لكل السوريين

بسبب منطقة الصحراء وحركة بوليساريو خلاف قديم ومتجدد بين الجزائر والمغرب

 

تصاعدت أزمة الخلاف بين الجزائر والمغرب على خلفية دعوة ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة إلى حق تقرير المصير لسكان منطقة القبائل في الجزائر.

ووصفت أوساط سياسية وإعلامية جزائرية ما قام به المندوب المغربي بأنه “سقطة غير محسوبة العواقب” وأشارت إلى أن المغرب يحاول “تصدير مشاكله إلى الخارج” وأن تقرير المصير إنما ينطبق على منطقة الريف المغربي.

بينما اعتبرت أوساط سياسية وإعلامية مغربية ما قاله المندوب المغربي بأنه “دق ناقوس لإعلان الحرب” مع الجزائر باستعمال نفس الأدوات التي تستعملها في حديثها عن “تقرير مصير “الشعب الصحراوي” في الصحراء المغربية.

وكان الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، قد تقدم بورقة إلى حركة عدم الانحياز يدعوها لمعالجة ما وصفه بـ “تصفية الاستعمار في منطقة القبائل” في الجزائر و”تقرير المصير للشعب القبائلي”، ووصف منطقة القبائل بأنها “خاضعة للاستعمار الجزائري”.

وجاءت هذه الخطوة بعد مباشرة الجزائر وجبهة البوليساريو، التي تسعى لاستقلال الصحراء الغربية عن المغرب، ترسيمَ الحدود بينهما.

وأشار المتابعون للشأن المغاربي إلى أن العلاقات بين البلدين دخلت أسوأ فترة لها خلال ثلاثين عاماً، وأعربوا عن قلقهم من أن تؤدي هذه الأزمة إلى قطيعة نهائية بين البلدين الجارين.

تحريض حاقد

اعتبر متابعون متعاطفون مع الموقف الجزائري أن تصرف المندوب المغربي يمكن أن ينسف ما تبقى من أواصر أخوة بين الشعبين الجزائري والمغربي، ووصفوا ما ورد في ورقته بأنه “تحريض حاقد على الجزائر”.

واتهمت الصحف الجزائرية المغرب بأنه يحاول تصدير مشاكله إلى الخارج، و”إخفاء جبهته الداخلية المشتعلة والملتهبة، نظرا للتهميش والإقصاء والحرمان والمضايقات والاعتقالات والانتهاكات التي يتعرض لها المغاربة، لا سيما في الريف المحروم من أدنى شروط وأساسيات الحياة”.

وأشارت إلى أنه “يهاجم مرة أخرى الجزائر، في اعتقاد منه أن بإمكانه زعزعة الاستقرار الداخلي، وهو وسادته يعلمون أن بلادنا أخذت استقلالها بقوة السلاح بعد ثورة عظيمة وصل صداها إلى كل العالم، حيث التحم فيها العربي والأمازيغي والشاوي والترقي والميزابي و…، من أجل استقلال ووحدة شعب يعرف كيف يرد على من يصطاد في المياه العكرة”.

إعلان حرب

اعتبرت الصحف المغربية أن تصريح المندوب المغربي ليس مجرد زلة لسان أو كلام عابر، ولكنه دق ناقوس لإعلان الحرب على النظام الجزائري، باستعمال أدوات ووسائل الحرب التي يستخدمها ضد المملكة المغربية، وهو شعار “تقرير مصير واستقلال الشعب الصحراوي”.

وأشارت إلى أن “طاقة الدولة المغربية على الصبر وتحمل تحرشات النظام الجزائري، ما عادت تنفع للتشبث بالدبلوماسية الهادئة، والاحتكام إلى منطق ضبط النفس والجنوح إلى التهدئة”.

كما أكدت هذه الصحف أنه “ليس هناك في المغرب من هو طامح أو سعيد لأي فكرة لتقسيم الجزائر الشقيقة، عكس النظام الجزائري الذي يعمل على تقسيم التراب الوطني المغربي.

وهو المشروع الذي فشل وسيفشل، لأن المسألة مغربيا مسألة وجود لا مسألة حدود”.

وأوضحت أن وثيقة المندوب المغربي لا تؤشر على حقوق القبائليين الجزائريين فقط، بل تطرح المسألة ضمن مرجعية قانونية لتقرير مصير لا يؤدي بالضرورة إلى التقسيم والتجزئة، وهو حل الحكم الذاتي، الذي نفذه المغرب مع حركة البوليساريو في الصحراء الغربية.

خلاف قديم ومتجدد

يكمن الخلاف بين البلدين حول منطقة الصحراء، حيث تدعم الجزائر حركة بوليساريو الانفصالية فيها، بينما يتمسك المغرب بالإقليم كجزء من أراضيه التاريخية.

وترى الرباط أن تحركات سفيرها الدائم لدى الأمم المتحدة، من أجل حشد الدعم لتقرير مصير شعب القبائل، معاملة بالمثل، مقابل دعم الجزائر المستمر لحركة بوليساريو بإقليم الصحراء.

وفي أواخر السبعينيات من القرن الماضي اندلعت حرب حينما دخلت حركة البوليساريو، في اشتباك مفتوح مع القوات المغربية والموريتانية.

وانتهى النزاع بين موريتانيا والحركة بتوقيع اتفاقية سلام بينهما عام 1979.

واستمرت الحرب بين الجيش المغربي والحركة إلى أن تم توقيع وقف إطلاق النار سنة 1991. وانطلقت جولات مفاوضات ماراثونية بين الرباط وممثلي الجبهة، تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكان نزاع مسلح قد اندلع بين الجزائر والمغرب في شهر تشرين الأول عام 1963، بسبب مشاكل حدودية بينهما، وشملت الحرب المفتوحة ضواحي منطقة تندوف وحاسي البيضاء، ثم انتشرت إلى فكيك المغربية واستمرت لأيام قبل أن تتوقف نتيجة لوساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية.

وقامت المنظمة الإفريقية بإرساء اتفاقية لوقف نهائي لإطلاق النار عام 1964 في مدينة باماكو عاصمة دولة مالي، ولكن هذه الاتفاقية خلفت توتراً في العلاقات المغربية الجزائرية، مازالت آثاره باقية إلى الآن.