاعت أن تفرض نفسها كواحدة من أهم كلاسيكيات الأدب العالمي،

كما كانت بلاغة الملحمة اللغوية إحدى جمالياتها، رغم تركيز بعض المترجمين على الجانب العنفي فيها، وبقيت ملحمة الإلياذة المعجزة الأدبية الشاملة التي يتناقلها الأدباء والمؤرخون.

وكانت قصائد هوميروس من الأدب الشعبي الذي يروي مشافهة قبل مرحلة التدوين، ومنها هذه الملحمة التي نسج علي منوالها شعراء باللاتينية والإيطالية والإنجليزية ملحماتهم.