لكل السوريين

معرض تجمع توتول للفن التشكيلي في “الرقة”، حضر الفنانون وغابت القضية

إعداد/ الباحث محمد عزو       

في بادرة رائعة من نوعها أقام تجمع “توتول” للفن التشكيلي، الذي لم أسمع بهذا التجمع من قبل، معرضه في الهواء الطلق. ورغم صغر المكان المُقام فيه المعرض، إلا أنني شعرت أنه لأول مرة في مدينتي “الرقة” الحوراء تصادفني حالة سلام نفسي تلك، وأنا ألج باب ذلك الحيز الصغير، بسبب بعض اللوحات المعلقة على جدر وهمية في العراء الطلق، ولا أخفي أنها غيرت مزاجي بشكل كبير، وجمال هذا المعرض ليس فقط أنه أقيم تحت قبة السماء الرحبة، بل أيضاً أنه أقيم على قارعة الطريق، وهذا اختيار مبدع للمكان شكل مشهد جمالي للمشاهد البصرية.

لم أكن أتوقع أن اللوحات المعلقة تحتاج ألى ترتيب وعرضها بشكل جذاب للزوار، تمهيداً لإعطئها فرصة طيبة لأن يمتلكها معجب أو شاري. وأنا كزائر ومتذوق للفن التشكيلي أقول كانت الفكرة رائعة وأيجابية لترويج الأعمال الفنية وإعطاء صورة للمواطنين للفن التشكيلي خاصة وأن معرض الهواء الطلق متاح لكافة الناس على مختلف مشاربهم.

لكن رغم ذلك الجمال كانت هناك مطبات منها ما نوهت أليه فيما سبق من كلام فوضى عرض اللوحات ووجود لوحات عرضت قبل شهرين والتباين الواضح في عميلة الإبداع الذي هو نتيجة قانون التطور والارتقاء، والأهم من هذا وذاك لم نجد ولا لوحة واحدة تصور الهم الوطني وترمز لقضايا المجتمع الرقي والسوري معاً.

وقبل أن أنهي كلامي أقول أن التشكيل والادب كلاهما ابداعان، لكنهما يختلفان في الأساس في الوسائط التعبيرية وأنهما متقاربان وجوهر هذا التقارب هو حضور الصورة التشكيلية بجوار الأبداع الأدبي، مما يعني أن هذه اللوحة التشكيلية هي إبداع بصري نجدها حاضرة في جميع الأجناس الإبداعية، نجدها في الشعر وفي السرد المسرحي، وهذه الأجناس الأدبية عندما كُتبت لم تكن الغاية بيعها بل العطاء الجميل.

لذا نصيحة لك أنت أيها الفنان التشكيلي كن رائع النفس كي تبدع، فالانطباعيين ظلوا زمن طويل يجاهدون في معارضهم الباريسية وفي شوارع باريس مثل شارع البوليفار ومقاهي المثقفين في العاصمة الفرنسية، وحتى في العاصمة السورية دمشق لم يتوفق عارضوا اللوحة التشكيلية من بيع لوحاتهم في البداية، لكنهم لم ييأسوا بل كافحوا وجاهدوا وأبدعوا حتى قالت اللوحة الجميلة كلمتها. ولا شك أن مثل هذا المعرض على جسر “الرقة” العتيق يعتبر بحق وحقيقة ملتقى للفنانين والمثقفين، مما يساهم في صنع حراكاً ثقافياً في مدينة تعيش بعد الحرب