لكل السوريين

أشعل التوترات بالمنطقة.. اتفاق مثير للجدل بين إثيوبيا وأرض الصومال

وصف رئيس الوزراء الإثيوبي الاتفاق الأخير الذي وقعه مع رئيس جمهورية أرض الصومال بأنه “انتصار دبلوماسي يحقق سعي إثيوبيا المستمر منذ عقود للوصول المباشر إلى البحر دون اللجوء إلى القوة”.

واعتبره قادة أرض الصومال انفراجة في سعيها منذ ثلاثة عقود للحصول على اعتراف دولي.

وأثار الاتفاق غضب دولة الصومال التي ترفض استقلال المنطقة وتعتبرها جزءاً من أراضيها.

وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، قد ألقى خطابا أمام برلمان بلاده في الثالث عشر من شهر تشرين الأول الماضي، تحدث فيه عن “ضرورة وجودية” لوصول دولته إلى مياه البحر الأحمر مرة أخرى عبر ميناء سيادي على ضفافه عن طريق إريتريا أو الصومال أو جيبوتي.

وسرعان ما جاءت الردود الرسمية من الدول الثلاث بالرفض القاطع، حيث تحدث وزير الدولة للشؤون الخارجية في الصومال عن سيادة بلاده المقدسة على أصولها البرية والبحرية والجوية.  في حين قالت جيبوتي على لسان مستشار رئيسها إن سلامة أراضيها ليست محل نقاش، وصدر بيان مقتضب عن وزارة الإعلام الإريتيرية أكد أن إيريتريا لا تعير تلك الدعوات أهمية تذكر.

رفض صومالي صارم

قالت الحكومة الصومالية في بيان إنها “تعتبر هذا العمل عدواناً، وعائقاً أمام علاقات حسن الجوار والسلام والاستقرار في المنطقة التي تعاني بالفعل من الكثير من التحديات”.

وقال رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبد الباري في مؤتمر صحفي “إننا ملتزمون بالدفاع عن بلادنا، فلا يمكن انتهاك حرمة أرضنا وبحرنا وجونا، وسأدافع عنها بكل الطرق القانونية”.

وانتقد الممثل الخاص للرئيس الصومالي في إقليم أرض الصومال، عبد الكريم حسين غوليد، تصرفات الحكومة الإثيوبية المذكورة، ووصف ما حصل بأنه “تجاهل صارخ للمعايير الدولية والأطر القانونية، ويمثل انتهاكا صارخا للسيادة الإقليمية الصومالية”، وحذّر من أن هذا الاتفاق “عمل أحادي الجانب يعرّض الاستقرار الإقليمي للخطر”.

واستدعت الصومال سفيرها لدى إثيوبيا احتجاجاً على الاتفاق، ودعت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومنظمة إيغاد الإقليمية لشرق أفريقيا، للوقوف إلى جانب الصومال للدفاع عن سيادته وإجبار إثيوبيا على الالتزام بالقوانين الدولية.

مذكرة تفاهم أم اتفاق ملزم

مع أن التفاصيل المتعلقة بالاتفاق الذي وقع بين رئيس الوزراء الإثيوبي ورئيس جمهورية أرض الصومال في العاصمة الإثيوبية لا تزال غير معروفة بعد، قالت وزارة خارجية أرض الصومال إن “الاتفاق التاريخي يضمن منفذاً لإثيوبيا على البحر لقواتها البحرية، مقابل اعتراف رسمي بجمهورية أرض الصومال، ما يجعل هذا الاتفاق منعطفاً دبلوماسياً هاماً بالنسبة لبلادنا”.

وقال رئيس جمهورية أرض الصومال إن الاتفاق تضمّن بنداً ينص على أن إثيوبيا ستعترف بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة.

ولكن إثيوبيا لم تؤكد هذا الجانب من الاتفاق المثير للجدل، وقال مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي إنه تم توقيع “مذكرة تفاهم من أجل تأمين منفذ على البحر وتنويع منافذها”.

وقال مستشاره للأمن القومي إن الاتفاق قد يمكّن إثيوبيا من الوصول إلى “قاعدة عسكرية مستأجرة في البحر”، لكنه لم يفصح عن تفاصيل إضافية حول هذا الأمر.

ويرى مراقبون أنه يمكن لمذكرة التفاهم أن تقود إلى اتفاقية ملزمة قانونياً.

إشعال توترات بالمنطقة

يرى مراقبون أن هذا الاتفاق المفاجئ ينطوي على خطر إشعال التوتر في منطقة القرن الأفريقي المتقلبة أصلاً، ويمكن أن يؤثر سلباً على المحادثات المحتملة بين الصومال وجمهورية أرض الصومال، خاصة أن السلطات في الصومال وفي إقليم أرض الصومال الانفصالي، أعلنا مؤخراً عن محادثات ستتم بوساطة رئيس جيبوتي، وهي الأولى من نوعها منذ فشل محادثات عام 2020.

وأشاروا إلى أن جيبوتي لن تكون سعيدة بهذا الاتفاق الذي ستخسر بموجبه التدفقات التجارية الإثيوبية.

وإلى أنه قد يثير استياء مصر والسعودية اللتين لا تنظران بارتياح إلى سعي دولة الإمارات للهيمنة الإقليمية.

وذكروا أن إريتريا وحدها سوف تتنفس الصعداء بعد أن بدا أنها قد حققت أهدافها دون اللجوء إلى السلاح.

وحسب مجلة ذي إيكونوميست البريطانية “العالم يعيش عصراً إذا كان المرء فيه قاسياً ومتهوراً فلا أحد يقف في وجهه”، وقالت المجلة إن آبي أحمد استوعب هذا الدرس منذ فترة طويلة.

يذكر أن جمهورية أرض الصومال قد انفصلت عن الصومال من جانب واحد عام 1991،

ورغم أن لديها مؤسساتها الخاصة وإصداراتها النقدية، لكنها لا تحظى بالاعتراف دولياً.

وتأمل في أن تحذو بقية دول أفريقيا حذو إثيوبيا في الاعتراف بها، لوجود مقر الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، وأن ترضي دولة الإمارات التي يعتقد أنها لعبت دوراً رئيسياً في إنجاز هذه الصفقة، فوجود قاعدة عسكرية إثيوبية في أرض الصومال سيعزز النفوذ الإماراتي في القرن الأفريقي.