لكل السوريين

الباحثة ميرفت إبراهيم في الإعلام والاستدامة:

التعليم يُسهم في بناء المجتمع ومن أهم روافد التنمية وبناء الإنسان

المسؤولية المجتمعية لعبت دوراً كبيراً في حماية البيئة من الأوبئة والأمراض الضارة!

كتابها الأخير تناولت فيه مشكلة الأمن المائي وأمن الطاقة والاقتصاد وترشيد الاستهلاك

 

حوارـ عبد الكريم البليخ

الدكتورة ميرفت إبراهيم كاتبة وباحثة، وحاصلة على  2 ماجستير في الإعلام من جامعة القاهرة، ودراسات عليا تمويل واستثمار، ومتخصصة في الصناعات صديقةً البيئة وأدير مصنعاً لتدوير المخلفات من مواد مستعملة هي الإطارات القديمة التي تلوّث البيئة وتحويلها إلى منتجات نافعة للاستهلاك المحلي والتصدير للخارج، ومؤلفة لكتابين موضوعهما وثيق الصلة بما  طرحتموه  من محاور للحديث، وهي الاستدامة وما يتعلق بها من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، والتي  تتضمن كل قضايا العصر ومتطلباته من  مكافحة الفقر والصحة والتعليم والطاقة وحقوق الإنسان والمرأة والطفل والمسنين، والتغير البيئي وما له علاقة به من أنواع التلوث المتعددة  وما ينتج عنها من غازات دفيئة تزيد من درجة حرارة جو الكوكب، وتسبب الزلازل والبراكين والتسونامي والفيضانات والأعاصير واختراق طبقة الأوزون  والأمراض والأوبئة.

في مؤلفاتها التي صدرت تكلمت عن التعليم والتعلّم وأهميتهما وكيفية استخدام الوسائل والإنجازات العلمية الحديثة كالذكاء الاصطناعي والروبوتات والتحوّل الرقمي، والتعلّم عن بعد، وغيرها.

سألنا الدكتورة ميرفت رشاد إبراهيم، باحثة في الإعلام، وناشطة مجتمعية لذوي الإعاقة، وعضو بالملتقى القطري للمؤلفين، وسفيرة السلام لقطر 2023 والباحثة المتخصصة في الاستدامة.

*ما هو مفهوم المسؤولية المجتمعية؟ لا سيما أنها ما زالت تشكل غموضاً لدى الغالبية من الناس؟

تعد المسؤولية الاجتماعية نظرية أخلاقية تقوم على فكرة أن أي كيان، سواء كان فرداً أو منظمة، يتحمّل المسؤولية تجاه المجتمع بأكمله. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يجب على كل منظمة أو فرد أن يقوم بهذه المسؤولية للحفاظ على التوازن بين الجانب الاقتصادي والجانب البيئي والاجتماعي. فالمسؤولية الاجتماعية ليست مقتصرة على المنظمات التجارية، بل تتعلق بكل فرد وكيف تؤثر أعماله على البيئة. يمكن أن تكون هذه المسؤولية إيجابية عن طريق اتخاذ إجراءات تعزّز أهداف المجتمع مباشرةً، أو سلبية من خلال تجنب الأفعال الضارة.

 

أدوار اقتصادية وخدمية

*ما هو الفرق بين المسؤولية الاجتماعية والمسؤولية المجتمعية؟

أصبح مفهوم المسؤولية المجتمعية من المستلزمات الضرورية حيث العديد من المؤسسات أصبحت تنشئ أقساماً خاصة لها بدوافع ذاتية أو نتيجة لحاجة المجتمع، ولم يعد تقييم المؤسسات في القطاع الخاص والعام يعتمد على ربحيتها فحسب، بل في قدرتها على الإسهام في عملية تنمية المجتمع بشكل عام، بحكم أنها ليست معزولة عن المجتمع الذي تعيش فيه وتنمو وبالتالي فلا بد لها أن تتفاعل معه، باعتبار أنها هي شكل من أشكال التنظيم الذاتي الذي تقوم به للعمل بطريقة اقتصادية واجتماعية تهدف إلى تبني المسؤولية عن أعمال المؤسسة وإحداث تنمية اقتصادية مستدامة، كذلك أصبحت المسؤولية المجتمعية للمؤسسات أحد أهم العوامل المستخدمة لقياس أداء المؤسسات وهو الأمر الذي يسري على جميع قطاعات الإعمال، وتندرج تحت قائمة الواجبات القانونية والطوعية التي يجب على المؤسسات مراعاتها أثناء أداء أعمالها ومعرفة الآثار الناتجة عن أعمالها على البيئة والمجتمع ككل، وعليها وضع الإستراتيجية المناسبة التي تساهم في استمرارية التطوير وتحسين التفاعل مع العملاء، والمحافظة على القيم الأخلاقية باعتبار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة هي أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فالمسؤولية المجتمعية للمؤسسات يظل لها أهميتها بعد ابتعاد كثير من الحكومات من مهامها وجعل هذه المؤسسات تقوم بأدوارها الاقتصادية والخدمية التي صحبتها، من برامج اجتماعية كان ينظر إليها على أنها أمر طبيعي ومتوقع في ظل انتفاء الهدف الربحي للمؤسسات الاقتصادية التي تديرها الحكومات، وإن كانت في كثير من الأحيان تحقق إيرادات وأرباحا طائلة.

 

*ماذا نحتاج للتعليم المستدام؟

الاستدامة مفهومٌ يُطلق على البيئة الحيويّة متنوعة الكائنات الحيَّة، والعوامل الطبيعية التي تحافظُ على وجودها لأطول فترةٍ زمنية ممكنةٍ. وتُعرفُ أيضاً بأنّها: الحفاظ على نوعية الحياة من خلال التأقلم مع البيئة عن طريق استغلال الموارد الطبيعيّة لأطول مدى زمنيٍ ممكنٍ يؤدّي إلى المحافظة على استمرار الحياة. وهي مجموعةٌ من العمليات الحيويّة التي توفرُ وسائل الحياة للكائنات الحية بمختلف أنواعها، ممّا يساعدها في المحافظة على تعاقب أجيالها، وتطوير وسائل نموها مع مرور الوقت.

وتتعدد مجالات الاستدامة لتشمل ثلاثة مجالات: المجال البيئي، المجال المجتمعي، المجال الاقتصادي.

وفي الصعيد البيئي، تهدف الاستدامة البيئية إلى تحسين رفاهية الإنسان من خلال حماية رأس المال الطبيعي، مثل الغلاف الجوي أو التربة، والتركيز على تقليل بصمات الكربون، ونفايات التغليف، واستخدام المياه وتأثيرها العام في البيئة. وعلى الصعيد المجتمعي، فتهدف إلى الحفاظ على رأس المال الاجتماعي من خلال الاستثمار وإنشاء الخدمات التي تشكل إطار عمل للمجتمع، وتشمل محاولات القضاء على الفقر والجوع. وأن يحظى العمل المستدام بالدعم والموافقة من موظفيه وأصحاب المصلحة والمجتمع الذي يعمل فيه.

أما في المجال الاقتصادي، فإن الاستدامة الاقتصادية تهدف إلى الحفاظ على رأس المال سليماً وتحسين مستوى المعيشة للأفراد والمجتمع.

وكذلك تحقيق الاستدامة للمناهج الدراسية التي توضح مفهوم الاستدامة، أو من خلال التوعية الدائمة والمستمرة للطلاب، والتعليم المستدام بدوره يحث على تغيير المعرفة والمهارات والقيم والسلوكيات ليتيح للجميع لأن يكون مجتمعا أكثر عدلاً واستدامة.

 

 

التعليم والتنمية الشاملة

 

*التعليم من أجل التنمية المستدامة؟

يمكّن التعليم من أجل التنمية المستدامة الدارسين على اختلاف أعمارهم من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات والقيم والسلوكيات اللازمة للتصدي للتحديات العالمية المترابطة التي نواجهها، بما فيها تغيُّر المناخ وتدهور البيئة، وفقدان التنوّع البيولوجي والفقر وانعدام المساواة.

وعلينا إعداد جميع الطلاب والدارسين على اختلاف أعمارهم بطريقة تخولهم إيجاد الحلول لصعوبات اليوم والغد. وينبغي أن يكون التعليم قادراً على إحداث تغيير، وأن يتيح لنا اتخاذ قرارات مستنيرة وإجراءات فردية وجماعية من أجل إحداث تغيير جذري في المجتمع.

 

*العلاقة بين التعليم والتنمية الشاملة؟

التعليم والتنمية وجهين لعملة واحدة فمحورهما الإنسان، وغايتهما بناء الإنسان وتنمية قدراته وطاقاته من اجل تحقيق تنمية مستدامة بكفاءة وعدالة تتسع فيها خيارات الحياة أمام الناس.

ويعدّ التعليم من أهم روافد التنمية وعناصرها المختلفة.. فالمجتمع الذي يحسن تعليم وتأهيل أبنائه ويوفر الموارد البشرية القادرة على تشغيل وإدارة عناصر التنمية، يساهم في بناء مجتمع قوي سليم يسوده الأمن الاجتماعي والاستقرار السياسي والاقتصادي.

ومن هنا ندرك أهمية العلاقة بين التعليم والتنمية المستدامة والتي تمثل (التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية والتنمية البيئية)، لا تستطيع التنمية أن تحقق أي خطوة إلا إذا توفرت القوى البشرية المؤهلة، وبالتالي فإن عملية التعليم أو التعلّم بالأحرى هي أساس عملية التنمية المستدامة.

فالتعليم يجب أن يكون من أولى اهتمامات الحكومات باعتبار أنه رافد حقيق للحياة العامة التي نعيشها، ويسهم في التدريب والتطوير التي نسعى إلى أن تأخذ مكانها بشكلها الصحيح.

 

*وعن أهمية إدارة النفايات والصناعات صديقة البيئة، وكيف تنظر إلى حل هذه المسألة؟

النفايات هي المخلفات الناتجة عن الأنشطة البشرية اليومية المنزلية والبلدية والصناعية والزراعية والتجارية والهدم والإنشاءات والتي تسبب أضراراً وتلوثاً للبيئة والصحة العامة، وتحظى باهتمام من الجهات الرسمية في دولة مثال قطر لتقليل آثارها على الصحة والمظهر الحضاري للدولة خاصة أن كمياتها تزداد بسبب الزيادة السكانية، وارتفاع المستوى المعيشي بسبب زيادة النمو الاقتصادي للدولة.

 

الاهتمام بالبنية التحتية

ويعتبر وجود النفايات خطراً على الإنسان والبيئة والمظهر الحضاري للدولة، وذلك بسبب شغلها أماكن كبيرة، وتحللها وتلوثها وإفراز روائح كريهة وسموم تضرّ التربة والمياه، وبالتالي صحّة الناس ونظافة البيئة، ويفيد تدويرها في المحافظة على الموارد الطبيعية والاستفادة منها في تحويلها لأسمدة عضوية، وتستخدم في كثير من البلدان في استخراج غازات تستخدم في إدارة محطات توليد الكهرباء، وكذلك تحويل المخلفات مثل الإطارات المستخدمة والبطاريات إلى منتجات نافعة مثل المطاط الإسفنجي والإسفلت المطاطي الذي يقلل حوادث الطرق، وتستخدم في سد الاحتياجات المحلية أو تصديرها للخارج، كما توفر فرص عمل جديدة تكافح البطالة.

إن النفايات الضارة بالإنسان والبيئة، ذات السمية والتآكل والقابلية للاشتعال، تنتج من نفايات القطاع الصناعي، وقطاع النفط والنفايات الطبية والحيوية والكيميائية وغيرها، وقد بلغ نصيب الفرد من النفايات الخطرة عام ٢٠٢٠م حوالي ٢٨،٨ كجم للفرد ويتناقص هذا المعدل سنوياً الآن، ويفيد معالجة النفايات الخطرة في تغيير خواصها لتصبح أقل خطورة ليمكن التعامل معها واستخدامها بأمان، وخلال عام ٢٠٢٠م، تم التخلّص من النفايات الخطرة بنسبة ٤٩٪ عن طريق إعادة التدوير، وبنسبة ٣٧،٨ ٪ عن طريق الطمر، وتم حرق نسبة ١٣،٢ ٪ الباقية.

وعن رفع مُستوى الوعي الصحّي للمُجتمع، ودوره من خلال التعاون المثمر بين المؤسسات الرسمية والشعبية، أكدت:

إن الاهتمام بالبنية التحتية من ساحات وحدائق وشواطئ ووسائل نقل، ومعدات وأجهزة رياضية متوفرة، كل ذلك ساهم في الحد من انتشار الأوبئة بالتعاون مع الجهات الرسمية، فضلاً على ممارسة الرياضة، فالعقل السليم في الجسم السليم، وقد نصَّت مقاصد الشريعة الخمسة، على حفظ الدين والنفس والعقل والنسب والمال. وفي هذا العصر الذي نعيش، تضيف:

إنَّ وسائل الراحة، ووسائل التواصل الاجتماعي، سواء منها الصالح أو غيره، وتنوع الأغذية من وجبات سريعة، ودسمة وما فيها من مواد حافظة وتلوث، وذلك مع قلة وانعدام الحركة والجلوس مشدودان لساعات طويلة أمام وسائل التواصل، التي تكون في كثير منها ضارة، فتزيد الأمراض مثل: السكري والبدانة والضغط والكوليسترول، وغيرها من الأمراض المُتعددة التي تُصيب الإنسان، وتكون تكاليف علاجها عبئاً مادياً على الفرد والمجتمع، خاصة كبار السن والأطفال، ناهيك عن آثار التغير البيئي المُناخي التي تؤثر بالسلب على صحة الإنسان، فالبيئة الصحية والهواء الخالي من التلوث ضرورة للصحة السليمة، وكذلك لا بد من الممارسة المُنتظمة للرياضة بصفة يومية، وليس كل عام، حيث إن للرياضة فوائد عديدة لصحة الجسم، فهي تنشط الدورة الدموية، فتحريك كافة أعضاء الجسم يساعد في تدفق الدم جيداً، وينتظم التنفس، وتقوى العضلات، والعظام، والاحتفاظ بجسم رشيق، وذلك باتباع نظام غذائي صحي.

وعن كتابها الأخير الذي تتحدث فيه عن مشكلة الأمن المائي، وأمن الطاقة، والاقتصاد وترشيد الاستهلاك في الاستخدام، وأن أستكمل ما كتبت عنه سابقاً، وسبق أن حازت على جائزة أفضل مؤلف، وأعني المسؤولية المجتمعية، ودورها الاجتماعي الهام، في هذا الوقت الذي تكثر فيه الأزمات والعنف والتعصب والتطرف والجريمة المنظمة والتجاوزات الأخلاقية، التي تهدم المجتمعات وغير ذلك من سلوكيات شاذة ومنافية لقيمنا وديننا ومبادئنا، مثل: زواج الشذوذ، وإباحة الإجهاض والتحرش والاغتصاب.