لكل السوريين

لُقب بـ “ملك القدود”.. من هو الفنان الراحل صباح فخري؟

حلب/ خالد الحسين  

شيع أهالي مدينة حلب في موكب مهيب ابنهم الفنان الراحل صباح فخري وسط مشاركة حشود رسمية وفنية وثقافية وإعلامية ودينية وشعبية.

بعد أن ودعته مدينة دمشق وأهاليها وصل إلى مسقط رأسه في مدينة حلب إلى جامع عبد الله بن عباس كانت في استقباله حشود جماهيرية من أهالي حلب حيث أقيمت صلاة الجنازة على جثمانه الطاهر، بعد ذلك شيع الجثمان محمولاً على الأكتاف وليطوف به الموكب في شوارع وأحياء حلب وصولاً إلى المقبرة الإسلامية الحديثة حيث ووري الثرى.

ويعدّ فخري، الذي تميز بمسيرة فنيّة ضخمة، من مشاهير الغناء في سوريا والوطن العربي، وهو فنان ومغنّ من أعلام الموسيقى الشرقية، وقد تميّز بتأديته القدود الحلبية.

وتداول ناشطون سوريون فيديو للفنان الراحل الذي أبدع في غناء الموشحات الدينية، ولديه العديد من الأناشيد الدينية التي اشتهر بها طوال مسيرته الفنية.

من هو صباح فخري؟

صباح الدين أبو قوس، صباح فخري، هو أيقونة الطرب السورية والعربية، ابن حلب السورية المولود في 2 أيار/ مايو عام 1933، هو ثاني شخصية عربية تدخل كل منزل عربي بعد الأولى التي تمثلت بأم كلثوم.

عمل صباح فخري على مدى 50 عامًا من الشهرة والشعبية التي نالها كمغنٍ على تعديل ونشر الأشكال التقليدية من الموسيقى العربية الآخذة بالتلاشي، وهي الموشحات والقدود الحلبية. وهو معروفٌ بصوته القوي بطريقةٍ استثنائية، وأداؤه الذي لا تشوبه شائبة للمقامات وألحانها، ويُعرف بأدائه المميز على المسرح. له عدد كبير من المعجبين بفنه حول العالم، كما يُشار إليه كمؤدٍ ممتاز للطرب العربي الأصلي.

وُلد صباح فخري في مدينة حلب، سوريا. ودخل أكاديمية الموسيقى العربية في حلب. بعد ذلك درس في الأكاديمية في دمشق، وتخرج من المعهد الموسيقي الشرقي عام 1948، بعد أن درس الموشحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود، ومن أساتذته أعلام الموسيقى العربية من الموسيقيين السوريين كالشيخ علي درويش والشيخ عمر البطش ومجدي العقيلي ونديم ابراهيم الدرويش ومحمد رجب وعزيز غنام.

وقد مُنح اسمه الفني “فخري” من قبل مرشده، الزعيم السوري القومي فخري البارودي، والذي شجعه وهو شابٌ صغير على البقاء في سوريا وعدم مغادرتها نحو إيطاليا.

كانت أول عروض فخري الهامة عام 1948 في القصر الرئاسي في دمشق، وذلك أمام الرئيس السوري شكري القوتلي ورئيس الوزراء ذلك الحين جميل مردم بيك. وخلافًا للكثير من الفنانين العرب، لم يدرس أبدًا في القاهرة أو يعمل فيها، مُصرًا على أن شهرته مرتبطة بالإرث الفني في موطنه سوريا.

صباح فخري هو واحدٌ من قلة من فناني البلدان الناطقة بالعربية الذين حصلوا على شعبيةٍ كبيرة وشهرة واسعة بغنائه باللغة العربية وذلك في العديد من الدول في قارات (أوروبا وآسيا والأمريكيتين وأستراليا). واسمه خالدٌ في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأدائه البطولي في كاراكاس، فنزويلا. حيث غنى لمدة عشر ساعاتٍ متواصلة دون توقف.

في عام 1998، أصبح صباح فخري عضوًا في مجلس الشعب السوري في تلك الدورة النيابية، كممثلٍ عن الفنانين.

حين يقف صباح فخري على المسرح، يصر على التفاعل بينه وبين جمهوره. وقبل أن يبدأ الغناء، يحرص على وجود جوٍ جيد وذلك عن طريق تعامله مع موسيقيين جيدين وأنظمةٍ صوتيةٍ مناسبة. وأثناء غنائه، يطلب بقاء الأضواء ساطعة، حرصًا على التفاعل مع الجمهور. ويقول أن الجمهور يلعب دورًا أساسيًا في إخراج القدرة الإبداعية لدى المؤدي. فعلى الجمهور أن يبقى يقظًا تجاه الموسيقا والكلمات، وبالتالي من شأن ذلك ان يجعل الجمهور يقدر الموسيقا التي تُعطى له.

غنى فخري العديد من أغاني حلب التقليدية، والمأخوذة كلماتها من قصائد أبو فراس الحمداني والمتنبي وشعراء آخرين. كما تعامل مع ملحنين معاصرين.

من أشهر أغانيه: يا حادي العيس، ومالك يا حلوة مالك، وخمرة الحب، ويا طيرة طيري، وفوق النخل، وقدك المياس، ويا مال الشام، وموشحات، يا شادي الألحان، وابعتلي جواب، وآه يا حلو.

لحن صباح فخري وغنى قصائد عربية جيدة لأبي الطيب المتنبي وأبي فراس الحمداني ومسكين الدارمي، كما غنى لابن الفارض والرواس وابن زيدون وابن زهر الأندلسي ولسان الدين الخطيب. كما لحن لشعراء معاصرين مثل فؤاد اليازجي وأنطوان شعراوي وجلال الدهان وعبد العزيز محي الدين الخوجة وعبد الباسط الصوفي. وغنى في كثيرٍ من المهرجانات العربية والدولية.

شغل مناصب عدة منها نقيب للفنانين السوريين ونائب رئيس اتحاد الفنانين العرب وسفير الغناء العربي.

اتهم ابن صباح فخري أنس بالإساءة لوالده من خلال ظهوره في حفلات وقد بدا عليه أنه هزيل وصوته ضعيف نتيجة الشيخوخة ولا يقوى على الحركة، والكثير علّق بأن مكان الفنان صباح فخري منزله وليس المسرح حفاظًا على مسيرته الفنية الرائعة. في عام 2019 ألّفت الكاتبة السورية شذى نصار كتابًا عن سيرة حياة صباح فخري تحت عنوان “صباح فخري سيرة وتراث”.

يعد صباح فخري واحدا من أعلام الغناء العرب، اشتهر في أنحاء الوطن العربي والعالم وفي السجلات العالمية للمطربين كواحد من أهم مطربي الشرق. أقام صباح فخري حفلات غنائية في بلدان عربية وأجنبية كثيرة وطاف العالم وتربّع على عرش فن الغناء والقدود الحلبية.

وشغل صباح عدة مناصب، حيث انتخب نقيبا للفنانين ونائبا لرئيس اتحاد الفنانين العرب ومديرا لمهرجان الأغنية السورية.

وحطم فخري الرقم القياسي في الغناء عندما غنى في مدينة كاراكاس بفنزويلا طيلة 10 ساعات دون انقطاع سنة 1968.