لكل السوريين

التنمية البشرية.. وسيلة لحياة أفضل

حاوره/مجد محمد

في خضم نشاط الإنسان اليومي، وتفاعله الدائم مع الناس المحيطين به، يحتاج إلى تنمية قدراته باستمرار، بما يمكنه من القيام بنشاطه وعمله على كافة الأصعدة، فالتنمية البشرية هي تنمية وتطوير قدرات الإنسان وإمكانياته بشكل دائم ومستمر، وذلك بما يمكنه من ممارسة نشاطه المعتاد، وباعتباره أداة وغاية للتنمية، وللتنمية البشرية أسس فكرية تنطلق منها، وشروط ومعايير محددة، ولها آثار تترتب عليها، فالتنمية البشرية هي العملية التي تركز على الإنسان وتسعى لتطوير مهاراته وقدراته ليصل بمجهوده الشخصي لمستوى معيشي جيد.

وللحديث عن هذا الموضوع وبهذا الخصوص عقدت صحيفتنا حواراً مطولاً مع الأستاذ طارق الملا، مدرب التنمية البشرية في مركز أجيال، ودار الحوار التالي:

*أستاذ طارق مرحباً بك بداية، التنمية البشرية انتشرت مؤخراً في العالم بصورة رهيبة، على ماذا يعتمد مفهوم هذه التنمية؟

أهلاً بك، يقوم على أن البشر هم الثروة الحقيقية للأمم، وأن التنمية البشرية هي عملية توسيع خيارات البشر، حيث أنها لا تنتهي عند تكوين القدرات البشرية كتحسين الصحة، وتطوير المعرفة والمهارات، بل تعتمد إلى أبعد من ذلك من حيث الانتفاع بها سواء في مجال العمل من خلال توفر فرص الإبداع، والتمتع بوقت الفراغ، والاستمتاع باحترام الذات وضمان حقوق الإنسان، والمساهمة في النشاطات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية.

*في خضم ما تحدثت عنه، ما هي أهداف التنمية البشرية؟

أهداف التنمية البشرية كثيرة جداً ولا حصر لها، ومنها توفير الوسائل الضرورية التي تسهل على الناس في المجتمع الواحد الحصول على فرص التعليم الصحيح، والعمل المستمر من أجل محو الجهل والأمية في المجتمعات كافة والعمل من أجل الحد من ظاهرة البطالة والسعي للحصول على فرص عمل مناسبة في كل من المناطق الحضارية والمدن الكبيرة والمناطق الريفية البسيطة، وكذلك العمل من أجل تطوير الرعاية الصحية، وتقديم العون والمساعدة الصحية والطبية للأطفال والمحتاجين والمسنين والسعي وراء تحسين المستوى المعيشي للفرد، وتوفير جميع الاحتياجات الضرورية له، والحد من انتشار الجوع، وزيادة معدلات التغذية، وأيضاً تحسين ثقة الإنسان بنفسه، وشعوره بكفاءته الذاتية، لتحسين صورته عن ذاته، وذلك ليشعر بالنمو والارتقاء الشخصي وتحسين مهارات الفرد الشخصية والمعرفية لرفع معنوياته، وتأمين الاستقرار النفسي له، والتعرف على مواهب الإنسان وتنميتها كالحفظ، الذاكرة، الرسم، فن الإقناع، فن الطهي، والفنون اليدوية، كما وتهدف أيضاً إلى تحسين أداء الفرد في العمل، وتدريبه على فن إتقان العمل، وذلك عن طريق تنمية الخبرات العملية لديه وصقلها واستبدال المعتقدات الضارة للإنسان بمعتقدات مفيدة ،كالاعتقاد بأنك قادر على النجاح والتخلص من الاعتقاد بأن النجاح صعب أو مستحيل واستبدال العادات الضارة بعادات مفيدة مثل المحافظة على الوقت، احترام المواعيد، الابتعاد عن التسويف، إتقان العمل، والتعاون مع الزملاء وتنمية الصفات الإيجابية والحميدة في الإنسان كالصدق، الإيمان، الثقة بالنفس، حب العمل، الصبر، المثابرة، الرضا، هدوء الأعصاب، والكرم.. وغيرها الكثير.

*ما هي مجالات التنمية البشرية؟

التعليم والتدريب ليتأهل الأفراد للمشاركة في سوق العمل والحصول على وظائف تناسب مهاراتهم وميولهم و مجال الصحة لأن الصحة تحدد مقدار المشاركة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق المساواة بين الذكور والإناث في جميع المجالات لاسيما التعليم والصحة والسياسة والاقتصاد، وكذلك التنمية الاجتماعية بالاهتمام بتحقيق التوافق في العلاقات الاجتماعية وإكساب الفرد مهارات التواصل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية لأنها تركز على توفير الفرص الاقتصادية للجميع وتعزيز النمو الاقتصادي وإنشاء فرص عمل وتعزيز ريادة الأعمال، وأيضاً تركز التنمية البشرية على نيل الإنسان كافة حقوقه المنصوص عليها دولياً مثل العيش بكرامة، والمساواة، والتعليم، والتمتع بالصحة الجيدة، والحرية الدينية، والحرية السياسية وغيرها، وتهدف التنمية البشرية إلى تشجيع المشاركة المدنية والديمقراطية من خلال عملية تمكين المجتمعات.

*دوماً ما نعتقد أن التنمية البشرية هي تعزز الثقة بالنفس، ما رأيك؟

نعم، فالتنمية البشرية هي تطوير الذات وجميع جوانب الحياة لدى الفرد، وذلك من خلال تقديم الأدوات وتعريفه بالوسائل الموصلة للنجاح، فالتنمية البشرية تساعد الإنسان على الاستفادة من الطاقة الكامنة بداخله وتوظيفها بشكلها الصحيح الذي يجعل منه منافساً على المستوى العالمي، ودائما في جميع دورات التنمية البشرية أبدأ بكلمات مفتاحية وهي: في داخلك إنسان، إنسان قادر على كل شيء، قادر على الخوض والمجابهة، قادر على الحب والعطاء، قادر على العيش بسعادة، قادر على تقبل تحديات الحياة ومواجهتها، داخلك إنسان قادر وأنت من تقيده، فلا تشتك، أطلقه وعش أسطورتك، وغيرها العديد من الكلمات التحفيزية.

*هل يوجد للتنمية البشرية معوقات؟ وما هي؟

نعم، المشاكل السياسية تؤدي لإعاقة عملية سير التنمية البشرية في المجتمعات العالمية، وذلك نتيجة الآثار السلبية لهذه المشاكل كالحروب، الحصار الاقتصادي، وغياب الأمان والاستقرار النفسي للإنسان، وتؤثر الأوضاع الاقتصادية السيئة على سير التنمية البشرية وانتشارها في المجتمعات العالمية، وذلك بسبب الفقر، وتدهور البنى التحتية، وانتشار البطالة، وقلة فرص العمل، وكذلك غياب التعليم والمؤسسات التعليمية يؤثر سلباً على نجاح عملية التنمية البشرية في المجتمعات كافة، وذلك لأن التنمية تعتمد على تعليم الإنسان وتزويده بالمعرفة، وأيضاً إن معاناة المجتمع من بعض المشاكل الثقافية والاجتماعية يعيق وبشكل كبير من نجاح التنمية البشرية ومن أداء دورها الصحيح، وذلك بسبب نشوب الخلافات بين أبناء المجتمع الواحد، بالإضافة لانتشار الجهل والتعصب الفكري.

*إذاً فما هي مقومات التنمية البشرية؟

مقوماتها تتوافر في أربعة أمور وهي التعليم والتدريب والثقافة والاهتمام بوسائل الثقافة الاجتماعية، فبدون التعليم لا يستطيع الإنسان أن يحقق النجاح والأهداف التي يحلم بها، حيث يساهم التعليم في تذليل الصعوبات العديدة التي قد تواجه الإنسان، ويسهل له طريق الريادة والابتكار، لينجح في إثبات نفسه وقدراته في المجتمع الذي يعيش فيه، والتدريب يساهم وبشكل فعال في نقل المهارات والخبرات والأفكار والممارسات التقنية التي يتمتع بها الإنسان من المستوى النظري إلى المستوى التطبيقي، وهذا ما يساهم في دفع الإنسان للعمل والابتكار والاحتراف، لإظهار كافة المهارات التي يمتلكها وصقلها للوصول إلى أهدافه كافة، وكذلك الثقافة العامة تكمل التعليم وهي حجر أساس له، فالشاب المثقف مثلاً يكون مدركاً تماماً لكل الأشياء التي يحتاجها والتي يقوم بها، ولا يتصرف على الإطلاق بطريقة عشوائية وغير منظمة، وعادة ما يعتمد على خطة عمل تساعده على تنفيذ أهدافه والسير في الطريق الصحيح في غضون أشهر محددة ووقت زمني معين.

*ختاماً، في ذات للموضوع كلمة أخيرة لك تحب أن تضيفها، المجال مفتوح لك..

التنمية البشرية دائماً ما تكون محل خلاف في أنظار المجتمع، ودوماً ما تتلقى اتهامات كثيرة، إلا أنه التنمية البشرية هدفها الرئيسي هو تطوير الذات وتحسين القدرات البشرية من خلال دراسة علم النفس واكتساب المهارات الشخصية وتعلم العمل الجماعي وإدارة الوقت وريادة الأعمال وتنمية القيادة، من أجل تحقيق النجاح المهني وتحسين جودة الحياة اليومية.