لكل السوريين

دمشق وأنقرة وداعش.. “أحداث غويران” تظهر الوجه العدائي تجاه شمال وشرق سوريا، وقسد أفشلت المخطط الكبير

في الـ 20 من الشهر الجاري شن مرتزقة خلايا داعش هجوماً على سجن الصناعة في غويران الذي يحوي ما يقارب 5000 مرتزق داعشي في مدينة الحسكة بتفجير سيارة ودراجة مفخختين أمام باب السجن في محاولة منهم لتسهيل فرار المرتزقة من السجن.

وعلى الرغم من أن السجن شهد خلال السنوات الماضية الكثير من حركات “تمرد السجناء”، إلا أن تفاصيل الحادثة التي استهدفته في الساعات الماضية تعتبر الأولى من نوعها، من حيث التخطيط أولا وطريقة التزامن اللافت ما بين الداخل والخارج ثانيا.

وبدأت القصة، بتفجير خلايا داعش سيارة مفخخة بالقرب من السجن، في منطقة تضم العديد من الصهاريج المحملة بالمحروقات.

وبعد ذلك وبالتزامن مع الانفجار الذي أدى إلى اشتعال عدد من الصهاريج بدأ السجناء تمردا داخل المهاجع التي يحتجزون فيها، حيث أقدموا على حرق الأغطية والمواد البلاستيكية، في محاولة لإحداث الفوضى، بحسب بيان نشرته “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تسيطر على المنطقة هناك.

وعلى إثر الحادثتين المذكورتين دارت اشتباكات ما بين قوات سوريا الديمقراطية والأسايش من جهة ومرتزقة داعش من جهة أخرى. وحاول المرتزقة اقتحام البوابة الشمالية والغربية للسجن.

وقال المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية، إن 13 من مرتزقة (داعش) هاجموا سجن الصناعة في الحسكة، قتلوا خلال عمليات دقيقة نفذها مقاتلو قسد، ليرتفع عدد قتلى التنظيم إلى 35 عنصراً.

وداهمت قسد مواقع محددة لملاحقة المهاجمين الذين فروا إلى الحي. وقالت قسد إن الاشتباكات أسفرت عن مقتل 22 مرتزقا من داعش.

وذكر المركز، أن مقاتلي قسد يتعاملون مع خلايا إرهابية حاولت مؤازرة عناصر داعش المحاصرين في القسم الشمالي في السجن انطلاقاً من حي غويران.

وشددت قسد على أنها تقاتل بدقة عالية لمنع المهاجمين من الإفلات من العقاب.

وجاء موعد الأحداث التي جرت في الحسكة بالتزامن مع ذكرى تأسيس الإدارة الذاتية وذكرى هجمات الاحتلال التركي على عفرين المحتلة.

تركيا تفتتح الجبهات لتشتيت القوات

تزامن الهجوم الذي نفذته خلايا إرهابية على سجن غويران بقيام دولة الاحتلال التركي بفتح كافة الجبهات في مناطق التماس مع قوات سوريا الديمقراطية.

وفي عين عيسى؛ تعرضت أربعة قرى من أرياف الناحية لقصف عنيف منذ اليوم الأول لبدء الأحداث في سجن الحسكة، وأدى القصف إلى استشهاد 4 مدنيين، لقوا حتفهم جراء قصف مرتزقة الجيش الوطني على القرى المأهولة بالسكان.

وتبعها بيومين إصابة طفلين وامرأتين في القصف التركي المكثف الذي طال قرية عليمات غرب عين عيسى.

والمصابين وهم: نبيل الطالب (عامان)، رغد علي (١٥ عاماً)، سها عيسى الفياض (٢١ عاماً)، براء عمر حسين (18 عاماً)، مبيّنة أن إصاباتهم حرجة، ونقلوا على إثرها إلى مشفى في مدينة الرقة.

وشنت مرتزقة الجيش الوطني قصفا مكثفا بالأسلحة الثقيلة على الطريق الدولي M4 وقرى هوشان، ودغيليب، والخالدية، ودبس، ومعلك في الريف الغربي لناحية عين عيسى، وبلدة الهيشة وقرى فاطسة، والمشيرفة، وجهبل في الريف الشرقي للناحية.

ولم يقتصر الأمر على خطوط التماس في عين عيسى فقط، حيث استهدفت طائرة مسيّرة تركية قوات المجلس العسكري في تل تمر بريف الحسكة أثناء توجهها لمؤازرة القوات العسكرية في مواجهة خلايا داعش في مدينة الحسكة.

دمشق توجه إعلامها صوب قسد

مع بدء الهجوم الذي أجراه مرتزقة داعش على سجن غويران في الحسكة، شن الإعلام الموالي للحكومة المركزية في دمشق حملة إعلامية مكثفة، تزامنت هي الأخرى مع الهجوم الإرهابي التقدم التركي ومرتزقة الجيش الوطني.

ويتضح من خلال جهة الهجوم أن للحكومة السورية دور كبير في التنسيق على أقل تقدير فيها، حيث أن خلايا داعش تمركزوا في مبنى كلية الاقتصاد الواقع ضمن المربع الأمني الذي تسيطر عليه دمشق، قبل أن يدمره طيران التحالف ويقتل المرتزقة المتحصنين فيه.

وفي السياق، قالت وكالة سانا الموالية للحكومة، وفي محاولة منها لتشويه الحقائق إن “جامعة الفرات أعلنت تأجيل الامتحانات الجامعية في كليات محافظة الحسكة إلى موعد يحدد لاحقاً بسبب أعمال الفوضى والشغب التي تمارسها قسد في الحسكة”.

ويتساءل مواطنون أين كانت القوات الحكومية عندما كان داعش يسيطر على الأحياء التي تتواجد فيها سجون المرتزقة حاليا قبل 5 أعوام؟!

وفي السياق، أكد الرئيس المشترك للمجلس التشريعي في إقليم الجزيرة، حكمت الحبيب، أن الهجوم الذي حصل على سجن الصناعة مخططٌ مدبرٌ ومنظم، وأن تركيا ودول كبيرة أخرى تقف وراءه، وعبر عن ثقته في تجاوز هذه “المحنة”.

تطرق حكمت الحبيب في بداية حديثه إلى الخطر الذي يشكله مرتزقة داعش على أمن واستقرار المنطقة، وقال: “إن مرتزقة داعش يشكلون خطراً كبيراً على المنطقة؛ يؤدي إلى زعزعة الأمن والاستقرار، فخطر داعش لم ينتهِ بعد، بل ما يزال يعمل كخلايا نائمة، بدعم من دول في المنطقة، وخاصة تركيا، وعندما نتحدث بأنه تم القضاء على داعش من خلال الحسم العسكري والقضاء عليه ميدانياً، ولكن ما زال تنظيم داعش موجوداً ولا يزال فكره قائماً في العديد من المناطق، وهو يشكل خطورة كبيرة ويهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، ليس في شمال وشرق سوريا وسوريا فحسب، إنما في الشرق الأوسط كله”.

وأشار الحبيب إلى الهجوم الذي حصل على سجن الصناعة في حي غويران بمدينة الحسكة، مؤكداً أنه هجوم مدبّر، وقال: “إن شنّ الهجوم الذي حصل على سجن الصناعة في الحسكة ليس بالأمر السهل، لقد كان هجوماً منظماً وهناك أيدٍ خفية تصل إلى تدخّل دول كبيرة جداً في هذا الموضوع، ونحن بكل تأكيد لاحظنا خلال الأعوام السابقة كيف فتحت تركيا حدودها لدخول إرهابيي داعش من كل أنحاء العالم ودعمهم بشكل مباشر، وعندما خسرت تركيا ووكيلها التنظيم الإرهابي في سوريا؛ تدخلت بشكل مباشر واحتلت مناطق واسعة، وحاولت من خلال حربها الأخيرة بالمسيّرات استهداف العديد من الشخصيات، واتجهت إلى أن خلق الفوضى وضرب استقرار المنطقة من خلال دعمها الواضح والصريح لهذا الهجوم المنظم، وهناك أيدٍ خفية وكل المؤشرات تؤكد أن اللاعب الأساسي لتنظيم هذا الهجوم ودعمه هو تركيا”.

مضيفاً: “هناك من له مصلحة في ضرب الأمن والاستقرار، وقد حدث ذلك عندما حصل الهجوم على سجن الصناعة في الحسكة، كانت هناك قوات من قوى الأمن الداخلي، وتحركت من منطقة تل تمر باتجاه الحسكة لمساندة قوات الأمن الداخلي وقوات سوريا الديمقراطية، فقامت الطائرات المسيّرة بقصف هذه السيارات مباشرة، وهذا مؤشر واضح ودليل صريح على أن تركيا على دراية بهذا الموضوع وهي تعمل لخلق البلبلة وبطرق مختلفة”.

بدوره، كشف مسؤول المركز الاعلامي لقوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي المخطط المشترك لمرتزقة داعش ودولة الاحتلال التركي، قائلاً: “الاستيلاء على الحسكة، وتشكيل خط خلف جبل كزوان ليتحول خط تل تمر كممر كي يلتف مرتزقة الاحتلال التركي حول الحسكة”.

حول تخاذل القوى الدولية، أوضح فرهاد شامي أن مواقفهم أيضاً ستتغير بعد هذه الفترة، وأفاد قائلاً: “توضح جميع البيانات الصادرة عن التحالف أنها تلقي مسؤولية السجن على عاتق قوى الأمن الداخلي. هذه ليست حجة. نحن نستنكر موقف القوى الدولية. في وقت حدث فيه هجوم كبير على السجن، وحاول مرتزقة خطيرين الهروب، ودفعنا الشهداء، لمنع وصول خطر المرتزقة إلى أي أحد، التزمت الكثير من القوى الصمت خلال الأيام الماضية. وهذا محل شك.

واعتبر حزب سوريا المستقبل في بيان له “إن هذه العلاقة العضوية ما بين داعش والمجموعات الإرهابية، والتي تسمى الجيش الوطني، وبمساندة الاحتلال التركي التي تقصف شمال وشرق سوريا في عين عيسى وتل تمر٫ وفي ظل دور مريب للسلطة الحاكمة في دمشق من تبرير هذه الأفعال الإجرامية، يتشاركون بمحاولة إطلاق آلاف الإرهابيين من مقاتلي داعش في سجن الصناعة”.