لكل السوريين

الأزمات الاقتصادية تُجبر السوريين على التخطيط للوجبات اليومية

تقرير/ بسام الحمد

مع تتالي الأزمات الاقتصادية التي تعصف بالبلاد وارتفاع الأسعار يوما بعد يوم، العائلات في حمص تمتنع عن الشراء، حيث قرر معظمهم تقليص احتياجاتهم إلى النصف أو الربع في ظل ارتفاع أسعار السلع التي تجاوزت قدرتهم على الشراء.

وتدخل الأزمة في سوريا هذه الأيام عامه الـ 14، وعلى الرغم من أن مستويات المواجهات في جميع أنحاء سوريا أصبحت منخفضة مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سنوات قليلة فإن الأزمة التي تمر بها البلاد تبدو بعيدة عن خط النهاية

تشير أحدث التقديرات الأممية إلى أن عدد السكان في سوريا يبلغ نحو 23.46 مليون نسمة، منهم نحو 7.25 ملايين نسمة تقريبا يعيشون حالة نزوح داخلي، ونحو مليونين من هؤلاء النازحين يعيشون في مخيمات.

وتؤكد تقارير الأمم المتحدة أن نسبة واسعة جدا من البنية التحتية الأساسية لسوريا لا تزال مدمرة، وأن نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، كما لا يزال ملايين السوريين يعيشون حالة النزوح داخليا (قرابة 31% من إجمالي السكان)، ويعانون من نقص وفقدان الوثائق المدنية، فضلا عن نقص وفقدان أو تلف وثائق الإسكان والأراضي والممتلكات.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إن ما يقارب 7.5 ملايين طفل سوري يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية، وإن أكثر من 650 ألف طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية المزمن.

ومع التدهور في قيمة الليرة السورية، حيث وصلت لنحو ١٤٥٠٠ ليرة مقابل الدولار الواحد في أسواق الصرف السوداء، ارتفعت بموجب ذلك الأسعار من كل حدب وصوب، ما يزيد الأعباء المعيشية التي يبدو أنها وصلت إلى ذروتها في الوقت الحالي، حيث إن لجوء العائلات السورية إلى طرق جديدة للاحتيال والتعايش مع موجة الغلاء هذه، دليل على مدى تدهور الأحوال المعيشية.

على إثر ارتفاع الأسعار بشكل كبير مؤخرا، باتت حركة الأسواق السورية شبه معدومة، ويرتادها من يرغب في شراء حاجاته الضرورية كالسلع الغذائية الضرورية والدواء وبعض المستلزمات الأخرى.

راتب الموظف الحكومي في سوريا يبلغ أقل من ٢٠ دولارا، وهو مبلغ لا يكفي المواطن لمدة يومين، بالنظر إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق. وتُعتبر الرواتب والأجور في سوريا بالعموم، وفي القطاع الحكومي خاصة، منخفضة جدا مقارنة بباقي الدول، لا سيما مع تراجع قيمة الليرة السورية.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل كبير جدا، وما يُثير الدهشة هو أن تسعيرة المواد في تبدّل لحظي ومستمر نحو الصعود طبعا، في ظل غياب أي محاولات وتدخل الجهات المعنية لإطفاء نيران الغلاء المستعرة، وفق العديد من التقارير المحلية مؤخرا.

وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية يبقى الفرد مرتبكا لجهة تأمين احتياجاته طوال الشهر ولاسيما أمام هذه الموجة التضخّمية التي تترافق مع ارتفاع العديد من السلع وعلى رأسها المواد الأساسية التي تعتمد عليها الأسرة، كالمنتجات الغذائية والاستهلاكية الضرورية للمواطن، والطاقة وغيرها.

كما أن ثمة عجز لدى أغلب الأُسر السورية عن كيفية إدارة ميزانية الأسرة لتحقيق التوازن بين الدخل وارتفاع الأسعار، والبدائل التي يمكن أن يستعينوا بها كالاستغناء عن بعض السلع الباهظة التكاليف بطرق منزلية سهلة وموفرة.

فمع غلاء الأسعار في الوقت الحالي يكون الحل المتوازن هو ترشيد الاستخدام والاستهلاك المنزلي؛ حيث يبدأ الترشيد من تنظيم عملية الشراء، على أن يتم التخطيط للوجبات اليومية أو الأسبوعية على حسب عدد أفراد الأسرة، ويتم الشراء وفق العدد، وتغير الأنظمة الغذائية واختيار الوجبات ذات القيمة الغذائية العالية وليس غالية الثمن.

في زمن الاستقرار، كانت ميزانية الأُسرة تتمتع بالتوازن، حيث كانت النفقات محسوبة ومخطط لها بعناية. لكن مع أزمة قرارات الحكومة السورية منذ بداية عام 2020، أدت إلى تفاقم هذه المشكلة الاقتصادية. وأدت تلك القرارات إلى انخفاض قوة الشراء لدى المواطنين السوريين بشكل مدمّر. فما كان يمكن شراؤه بقيمة صغيرة من الأموال قبل عقد من الزمن، اليوم يتطلب مبالغ باهظة تفوق تصوّر الكثيرين.

حاليا يصل متوسط احتياجات الأسرة السورية لضمان استمرارية الحياة وتحقيق الحد الكفافي إلى حوالي مليون و200 ألف ليرة سورية شهريا، مع تضمين وجبتي فلافل بمعدل سندويشة لكل فرد في الأسرة.

لا شك أن أسباب هذا العزوف والتقنين يعود لضعف القدرة الشرائية للمواطن مقارنة بهذه الأسعار التي لا تتناسب إطلاقا مع قيمة الرواتب والأجور، وبالتالي يبدو أن السوريين سيضيفون تدريجيا عناصر جديدة إلى قائمة المقنّنات، ولا يُستبعد أن تظهر طرق وعادات جديدة لمواجهة هذا الغلاء.