لكل السوريين

الهداف “مناف رمضان” مارادونا العرب

من اللاعبين المتميزين الذين تركوا بصمات لا تنسى في ميدان كرة القدم السورية، رغم مرور فترة طويلة على ابتعاد مهاجم فذ وهداف من الطراز الرفيع كان يعرف الطريق إلى المرمى وكان يعذّب أفضل المدافعين ويسجل في مرمى ألمع الحراس، كما أنه كان يتمتع بالموهبة والقدرة على تسجيل الأهداف في الأوقات الحاسمة.

وقد فرض نفسه لاعباً له سمعته الكروية كونه كان يمتلك لياقة بدنية عالية وبنيه قوية ومراوغ ذو حنكة في التسديد تألق سريعاً في الملاعب وصنع أسماً كبيراً تغنّت به جماهير الكرة السورية كثيرا، ولمعرفة المزيد عن مسيرة هذا اللاعب الفنان نجد أن مسيرته الكروية بدأت كمثل أقرانه من الأطفال، حيث كان يلعب كرة القدم  في المنزل والمدرسة والشارع وانضم إلى فريق مدرسته الذي كان يشارك في البطولات المدرسية بمختلف مراحلها حتى عام 1981، حيث  انتسب وقتها  إلى نادي سراقب وتدرّج معه في المراحل العمرية.

وأثناء مشاركته في المباريات الودية نال أعجاب بعض الأندية الأخرى وأصبح حديث الكثير من المدربين، الذين كانوا يبحثون عن المواهب لتعزيز فرقهم وعن طريق صديقه تيسير فياض الذي ساعده على الانضمام  لنادي الحرية رغم معارضة ناديه الأصلي سراقب، الذي رفض السماح له بالانتقال لحاجته الماسة لجهوده لكن تدخل فاروق سريه الذي كان يشغل منصب أمين سر اتحاد كرة القدم وقتها نجح بحل الخلاف بين الناديين وسهل موضوع انضمامه رسميا لنادي الحرية في عام 1985.

وفي أول مباراة له بدوري فئة الشباب نجح بتسجيل هدفين في مرمى نادي تشرين،  وفي نفس العام ساهم مع زملائه في تحقيق لقب بطولة الدوري، وأطلق عليه الجمهور لقب “مارادونا العرب” نتيجة المستوى المتألق الذي كان  يقدمه، بعدها تم ترفيعه لفريق الرجال ووصل معهم إلى نصف نهائي كأس الجمهورية وكان هدّاف الفريق في ذلك الموسم، وفي عام 1987 وبعد تميزه في الدوري السوري وتسجيله للعديد من الأهداف الجميلة لفت أنظار الأندية الأخرى عليه فاستقطبه نادي جبلة الذي كان يعد العدة للتربع على عرش الدوري السوري والتحضير للمشاركة في بطولة الأندية العربية التي أقيمت في اللاذقية في عام 1988، واستعدادا للحدث الكبير استقطب عدد كبير من نجوم الدوري السوري في تلك الفترة من أبرزهم :

نزار محروس، عبد القادر كردغلي، مالك شكوحي، سامر حاج عمر، روميو اسكندر، هيثم شحادة، راغد خليل، توفيق مكيس، عبد الحميد الخطيب، ورغم كثرة النجوم في النادي وخاصة في مركز الهجوم إلا أنه استطاع أن يفرض موهبته ومهاراته وإثبات وجوده بعد أن وجد دعما غير محدود من الكابتن رفعت الشمالي مدرب الفريق، الذي أعطاه الفرصة وأشركه كلاعب أساسي في مباريات تصفيات الأندية العربية، وفي أول المباريات سجل هدف جبلة الوحيد في مرمى نادي الرشيد العراقي.

وفي المباراة الثانية ضد فريق الضفتين الأردني سجل هدف أسطوري وجميل جدا بطريقة (الدبل كيك)، وهذا الهدف  شغل وسائل الإعلام لفترة طويلة نظراً للدرجة التي ارتفع فيها عن الأرض والطريقة الفنية التي سجل فيها الهدف مما دفع المرحوم  شيخ الإعلاميين السوريين عدنان بوظو” أن يقول عبارته الشهيرة: “إنه أجمل ما رأيت من الأهداف ، تذكروا هذا اللاعب كثيرا، سيكون له شأن في الكرة السورية.

واستمر باللعب مع نادي جبلة حتى عام 1994 وكان له دور مهم في حصول ناديه بطولة الدوري السوري في عام 1989، وخلال تلك الفترة عرض عليه اليرموك الكويتي اللعب معه ووقع عقدا لمدة موسم واحد لكن لم يستمر معه لأنه تعرض لإصابة، ثم انتقل إلى نادي الجهراء ولعب معه موسماً جيداً، وساهم في وصوله للمباراة النهائية لكأس أمير البلاد وقدم في المباراة أداءً متميزاً مما دفع بطل الدوري القبرصي في ذلك العام لإرسال مبعوثا للتفاوض معه.

وبعد أن تم الاتفاق بمبلغ مقدم عقد قدره 300000” دولار أمريكي وراتباً شهرياً ممتازاً، التحق بالفريق  للمشاركة  بمعسكره التدريبي تحضيرا لبطولة الأندية الأوربية قدم أداء مميزاً دفع المدرب إلى اعتماده كلاعب أساسياً في تشكيلته التي ستشارك في دوري أبطال أوروبا حينها، لكن حدثت مشكلة حرمته من إكمال انتقاله للنادي القبرصي وهي أن النادي الكويتي لم يرسل بطاقة التنازل الدولية في الوقت المناسب مما أجبره على العودة لنادي الجهراء لإكمال مدة عقده معه،

أما عن مسيرته مع المنتخبات الوطنية فقد كان تألقه مع نادي جبلة وتسجيله لعدد من الأهداف الرائعة كانت بوابة انضمامه لمنتخب  شباب سورية الذي كان يستعد لتصفيات كأس آسيا ونجح في التأهل للدور النهائي، وكان له دور كبير في ذلك عندما سجل عدد من الأهداف الحاسمة وفي الدور النهائي فاز المنتخب بأكثر من مباراة، لكنه خرج من الدور ربع النهائي بعد ما خسر أمام منتخب استراليا بالضربات الترجيحية، أما مع منتخب الرجال فقد شارك معه في  نهائيات كأس آسيا عام 1989 ولعب “85” مباراة دولية، وكانت أجمل المباريات  مع الكويت في نهائي كأس آسيا عام “1989 ومع  إيران عام “1994.

أما عن مسيرته التدريبية فبعد اعتزاله اللعب عام 2005 شارك بالكثير من الدورات التدريبية التي أقامها الاتحاد السوري لكرة القدم وتولى تدريب فريق نادي جبلة مرتين الأولى في  عام 2016، والمرة الثانية في عام 2019، كمدرب مؤقت، لكنه لم يستمر طويلا نتيجة بعض الظروف، ومن خلال متابعة مسيرة الكابتن مناف الكروية يبدو أنه مصر على استمرار تواجد ذكر له في ميدان كرة القدم السورية، حيث يتابع ولده الأكبر عمار الذي يسير على خطى والده الذي  يلعب حاليا  بنادي يوفنتوس الإيطالي، وانضم مؤخرا إلى منتخب رجال سوريا ويمتلك مهارات فردية رائعة تؤهله لأن يكون نجما كرويا لامعا في المستقبل القريب.

بقي أن نشير إلى الكابتن مناف هو من مواليد جبلة 1968.