لكل السوريين

الجزيرة السورية العليا

محمد عزو

وتسمى أيضاً بالجزيرة الفراتية وشمال شرق سورية، جغرافياً هي تشمل المنطقة الشرقية والشمالية الشرقية من سورية، وهي، محافظات “الرقة”، و”دير الزور”، و”الحسكة”، ومساحة هذه المنطقة تبلغ ثلث مساحة “سورية” ممتدة على أراضي الجزيرة السورية العليا، وبمساحة قليلة من أراضي البادية السورية(الشامية) في كل من محافظة “الرقة” و”دير الزور”، وتمتد من الحدود التركية شمالاً والحدود العراقية شرقاً وحتى حدود محافظة حلب في الغرب، وكل من محافظتي حماة وحمص من الجنوب والجنوب الغربي.

وفي الفترة السابقة على الإسلام كانت أرض الجزيرة الفراتية، مسرحاً لتعاقب حضارات عظيمة لعبت دوراً ريادياً في التاريخ الموغل بالقدم، حيث تعاقبت على أرضها حضارات سجلت حضوراً كبيراً، مثل الحضارة السومرية، والحضارة الآشورية، والحضارة الآرامية، والحضارة الحورية. والحضارة الحيثية، والحضارة الميتانية والميدية، والحضارة الفارسية، والحضارة الإغريقية، والحضارة الرومانية والبيزنطية، والحضارة العربية الإسلامية.

وفي العصرين الأموي والعباسي كانت التقسيمات الإدارية لأرض الجزيرة، تضم كل من: ديار بكر، وديار ربيعة، وديار مضر، وهي المنطقة الواقعة ما بين نهر الفرات ونهر دجلة، وتسمى الجزيرة السورية العليا.

وتجري فيها عدة أنهار وهي: “نهر الخابور”، ونهر “جغجغ”، ونهر “البليخ”. وتصب كلها في نهر “الفرات” كما ويوجد فيها بعض الروافد من أودية كبيرة وأخرى صغيرة. وأرض الجزيرة قليلة الأمطار في “سورية”، إذ أن نحو تلت أراضيها أمطارها بالحد الأعلى تبلغ نحو/250/ مم في السنة، كما أنها الأكبر تطرفاً في درجات الحرارة، فصيفها حار اً وشتاءها يميل إلى البرودة القاسية نسبياً، ولكن دون درجات التجمد، وأرض الجزيرة من الأراضي السورية، حيث أنها تشتهر بزراعة أغلب أنواع الحبوب والقطن، وكافة أنواع الخضروات، وفي منطقة الجزيرة توجد مئات التلال والمدن والمواقع الأثرية التي تعتبر موطن أهم وأقدم حضارات المعمورة.

لقد سكن أرض الجزيرة السورية الآراميون وشيدوا فيها ممالك عظيمة، أسقطتها القوة الآشورية، وبنى فيها الميتانيون مدن عظيمة وقوة صاعدة، أزيحت هذه القوة الميتانية تحت الضربات الحيثية، وشهدت المنطقة هجرات عربية، كما شهدت المنطقة ظهور ممالك سريانية وعربية.

كما أصبحت أرض الجزيرة مركزاً هاماً للمسيحية السريانية في بداية انتشار الدين المسيحي.. وبعد مجيء الإسلام وقعت المنطقة تحت سيطرة الأمويين والعباسيين.

وشهد القرن الثامن عشر الميلادي عودة مجاميع كبيرة من السكان الناطقين بالعربية والسريانية والكردية. إلى مرابع منطقة الجزيرة السورية العليا بحدودها وشكلها الحالي، كما قدمت إليها موجة من العشائر العربية والكردية، وبنوا قراهم مثل: بيازا ليلان، حلوا، خويتلان، تل أريون، عامودا، وقد حدثت بعض المشاكل بين المكونات القومية بسبب سياسة فرق تسد التي نهجتها الدولتين العثمانية ولاحقاً الفرنسية.

وفيما بعد حدثت بوادر سلمية تمتعت بالتعايش السلمي الأخوي ما بين مختلف المكونات القومية في الجزيرة السورية العليا من عرب وكرد وأرمن وسريان، والأمل أن تكون هذه المكونات شعلة الحضارة مرة أخرى في دولة سورية تسودها العدالة والديموقراطية والعيش الحسن.