تقرير/ أ ـ ن
تحول العشرات من المزارعين في الساحل السوري وخاصة في بانياس والقرى القريبة من الساحل، من زراعة الخضروات البلاستيكية او المحمية إلى زراعة الفواكه الاستوائية، وهذا الزحف المتزايد على هكذا زراعات يعود في جوهره الى تكاليفها المنخفضة وعوائدها العالية جدا، على الرغم من عدم وجود أي دعم أو إشراف أو متابعة من قبل البلديات ومديريات الزراعة لهذه الفواكه، لكن الحالة تشير إلى التوقعات باحتمالية اختفاء زراعة البندورة أو زراعة الخضروات المحمية الاخر، من جميع مناطق الساحل ببانياس، خلال السنوات المقبلة إذا استمر الوضع على ما هو عليه، بعد أن كانت الأراضي مغطاة بالحديد والنايلون، لكن التكاليف العالية لزراعة البندورة ساهم بابتعاد المواطنين عن زراعتها.
يؤكد بعض المزارعين وأصحاب مشاتل في بانياس، بأن زراعة الفواكه الاستوائية انتشرت بشكل كبيرا وواضح في المنطقة، حيث تعتبر بعض الأصناف باهظة الثمن لكنها تدر أرباحا عالية مقارنة بالخضروات المحمية التي تتطلب تكاليف إنتاج مرتفعة فالأسعار جهنمية، وأسعار البذار كل سنة تزيد أسعارها أضعافا وكذلك الأسمدة والأدوية، هذا اذا توفرت بالصيدليات الزراعية بشكل نظامي، والاضطرار لشرائها من السوق السوداء إضافة للتعب والجهد والمراقبة اللصيقة وسهر بالشتاء والرعب من الصقيع والبرد وصعوبات تأمين التدفئة، مقابل مردود منخفض، من الممكن أن يعادل التكاليف.
وفي السهول القريبة من البحر والتي كانت تزدحم بالبيوت البلاستيكية، أوضح أصحابها بان أكثرية المزارعين ببانياس والسهول المحيطة والقريبة، توجه اكثريتهم وبشكل متسارع الى زراعة الموز والأفوكادو والمانجو، في حين يتخلى العديد منهم عن زراعة الخضروات المحمية، وبعضهم بدأ في اقتلاع أشجار الحمضيات بسبب انخفاض أسعارها الموسم الماضي، حيث كانت لا تغطي حتى تكاليف الإنتاج.
السيد صالح أحد مزارعي البندورة البلاستكية وكان عنده 14 بيت بلاستكيكي، استبدلها جميعها بالزراعات الاستوائية، أوضح قائلا: بالنسبة لمعوقات الزراعة البلاستيكية، غياب اي دعم من مديرية الزراعة وهذا ما شكل التحدي الأكبر سواء بالنسبة للزراعات المحمية أو الاستوائية، التي باتت تحل محل البندورة، المحصول الرئيسي في بانياس وتوزع على جميع مدن الساحل السوري، وفيما يتعلق بأسعار الفواكه الاستوائية، ذكر السيد صالح أن هذه الفواكه مطلوبة بكثرة من قبل الفنادق والمطاعم، ويتم شحنها إلى دمشق، حيث وصل سعر كيلوغرام الأفوكادو إلى 75 ألف ليرة، والليتشي إلى 300 ألف ليرة، بينما بلغ سعر المانجو 45 ألف ليرة.
السيد أصف وهو مزارع بندورة سابقا قال: لا يوجد دعم حكومي للفلاح سواء بالنسبة للمازوت أو الأسمدة أو المبيدات، إضافة إلى ارتفاع أجور اليد العاملة للقطاف أو الأمور الزراعية لحوالي 140-150 ألف ليرة، ونتيجة هذه التكاليف العالية توقفنا عن زراعة البندورة.
الخبيرة الاقتصادية ميادة بينت قائلة: إن البندورة والبطاطا والخيار والكوسا والفاصولياء البلاستيكية وزراعات أخرى، لم تعد تزرع في سهول بانياس بسبب تحول الفلاحين إلى زراعات أقل تكلفة مثل الموز والفواكه الاستوائية، محذرة من أنه قد لا يتبقى أي حبة بندورة في فصل الشتاء بالسنوات القادمة، وأضافت أن زراعة الفواكه الاستوائية حققت بعض النجاح في بانياس والساحل السوري، مما شجع المزارعين على التحول إلى هذه الزراعات، لكن يبقى السؤال حول مدى قدرة هذه الزراعات على تحقيق الاستدامة والاستقرار على المدى الطويل.
وأوضحت: أن زراعة نباتات خارج بيئتها الطبيعية قد يؤدي إلى زيادة التكاليف وقصر عمرها الإنتاجي، لكن في حال تأقلمت مع البيئة الجديدة، قد تتحسن إنتاجيتها، ويجب ان يكون هنالك دور مهم للمديرية ولوزارة الزراعة والمؤسسات البحثية في دراسة هذه الزراعات واختبار ملاءمتها للبيئة المحلية، بالإضافة إلى توعية المزارعين لتجنب المخاطر المحتملة، أن 90% من مزارعي لبانياس وجبلة وسهول طرطوس واللاذقية، تخلوا عن زراعة البندورة، محذرة من تحول سوريا خلال السنوات المقبلة، من دولة مصدرة للمادة إلى مستوردة لها.