لكل السوريين

طهران تقطع المياه عن العراق وأنقرة تسعى لتعطيشها

 

تشن كل من تركيا وإيران حرب مياه على العراق منذ عقود، مما تسبب بدمار آلاف الهكتارات الزراعية في بلاد الرافدين.

وكادت هذه الحرب أن تضرب عصب الحياة الزراعية فيها، إضافة إلى تداعياتها على الثروة الحيوانية، ومخزون المياه الاستراتيجي أيضاً.

ومع أن المياه التي ترد من إيران إلى العراق قليلة نسبياً، باعتبارها روافد قصيرة، ولوجود سدود وموانع جبلية كثيرة في إيران تخفف من وصول هذه المياه إلى العراق، إلّا أن قطع إيران لمياه “نهر الزاب” الأسفل، جعل مخزون المياه في “سد دكان” يسجل انخفاضاً غير مسبوق.

كما شهدت مناسيب نهري دجلة والفرات، تناقصاً مستمراً بعد أن باتت ورقة ضغط سياسي تستخدمها أنقرة للضغط على بغداد من أجل الحصول على تسهيلات تجارية، مما تسبب في القضاء على آلاف الهكتارات الزراعية وهجرة الفلاحين لأراضيهم.

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، يتسبب انخفاض مليار لتر مكعب واحد من المياه بخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، في حين تخسر العراق آلاف المليارات المكعبة سنويا بسبب الحرب المائية التي تشنها عليها كل من أنقرة وطهران.

إيران تقطع المياه

أعلنت بغداد مؤخراً أن إيران “قطعت المياه بشكل تام عن العراق”، ولوحت باللجوء إلى المجتمع الدولي في حال استمر هذا الوضع.

وقال وزير الموارد المائية العراقي إن “الإطلاقات المائية من إيران بلغت صفراً”، وأشار إلى “اتخاذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى” شرقي العراق.

واعتبرت بغداد خطوة إيران الأخيرة تجاوزاً واضحاً لكل القوانين والأعراف التي تنظم حقوق الدول في الأنهار العابرة للحدود.

ولكنها اكتفت بخطوتين شكليتين إلى حد كبير، إذ أرسلت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات الموقعة بين البلدين بشأن المياه المشتركة.

كما أعلن وزير الموارد المائية العراقي أثناء زيارته للمناطق التي أصابها الجفاف جراء قطع إيران للمياه، أن حكومة بلاده ربما تلجأ للمجتمع الدولي للضغط على إيران.

في حين قلل المراقبون من إمكانية أن تتمكن حكومة بغداد من الضغط على طهران، والتأثير في قرارها الأخير.

وعزز هذا الرأي موقف إيران التي لم ترد على مذكرة العراق.

وتركيا تعطش العراق

أبدت وزارة الموارد المائية العراقية قلقها إزاء المشاريع المائية التركية التي أقامتها على ضفاف نهر دجلة، وما ستعكسه من مخاطر على حصص العراق من مياه النهر.

وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة إن بغداد تأمل في الوصول إلى تفاهمات مع أنقرة بهذا الصدد.

وأعرب المتحدث عن قلق بلاده من المشاريع التي أقامتها، ومازالت تقيمها، تركيا على النهر، ومنها سد إليسو وسد سيليفان في شمال ديار بكر وسد الجزرة جنوبي سد إليسو.

وأشار إلى أنه “في حال اكتمال كل هذه المشاريع وتنفيذ تركيا لكافة خططها على ضفاف نهر دجلة، سيكون هناك تأثير واضح على واردات العراق المائية من النهر”.

حيث أدى نقص المياه في العراق العام الماضي إلى التوقف عن زراعة الأرز، ودفع مزارعين لهجر أراضيهم، كما شهدت مدينة البصرة احتجاجات طويلة بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.

وكانت تركيا قد شيدت سد إليسو على نهر دجلة الذي يشكل إلى جانب نهر الفرات، شريان الحياة بالنسبة للكثير من العراقيين، إذ يغذي النهران الكثير من محطات تصفية المياه، كما تستخدم مياههما لري المزروعات على طول ضفتيهما.

حاجة العراق للمياه

العراق بلد شبه صحراوي قليل الأمطار، يعتمد في حاجاته المائية على المياه المتدفقة من تركيا وإيران وسوريا، ولذلك فهو بحاجة ماسة لكل قطرة من مياه أنهاره الإقليمية.

وتفيد التقديرات الدولية بأن حاجة العراق من المياه تصل إلى أكثر70 مليار متر مكعب من المياه، يذهب أكثر من ثلثيها إلى القطاع الزراعي المعتمد على الري بشكل شبه مطلق.

وكانت الأنهار والسواقي المائية القادمة من إيران تلبي ثلث حاجة العراق من المياه عبر الروافد الكُبرى، مثل نهر الزاب الأسفل، الذي يغذي بحيرة دوكان التي تتدفق بدورها لتغذي نهر دجلة.

وكان العراقيون يفخرون منذ آلاف السنين بامتلاكهم نهري دجلة والفرات، ولهذا سمي العراق منذ عهود غابرة “وادي الرافدين”.

ولكن هذا الوضع تغير كثيراً في هذا الزمن، وباتت التقارير الرسمية تشير إلى أن البلاد مقبلة على أزمة جفاف، وخاصة في محافظاتها الجنوبية التي تتصارع فيما بينها للاستحواذ على مياه النهرين.