لكل السوريين

التجربة البرلمانية السورية 10

تعتبر التجربة البرلمانية في سوريا من أولى التجارب في المنطقة، حيث تم انتخاب أول مجلس نيابي في بلام الشام، التي كانت تضم سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، في السابع من حزيران عام 1919، تحت اسم المؤتمر السوري، وعقد أول اجتماع له في دمشق بمشاركة 85 نائباً، ومثّل أول صيغة برلمانية فريدة من نوعها في الوطن العربي.

وتتالت التجارب البرلمانية في سوريا تحت تسميات مختلفة.

وقبل ذلك، بدأت محاولات أولى للتجربة البرلمانية، ولكنها كانت تتهمش أو تتعطل أو تلغى، بسبب فرمانات الإمبراطورية العثمانية، أو قرارات الانتداب الفرنسي، أو عدم الاستقرار السياسي وتتالي الانقلابات العسكرية في مرحلة الاستقلال وما بعدها.

ورغم قصر هذه التجارب، وتعثرها غالباً، لكنها ساهمت في بلورة العمل البرلماني، وتراكم الخبرات خلال هذه التجارب، قبل أن تصل إلى مرحلة النضج في بعض مراحلها.

انتخابات عام 1947

في 7 تموز 1947 فتحت مراكز الاقتراع أمام الناخبين السوريين، وبلغ عدد المرشحين 1800 مرشح، تنافسوا للوصول إلى مجلس النواب المكون من 136 مقعداً.

وشهدت الانتخابات إقبالاً كبيراً مقارنة بالانتخابات السورية عموماً، إذ وصلت نسبة المشاركة إلى 60% في دمشق، كما وصلت إلى نسب متقاربة في المحافظات الأخرى.

وكانت الانتخابات نزيهة وحرة مع أنه تم رصد عمليات شراء أصوات في عدد من المناطق وخاصة في المدن الكبرى، ولكنها كانت بنسب قليلة لا تؤثر على نتائجها.

ووقعت عدد من الصدامات والحوادث الأمنية في يوم الانتخابات.

في دمشق حصلت اشتباكات بين أنصار الحزب الوطني وحزب الشعب في باب توما، وأحرقت عدد من صناديق الاقتراع، وكذلك الأمر في حي ركن الدين ذي الغالبية الكردية.

وفي حلب، اتهم محافظ المدينة بالتعاون مع الحزب الوطني، والتستر على الانتهاكات التي قام بها داعمو الحزب.

وفي حماه أسفرت الاشتباكات عن مقتل شخص وانتشر الجيش في المدينة لمنع تطور الاشتباكات.

وفي مواقع أخرى سجلت صدامات مشابهة، وإحراق لصناديق الاقتراع.

وقد اعتبرت نتائج الانتخابات على الرغم من ذلك ممثلة للشارع السوري، وخاصة بعد إعادة الاقتراع في جولة الإعادة في بعض الدوائر الانتخابية المراكز التي أتلفت بها صناديق في الثامن عشر من شهر تموز.

وأسفرت نتائج هذه الانتخابات في حلب عن فوز قائمة حزب الشعب، وكذلك في حمص.

وفي دمشق فازت لائحة الحزب الوطني وسقطت قائمة حزب الشعب وقائمة الإخوان المسلمين.

الانتخابات في سوريا عام 1949

في 30 آذار 1949 قام حسني الزعيم بأول انقلاب عسكري في سوريا، وكان فاتحة الانقلابات التي سيطر فيها الجيش على الحياة السياسية في البلاد، وأول انقلاب عسكري في العالم العربي.

وفي 3 نيسان 1949، أعلن الزعيم حل البرلمان، وألغى العمل بالدستور إلى أن يتم وضع دستور جديد للبلاد، يعيد للسوريين “حقوقهم وحرياتهم” كما صرح في اليوم ذاته.

وشكل الزعيم حكومة مؤقتة، مهمتها التمهيد لإجراء انتخابات، وكتابة دستور جديد، استمرت لما بعد الانتخابات الرئاسية في حزيران 1949.

ورغم وعوده بأن تعطيل الحريات العامة مؤقت، فهو أول رئيس سوري يسحب التراخيص من الإذاعات والصحف والمجلات، ويفرض رقابة صارمة على محتواها.

إذ قام بإغلاق 34 صحيفة ومجلة في دمشق وحدها ولم يسمح لغير 8 فقط بالصدور، بينما بلغ عدد الوسائل الإعلامية التي حظرت على مستوى سوريا 59 صحيفة ومجلة.

كما قام الزعيم بقمع كل المظاهرات المعارضة له بالقوة، وحظر الأحزاب والجمعيات السياسية، ومنع الطلاب في الثانويات والجامعة، وجميع موظفي القطاع العام، من الانتماء الحزبي، والعمل في المجال السياسي.