لكل السوريين

أزمة نفسية عميقة في إسرائيل.. وسقوط دعايتها وصورتها الذهنية

تحقيق/ لطفي توفيق

بغضّ النظر عن النتائج التي ستسفر عنها الحرب الهمجية التي تشنّها إسرائيل على قطاع غزة، فقد خسرت دولة الاحتلال صورتها النمطية التي عملت على تسويقها بأنها الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة، وهي تدافع عن وجودها ضد دول متخلّفة ومتوحشة تسعى إلى تدميرها.

وتحولت في نظر العديد من أوساط الرأي العام الدولي بعد حربها الوحشية على قطاع غزة، إلى دولة إجرامية متوحشة تقتل الأطفال والنساء والرجال دون تمييز وتدمر كل شيء.

وعلى الصعيد العسكري، سقطت هيبتها العسكرية بعد عملية طوفان الأقصى بفضل اجتياح المقاومة لغلاف قطاع غزة، واختراقها للتحصينات الهائلة والجدران الفولاذية، وتمكنها من الاقتحام والاستيلاء على المقار الأمنية والعسكرية والاستخباراتية، ومصادرة ما فيها من أسرار ومعلومات.

بينما أثبتت حماس للرأي العام الغربي أنها ليست بالوحشية التي يروّج لها الإعلام الإسرائيلي، ويقول إنها قطعت رؤوس الأطفال واغتصبت النساء.

ولعل مشاهد تبادل الأسرى بين الطرفين شكّل الدليل القاطع على ذلك، حيث كشفت شهادات الأسرى الإسرائيليين المفرج عنهم التي وثقتها كاميرات الصحافة الإسرائيلية والأجنبية، زيف الدعاية الإسرائيلية التي زعمت أنهم تعرّضوا للتعذيب، ودحضت ما روّجت له حكومة الاحتلال وداعموها، بأنهم تعرضوا لمعاملة سيئة عند حركة حماس.

في حين عبّر المشهد على الجانب الإسرائيلي عن انحطاط أخلاقي يرفضه المجتمع الدولي، حيث حرمت القوات الإسرائيلية الأسرى الفلسطينيين المطلق سراحهم في الضفة الغربية من كل حقوقهم، واعتدت عليهم وعلى ذويهم بالضرب، ومنعتهم من التعبير عن مشاعرهم الإنسانية.

أزمة نفسية عميقة

لا تزال أصداء عملية طوفان الأقصى تتردد بقوة داخل المجتمع الإسرائيلي، وتعمّق الآثار النفسية التي خلّفتها العملية وما أعقبها من عدوان إسرائيلي وحشي على قطاع غزة، مما جعل هذا المجتمع يعاني من أزمة نفسية عميقة لن يتجاوزها بسهولة.

وفي هذا السياق، ذكرت مؤسسة “مكابي للخدمات الصحية” أن عدد وصفات المهدئات الطبية والأدوية النفسية الخاصة بعلاج الاكتئاب ومضادات القلق والصدمات ارتفع بنسبة 20% خلال شهر تشرين الأول الماضي، مقارنة بالشهر الذي سبقه، فيما صرحت كبيرة أطباء الأمراض النفسية في المؤسسة ذاتها أنه “ليس كل من يزور الطبيب سيغادر بالضرورة بوصفة طبية، هناك الذين تكفيهم إحالة للعلاج عبر الهاتف، وهناك أولئك الذين سيُوجَّهون لاستخدام المهدئات الطبيعية”، الأمر الذي يعني أن العدد الفعلي لمن يمرون بأزمة نفسية في المجتمع الإسرائيلي يفوق كثيرا تلك النسبة المعلنة.

كما ساهمت الأزمة في استدعاء نبوءة الزوال التي تعتبر جزءاً من مشاعر الخوف المتجذرة داخل المجتمع الإسرائيلي، فيما يسلط خوف اليهود الدائم من “الإبادة الجماعية” الضوء على الكيفية التي تنظر بها إسرائيل إلى العالم، وكيف ترد على التهديد بحلول عنيفة مثلما يجري في عدوانها الوحشي على قطاع غزة.

سقوط الدعاية الصهيونية

أكّد الأسرى الذين شملتهم عملية التبادل، أنهم عوملوا بشكل إنساني من قبل المقاومة الفلسطينية على عكس ما كانت تروج له دعاية الاحتلال.

وأكدت الشهادات التي رواها أقارب الأسرى المفرج عنهم لأحد المواقع الإسرائيلية أنهم لم يتعرضوا “لأي معاملة قاسية في قطاع غزة”.

ونقل موقع “واي نت” أحد أشهر المواقع الإخبارية في إسرائيل عن أحد الأسرى قوله “كنا في الأنفاق وكنا نعيش في خوف من أن تكون إسرائيل، وليس حماس، هي التي ستقتلنا”.

وشدد تقرير الموقع العبري على أن الأسرى “لم يمروا بقصص الرعب التي كان الإسرائيليون يتخيلون أن الأسرى في قطاع غزة يعيشونها”.

وأثنت أسيرة إسرائيلية مفرج عنها على حسن المعاملة التي تلقتها من حراسها خلال أسرها،

وقالت تشين ألموغ غولدشتاين في حوار لها مع قناة إسرائيلية “كنت ألعب مع أبنائي، وابنتي أغام كانت تمارس الرياضة طوال الوقت”.

بينما كشفت المسنة يوخفد ليفشيتز في مؤتمر صحفي بأحد المستشفيات الإسرائيلية، عن أن عناصر المقاومة الفلسطينية الذين احتجزوها وأسرى آخرين، وفروا لهم المأكل والمشرب خلال فترة احتجازهم.

وقالت “كان يأتينا طبيب كل بضعة أيام ليتابع حالتنا وكان حريصاً على توفير الأدوية لنا، وكنا نأكل الخبز مع الجبن الأبيض والخيار تماما مثلما يأكلون”.

وحول مصافحتها لعناصر المقاومة الذين رافقوها أثناء الإفراج عنها، قالت إنها فعلت ذلك لأنهم “عاملوها وباقي الأسرى بشكل جيد واهتموا بجميع احتياجاتهم”.